تواجه لوس أنجلوس واحدة من أخطر الكوارث الطبيعية في تاريخها الحديث، حيث تكافح حرائق ضخمة اجتاحت مناطق واسعة منها مطلع العام الجاري 2025، مخلفة خسائر بشرية ومادية فادحة، في وقت تستعد فيه المدينة لاستضافة سلسلة من الأحداث الرياضية العالمية الكبرى خلال السنوات القليلة المقبلة، بما فيها دورة الألعاب الأولمبية 2028. خسائر غير مسبوقة وتحديات مستقبلية كشفت شبكة سي بي إس نيوز الأمريكية، عن حجم الدمار الذي خلفته الحرائق التي اندلعت في السابع من يناير، إذ تجاوز عدد الضحايا البشريين العشرين شخصاً، في حين طال الدمار أكثر من 12 ألف منشأة، وامتد تأثيرها ليشمل جودة الهواء في المنطقة بأكملها. وتستمر النيران في الاشتعال في منطقتين رئيسيتين، وهما باسيفيك باليساديس في الجانب الغربي من المدينة، وألتادينا المتاخمة لمدينة باسادينا في سفوح جبال سان جابرييل، مما أجبر السلطات على إجلاء آلاف السكان من منازلهم، في خطوة احترازية لحماية الأرواح. وتشير التقديرات الأولية إلى أن عمليات إعادة الإعمار وترميم البنية التحتية المتضررة ستمتد لسنوات، متزامنة مع فترة التحضير للأحداث الرياضية الكبرى التي تنتظرها المدينة، بدءاً من استضافة مباريات كأس العالم 2026، مروراً بالسوبر بول في 2027، وصولاً إلى الحدث الأكبر، وهو دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية 2028. تحديات الألعاب الأولمبية والخطط البديلة تواجه لوس أنجلوس مفارقة مؤلمة، إذ كان منظمو دورة الألعاب الأولمبية 2028 قد قدموا ملف استضافة يعتمد على مبدأ "الحدث بدون بناء"، مستفيدين من البنية التحتية القائمة والمنشآت الرياضية الموجودة، إلا ان الحرائق الأخيرة فرضت واقعاً جديداً يتطلب إعادة بناء وترميم واسعة النطاق. وبحسب ما نقلته سي بي إس نيوز، فإن التكلفة المتوقعة للألعاب كانت تقدر بنحو 6.9 مليار دولار، مخصصة لتطوير وسائل النقل وتحديث المرافق وتحسين البنية التحتية للمدينة، لكن الكارثة الحالية قد تفرض إعادة النظر في هذه الميزانية. ورغم أن الحرائق لم تلحق أضراراً مباشرة بالمنشآت الأولمبية، إلا أن نادي ريفييرا للجولف، المقرر أن يستضيف منافسات الجولف الأولمبية، كان ضمن منطقة الإخلاء، في حين كانت جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA)، المخصصة لإقامة الرياضيين، على مقربة من المنطقة المتضررة. استجابة رسمية وتضامن دولي في مواجهة هذه التحديات، يؤكد بول كيركوريان، المدير التنفيذي لمكتب الأحداث الكبرى في المدينة، أن التركيز الحالي ينصب على التعافي وإعادة البناء، مشدداً على أنه "لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الحرائق ستؤثر سلباً أو تؤخر الاستعدادات للألعاب الأولمبية والبارالمبية لعام 2028". و قد أبدت اللجنة الأولمبية الدولية تضامنها الكامل مع سكان لوس أنجلوس، مشيدة بالجهود الاستثنائية التي يبذلها رجال الإطفاء وقوات الأمن. وتكشف الشبكة الإخبارية عن لقاء مهم جمع كيسي واسرمان، رئيس أولمبياد 2028، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فلوريدا، حيث تم تأكيد الدعم المستمر للمدينة في مواجهة الأزمة الراهنة، والتزام الإدارة الأمريكية بإنجاح الألعاب الأولمبية التي تعود للولايات المتحدة بعد غياب يتجاوز الثلاثين عاماً. تحديات لوجستية وحلول مبتكرة تتصدر قضايا النقل والمواصلات قائمة التحديات التي تواجه المدينة، خاصة مع وعد العمدة كارين باس بتنظيم "أولمبياد خالٍ من السيارات". ويحذر الدكتور ماثيو براون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة يوتا، من أن الكارثة الحالية ستضع ضغوطاً إضافية على موارد المدينة والولاية، خاصة فيما يتعلق بخدمات الشرطة والإطفاء والاستجابة للطوارئ والتحكم في حركة المرور. ويؤكد براون، في تصريحات نقلتها سي بي إس نيوز، أن الألعاب الأولمبية في الولاياتالمتحدة تعتمد بشكل كبير على الموارد المحلية، التي لا تخضع لسيطرة اللجنة المنظمة المحلية. ومع ذلك، فإن المدينة تتمتع بميزة فريدة تتمثل في قدرتها على إيجاد بدائل وحلول مبتكرة لمختلف التحديات، وهو ما يميزها عن غيرها من المدن.