الفن المصري القديم كان ولا يزال مرآةً تعكس تفاصيل الحياة اليومية، ويُظهر ارتباط المصريين القدماء بالطبيعة، والحياة الزراعية، والقيم الإنسانية. ومن بين روائع هذا الفن، نجد لوحة نادرة ومبهرة تُظهر مشهدًا لفلاح مصري يساعد بقرة أثناء الولادة. هذه اللوحة الفريدة تعود إلى عصر الأسرة الثامنة والعشرين (404 - 398 ق.م)، وهي محفوظة بمقبرة الكاهن الأكبر بتوسيريس في منطقة الأشمونيين (تونا الجبل) بمركز ملوي، محافظة المنيا. تُظهر هذه اللوحة ليس فقط المهارة الفنية، بل تعكس أيضًا تقدير المصريين القدماء لدورة الحياة ودور الزراعة في بناء حضارتهم. في هذا التقرير، نستعرض القصة الكاملة وراء اللوحة، السياق التاريخي لمقبرة بتوسيريس، ودور الكاهن الأكبر في خدمة المعبود تحوت، كما ذكره الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل، المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية. اقرأ أيضًَا | a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4534445/1/%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D9%82%D8%B1%D8%B7-%D8%A8%D8%B7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D8%B0%D9%87%D8%A8%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%85" target="_blank" title="حكاية أثر| "قرط بطلمي ذهبي" قطعة من تاريخ مصر في متحف متروبوليتان"حكاية أثر| "قرط بطلمي ذهبي" قطعة من تاريخ مصر في متحف متروبوليتان 1. لوحة الفلاح المصري: وصف وتحليل فني تُجسد اللوحة مشهدًا إنسانيًا عميقًا يُظهر فلاحًا مصريًا في لحظة تعاون مع الطبيعة. يظهر الفلاح جالسًا بحرص بجوار بقرة على وشك الولادة، معتمدًا على تقنيات قديمة اعتاد المصريون استخدامها في رعاية الحيوانات. تفاصيل اللوحة الموقع: مقبرة بتوسيريس، تونا الجبل، الأشمونيين. التقنيات المستخدمة: نقوش بارزة ورسومات ملونة تُبرز التفاصيل بدقة مذهلة. الرمزية: تُبرز اللوحة تقدير المصريين القدماء للحيوانات الزراعية ودورها الأساسي في حياتهم اليومية. الأبعاد الفنية تميزت اللوحة بتوازن فني رائع، حيث تُظهر البقرة في لحظة توتر وولادة، بينما يبدو الفلاح هادئًا ومترقبًا. هذا التباين يعكس مهارة الفنان في تصوير المشاعر واللحظات الحية. 2. بتوسيريس: الكاهن الأكبر ومكانته في مصر القديمة كان بتوسيريس الكاهن الأكبر للمعبود "تحوت" في تونا الجبل خلال عصر الأسرة الثامنة والعشرين. اشتهرت هذه المنطقة بكونها مركزًا دينيًا وثقافيًا هامًا، حيث كان الإله تحوت يُعبد باعتباره رب الحكمة والكتابة. دور بتوسيريس في المجتمع كان بتوسيريس شخصية محورية في تونا الجبل، حيث أشرف على الطقوس الدينية وخدمة المعبود تحوت. يُعتقد أن المقبرة التي دفن فيها بتوسيريس كانت رمزًا لمكانته الرفيعة، وزُينت بمشاهد فنية تجسد الحياة اليومية والطقوس الدينية. عصر الأسرة الثامنة والعشرين تميزت هذه الفترة بالصراعات السياسية ومحاولات استعادة السيطرة المصرية على أراضيها بعد فترات من الغزو الأجنبي. ومع ذلك، استمر الفن والثقافة في الازدهار، كما يظهر في اللوحات والنقوش التي زينت مقابر تلك الفترة. 3. الأشمونيين (تونا الجبل): ملتقى الحضارات عرفت الأشمونيين عند الإغريق باسم "هرموبوليس ماجنا"، وكانت مركزًا لعبادة الإله تحوت. تضم المنطقة مجموعة من المقابر والمعابد التي تعكس التداخل بين الثقافات المصرية واليونانية. أهمية الأشمونيين كانت الأشمونيين مركزًا دينيًا وفكريًا، حيث جمعت بين تعاليم تحوت والفكر الفلسفي اليوناني. اشتهرت بتقاليدها الزراعية، وهو ما يظهر بوضوح في النقوش والرسومات مثل لوحة الفلاح المصري. مقبرة بتوسيريس تُعد المقبرة واحدة من أهم المعالم الأثرية في الأشمونيين. تتميز برسوماتها الفريدة التي تجمع بين الرموز الدينية والمشاهد اليومية، مما يعكس حياة المصريين القدماء بأدق تفاصيلها. 4. العلاقة بين الإنسان والطبيعة في مصر القديمة كانت الطبيعة محورًا رئيسيًا في حياة المصريين القدماء، حيث اعتمدت حضارتهم بشكل كبير على الزراعة وتربية الحيوانات. تُجسد لوحة الفلاح المصري هذا الارتباط الوثيق بين الإنسان والطبيعة، حيث يظهر الفلاح كمثال على التعاون والرعاية. تقدير الحيوانات في الفن المصري ظهرت الحيوانات في العديد من المشاهد الفنية كمصدر للإلهام والرمزية. كان الفلاح المصري يُنظر إليه باعتباره العمود الفقري للحضارة، ودوره في الزراعة كان مقدسًا. دور البقرة في الثقافة المصرية كانت البقرة تُعتبر رمزًا للخصوبة والنماء. استُخدمت الأبقار في الطقوس الدينية، كما ارتبطت بالعديد من الآلهة مثل "حتحور". 5. الأهمية الثقافية والفنية للوحة اليوم تُعد لوحة الفلاح المصري جزءًا من التراث الإنساني الذي يُبرز مهارة المصريين القدماء في تصوير الحياة اليومية. أهمية اللوحة في الدراسات الأثرية تُساعد اللوحة الباحثين في فهم الحياة الزراعية في مصر القديمة. تكشف النقوش عن تقنيات رعاية الحيوانات وتفاصيل الحياة اليومية التي لا تزال تلهمنا حتى اليوم. عرض اللوحة في المتاحف يُعرض جزء كبير من إرث بتوسيريس ولوحاته في المتاحف المصرية والعالمية، حيث يثير إعجاب الزوار بتفاصيله الدقيقة وجماله الفني. تُعتبر لوحة الفلاح المصري بمقبرة بتوسيريس شهادة حية على عبقرية الفن المصري القديم، وتقدير المصريين القدماء لدورة الحياة والطبيعة. تجمع اللوحة بين الجمال الفني والرسائل الإنسانية العميقة، مما يجعلها واحدة من أروع الأمثلة على التراث المصري. إن دراستها تُسلط الضوء على ارتباط الإنسان بالحضارة والطبيعة، وتجسد روح مصر القديمة التي لا تزال تُلهم العالم حتى اليوم. a href="https://akhbarelyom.com/news/newdetails/4533102/1/%D8%A3%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A-%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%A7" title="أصل الحكاية| يوم أسوان القومي لذكرى افتتاح "السد العالي" وتأثيره على التنمية المحلية والإقليمية"أصل الحكاية| يوم أسوان القومي لذكرى افتتاح "السد العالي" وتأثيره على التنمية المحلية والإقليمية