■ كتب: حسن حافظ من عاش على سرقة الأوطان وقتل الشعوب وإبادة العرقيات لن تكون عملته إلا الأكاذيب، هكذا هو حال عصابات الصهيونية التي تحتل الأرض الفلسطينية العربية، فمع تواصل حرب الإبادة العنصرية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. أطلت علينا حسابات إسرائيلية رسمية تعبر عن فكر العصابات التى تضع عينها على التوسع على حساب الأرض العربية بمزاعم غير تاريخية بأن هذه الأرض فى الأصل ملك للإسرائيليين، فانتشرت عبر المنابر الصهيونية خريطة مزعومة لمملكة إسرائيل القديمة تشمل العديد من الأراضي الفلسطينيةواللبنانية والسورية والأردنية، بما يكشف مسلسل الأكاذيب الصهيونية المستمرة للترويج لما يسمى «إسرائيل التاريخية»، لكن وقائع التاريخ وأدلة الآثار تحبط هذه المزاعم ذات الصوت العالى عالميًا لكنها ليست أعلى من صوت الحق. يعود الحديث دوما عن خرافة (إسرائيل الكبرى)، مع كل توسع استيطانى وهو ما تجلى فى الحرب المجرمة الحالية على فلسطين، والتمدد الإسرائيلى فى سوريا فى أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، وفى تلك اللحظات يعود إلى الظهور فى الإعلام الصهيونى مصطلح (إسرائيل الكبرى)، مع ادعاء رموز التيار الصهيونى النازى بقرب تحقق حلم إسرائيل الكبرى، استنادا إلى قصص توراتية، يعتبرها الكثير من الصهاينة تاريخا، على الرغم من عدم تحقق هذه المملكة فى أى فترة تاريخية بالشكل الذى يتم الترويج له، لنكتشف أننا أمام مشروع استيطانى استعمارى توسعى قائم على احتلال أراضى الغير عبر ترويج مزاعم لا أساس لها من الصحة التاريخية والأثرية. ■ الخرائط المكذوبة لإسرائيل ◄ أباطيل صهيونية وعلى وقع توسعات إجرامية لجيش الاحتلال في لبنانوسوريا والأراضى الفلسطينية، نشر حساب (إسرائيل بالعربية) التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عبر منصة «إكس» خريطة مزعومة لمملكة إسرائيل التاريخية، وأرفق معها منشور جاء فيه: «هل تعلم أن مملكة إسرائيل كانت قائمة منذ 3000 سنة؟ أول ملك حكمها لمدة 40 عامًا كان الملك شاؤول (1050-1010 ق.م)، ثم تلاه الملك داود الذى حكمها 40 عامًا تقريبًا (1010-970 ق.م، وعقبه الملك سليمان الذى حكم أيضًا لمدة 40 عامًا (970-931 ق.م). دام حكم الملوك الثلاثة 120 عامًا، فترة زمنية مهمة فى تاريخ إسرائيل. شهدت هذه السنوات تطورًا فى الحياة اليهودية فى شتى المجالات منها الثقافية والدينية والاقتصادية. بعد وفاة الملك سليمان، انقسمت المملكة عام 931 ق.م، إلى قسمين: مملكة إسرائيل فى الشمال ومملكة يهوذا فى الجنوب، على إثر نشوب نزاعات داخلية بسبب الأعباء الضريبية الثقيلة والسياسات المركزية التى فرضها على القبائل». ويتابع المنشور المبنى على أخطاء وفبركات تاريخية متعددة لاختلاق تاريخ للدولة اليهودية المزعومة: «تربع الملك يربعام بن نباط على عرش الملكية فى مملكة إسرائيل فى الشمال. ثم أنشأ مركزين للعبادة فى دان وبيت إيل لتكريس هوية منفصلة عن مملكة رحبعام بن سليمان فى الجنوب الذى آثر رفع الضرائب عن الشعب، فى وقت كان يعانى منها. استمر حكم مملكة إسرائيل فى الشمال حوالى 209 سنوات حتى سقوطها على يد الآشوريين فى عام 722 ق.م. أما مملكة يهوذا الجنوبية فاستمرت حوالى 345 سنة، وحتى سقوطها على أيدى نبوخذ نصر إمبراطور بابل عام 568 ق.م. هذا الانقسام أدى إلى صراعات سياسية على مر تاريخ شعب إسرائيل، واستمرت تأثيراته لمئات السنين. غير أن الشعب اليهودى فى الشتات ظل يتطلع إلى نهضة قواه وقدراته وإعادة بناء دولته التى أعلن عنها فى دولة إسرائيل فى 1948». ◄ تفنيد سياسي هذا المنشور الصهيوني المبنى على أخطاء تاريخية وأوهام أيديولوجية وادعاءات فارغة أثار موجة من الانتقادات العربية الرسمية التى قادها أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذى دان فى بيان رسمي، بأشد العبارات قيام حسابات إسرائيلية رسمية بنشر خرائط ادعت أنها تاريخية، وتضم أراضي عربية لكل من الأردنوفلسطينولبنانوسوريا، وقال إن نشر الخرائط المزعومة ليس تصرفًا عابرًا، ولابد من قراءته فى سياق حالة التطرف اليمينى والهوس الدينى التى تغرق فيها الحكومة الإسرائيلية ورموزها، إلى حد استدعاء خرافات تاريخية وترويجها باعتبارها حقائق، وشدد على أن رموزًا رسمية إسرائيلية سبق وأن أعلنت عن النية لضم الضفة الغربية، وإعادة استعمار غزة بالاستيطان، وأن هذه الخرائط ليست سوى ترجمة لنوايا شديدة التطرف تضمرها حكومة تُمثل خطرًا حقيقيًا على استقرار المنطقة، وعلى التعايش السلمى بين شعوبها، محذرًا من أن تغافل المجتمع الدولى عن مثل هذه المنشورات التحريضية والتفوهات غير المسؤولة يُهدد بتأجيج مشاعر التطرف والتطرف المضاد من كل الأطراف، وهو الموقف الذى تبعه صدور إدانات من عدة دول عربية للعربدة الصهيونية. وبينما قال نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمى باسم الرئاسة الفلسطينية، إن نشر حسابات رسمية تابعة لسلطات الاحتلال لخرائط للمنطقة تشمل الأراضي الفلسطينية والعربية، هى دعوات مدانة ومرفوضة، قال السفير سفيان القضاة، المتحدث باسم الخارجية الأردنية، إن بلاده تدين بأشد العبارات ما نشرته الحسابات الرسمية الإسرائيلية على منصات التواصل الاجتماعى لخرائط للمنطقة تزعم أنها تاريخية لإسرائيل تشمل أجزاء من الأراضى الفلسطينيةالمحتلة ومن المملكة الأردنية الهاشمية ولبنانوسوريا، بالتزامن مع تصريحات عنصرية لوزير المالية الإسرائيلى المتطرف يدعو فيها لضم الضفة الغربية وإنشاء مستوطنات فى قطاع غزة، وشدد على أنّ هذه الأفعال لا تنال من الأردن ولا تنتقص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأن تلك الادعاءات والأوهام التى يتبناها المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية ويروجون لها والتى تشجع على استمرار دوامات العنف والصراع، تشكل خرقاً صارخاً للأعراف والقوانين الدولية، مما يستوجب موقفاً دولياً واضحاً بإدانتها والتحذير من عواقبها الوخيمة على أمن المنطقة واستقرارها. ◄ تتبع تاريخي وكان الكاتب الفلسطيني قسام معادي، قد نشر دراسة على موقع (موندويس) الأمريكي في ديسمبر الماضي، تحدث فيها عن أصول الأساطير وراء الخيال الصهيوني الذي ولد مفهوم (إسرائيل الكبرى)، إذ يشير مصطلح «إسرائيل الكبرى» إلى فكرة الدولة اليهودية الممتدة عبر أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط باعتبارها تجسيدًا لما تصفه التوراة بأنه أراضى القبائل الإسرائيلية القديمة، أو مملكة بنى إسرائيل، أو الأرض التى وعد بها الله إبراهيم وذريته. هناك ثلاث نسخ على الأقل من الإشارات التى ينظر إليها باعتبارها دولة «إسرائيل الكبرى» فى التوراة، ففى سفر التكوين، وعد الله إبراهيم بالأرض «من وادى مصر إلى الفرات» له ولذريته. وفي سفر التثنية، أمر الله موسى بقيادة الشعب العبرى فى الاستيلاء على الأرض التى تشمل كل فلسطين وكل لبنان وأجزاء من الأردنوسوريا ومصر. وفى سفر صموئيل، يصف «المملكة المتحدة» التى أسسها الملك شاول بحسب التوراة، ثم وسعها الملك داود لتشمل فلسطين دون صحراء النقب، وأجزاء من الأردن وكل لبنان وأجزاء من سوريا، وهى حكايات توراتية لا يوجد أى دليل أثرى عليها. ولفت معادى إلى أنه بعد ميلاد الدولة الصهيونية فى 1948، لم يتم إدراج فكرة إسرائيل الكبرى فى المشروع الرسمي، لكن المنظر الصهيونى زئيف جابوتينسكي، تمسك بضرورة تأسيس الكيان وفقا لمفهوم إسرائيل الكبرى، وأسس عصابة حزب الصهيونية التصحيحية، والذى كان شعاره خريطة لفلسطينوالأردن ونقش «أرض إسرائيل»، والذى يطالب بإقامة الكيان بين النهرين النيل والفرات، وأصبح هذا المفهوم السياسى الحديث لإسرائيل الكبرى، وظل اليمين الصهيونى يصعد من حديثه عن هذا الحلم الاستعمارى فظهر المصطلح فى وسائل الإعلام أثناء غزو إسرائيل للبنان فى عام 1982، عندما توغلت القوات الإسرائيلية عميقًا فى أراضى لبنان وراء نهر الليطاني، والذى يعتبر فى إحدى النسخ التوراتية الحد الشمالى ل «إسرائيل الكبرى»، وجاء ذلك فى وقت كان قائد إسرائيل هو مناحم بيجن، المعروف بخطاباته وآرائه المتطرفة، والأهم أنه كان أحد قادة الحركة التى سبق وأن أسسها جابوتينسكي. الحديث عن إسرائيل التاريخية وإسرائيل الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات له أصوله فى الفكر الصهيونى الذى يتردد على مر السنوات عبر قادة الصهيونية، حتى وصلنا إلى ترويج صفحة إسرائيلية رسمية لخريطة إسرائيل التاريخية على حساب أربع دول عربية، وهو تاريخ طويل من ترديد الأكاذيب التى لا تخفى المطامع الصهيونية فى الأرض العربية، فهذا الصهيونى المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية فى الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية، ظهر فى 2023 وأمامه خريطة إسرائيل الكبرى المزعومة، والذى سبق وأن صرح بأن دولة الاحتلال يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وأن عليهم احتلال الأردن، وهى أقوال يروج لها اليمين الصهيونى المتطرف الذى يحاول اختراع تاريخ لليهود وترديد مزاعم لا أصل لها فى التاريخ، ولا يوجد ما يسندها من علم الآثار حول الأحقية التاريخية المزعومة للأراضى العربية. ◄ عاصم الدسوقي: مخططات التقسيم تخدم هدف إسرائيل في التوسع لتحقيق خرافة الدولة الكبرى ◄ محض أكاذيب من جانبه، أكد الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، ل»آخر ساعة»، أن المشروع الصهيونى فى المنطقة هو مشروع استعمارى غربى صريح، يقوم على استغلال بعض الخرافات اليهودية وإعادة البناء عليها من أجل تدعيم وجود الكيان الإسرائيلي وتبرير توسعه فى المنطقة على حساب أصحاب الأرض العربية، بالترويج إلى أنها أرض يهودية فى الأساس وهو محض أكاذيب، ولا أساس له من الصحة التاريخية، فالوجود العربى والفلسطينى فى المنطقة معروف ومسجل منذ آلاف السنين، وما يحدث هو محاولة تغطية على المخططات التى ترسم للمنطقة عبر إشاعة الفوضى الخلاقة لتقسيم المنطقة وهو مشروع سبق أن قدمه شمعون بيريز، الرئيس الإسرائيلى الأسبق، والذى يهدف إلى تقسيم دول الشرق الأوسط إلى 73 دولة، بالتالى يسهل على الكيان الصهيونى الاستعمارى التوسع فى كل الاتجاهات بزعم أن هذا يحقق حلم إسرائيل الكبرى، ولكنه فى الحقيقة تنفيذ لأجندة غربية تستهدف هذه المنطقة ومصادرة مقدراتها وأرضها.