د. أيمن الرقب بأسلوب النفس الطويل الذى تعودنا عليه من القيادات المصرية أتوقع خلال الأيام القادمة قيام القاهرة بدعوة الفصائل الفلسطينية لاجتماعات طارئة تدخل الهدنة حيز التنفيذ حسب الاتفاق صباح اليوم الأحد التاسع عشر من يناير، إذا لم يعق الاحتلال ذلك. هذه الهدنة بالتأكيد جاءت بعد جهد كبير بذله الوسطاء وخاصة القاهرة التى لم تحبط عندما قررت الدوحة تعليق جهدها نتيجة إحباطها من الطرفين، ثم تراجعت الدوحة عن قرارها وشاركت فى الوساطة مع القاهرة نتيجة معرفتها بنجاح الجهد المصرى واطلاعها بالملف، ثم مارس طاقم الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب وبالتحديد مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف دورا للضغط على الطرف الإسرائيلى وبالتحديد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للقبول بصفقة الهدنة حيث يرغب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب دخول البيت الأبيض وقد انتهى هذا الملف، كل محاولات نتنياهو التهرب من توقيع الاتفاق باءت بالفشل. نصوص هذا الاتفاق ليست بعيدة عن قرار مجلس الأمن 2735 والذى صدر فى شهر يونيو الماضي، والذى جاء بناء على مقترح قدمه الرئيس الأمريكى جو بايدن فى مايو 2024 وقال عنه حينها بأنه مشروع إسرائيلي، وقد أعلنت حركة حماس فى يوليو الماضى قبولها لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2735 إلا أن بنيامين نتنياهو تهرب من ذلك مطالبا بتعديلات فى القرار، بررها الأمريكان بمصطلح سد الفجوات. بعض التعديلات الطفيفة والتفصيلات دخلت على صيغة قرار مجلس الأمن 2735 إلا أنها بمراحلها الثلاث هى ما تم الاتفاق عليه سابقا فى قرار مجلس الأمن وهى نفس المراحل التى قدمتها القاهرة فى فبراير 2024م. المهمة القادمة والجهد الأكبر سيكون على الضامنين فى جمهورية مصر العربية وقطر والولاياتالمتحدةالأمريكية خلال فترة تنفيذ هذه الهدنة بتفاصيلها حيث إن المرحلة الثانية والتى تشمل إطلاق سراح الجنود والضباط الاسرائيليين، والتى سيبدأ التفاوض على تفاصيلها فى اليوم السادس عشر من الهدنة وبالتالى من المهم إكمال التفاوض والبدء فى تنفيذ المرحلة الأولى قبل نهاية فترة الخمسين يوما الأولى من الهدنة حتى لا تنهار الهدنة وهذا وارد، ولضمان تنفيذ بنود الصفقة دعت القاهرة كل الأطراف لاجتماع يوم الجمعة الماضى لتشكيل غرفة عمليات لمتابعة التنفيذ ومعالجة أى عائق طارئ. ولضمان عدم تلكك الاحتلال الإسرائيلى وتهربه من تنفيذ الصفقة كما تم اعتماد خرائطها الزمانية والجغرافية يقع هذا الملف على عاتق الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال المتابعة والضغط على الاحتلال الإسرائيلى لإكمال انسحابه من قطاع غزة قبل نهاية المرحلة الأولى حسب نص الاتفاق ومن ثم الانتقال إلى المرحلة الثانية وبعدها المرحلة الثالثة والتى ستكون هى مرحلة إعادة إعمار قطاع غزة وإعادة ترتيب الأوضاع فى قطاع غزة سياسيا وأمنيا وإداريا وهذه هى الخطوة المهمة التى تحتاج إلى توافق فلسطينى تأخر كثيرا، والذى حاولت خلال الأيام الماضية القاهرة على مدار ثلاثة أشهر مستشرفة القادم تجاوز هذه الأزمة وتشكيل لجنة إسناد مجتمعى من التكنوقراط الفلسطينى يأخذ على عاتقه إعادة بناء وتأهيل قطاع غزة، يبدأ فى البعد الأمنى مرورا فى البعد الإدارى والسياسى ينتهى بعقد انتخابات فلسطينية فى نهاية المرحلة يتم خلالها وضوح المشهد الفلسطينى بشكل عام، وتجديد الشرعيات الفلسطينية بشكل ديموقراطي. وبأسلوب النفس الطويل الذى تعودنا عليه من القيادات المصرية أتوقع خلال الأيام القادمة قيام القاهرة بدعوة الفصائل الفلسطينية لاجتماعات طارئة لوضع آلية لليوم التالى فى قطاع غزة، وهذا يحتاج إلى توافق مع كل الفصائل وكل القوى الفلسطينية لوضع استراتيجية واحدة. مرحلة بناء قطاع غزة وعودته للحياة يحتاج جهد الجميع دون كلل أو ملل، الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة سيحاول تضميد جراحه ليعيد أمله فى الحياة وإعادة ترميم ما دمره الاحتلال وهذا بحاجة لدعم عربى أولا ومن ثم دولي. وفى هذا الصدد كما عودتنا القاهرة ستدعو أيضا لعقد مؤتمر دولى لإعمار غزة، كما حدث عام 2014. هذه الهدنة بجانب وقف المقتلة الكبرى ضد شعبنا الفلسطينى والذى فقد خلالها ما يقرب من سبعة وأربعين ألف شهيد، غير مئات المفقودين وعشرات الآلاف من الجرحى، أوقفت أيضا فكرة التهجير القسرى للشعب الفلسطينى من قطاع غزة والذى تصدت له القاهرة وقال الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى بشكل واضح لن نسمح بشطب القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسرى أو الطوعى للشعب الفلسطيني. الأيام القادمة ستكون صعبة على شعبنا الفلسطينى فى قطاع غزة ولكننا واثقون بأن شعبنا قادر على تجاوز هذه الأزمة.