محمد رياض 48 ساعة ويبدأ الرئيس المنتخب دونالد ترامب ولايته الثانية التى ينظر لها العالم بكثير من الحذر والترقب. فمن خلال وعود ترامب وتصريحاته يتأرجح العالم بين الفرح بوعوده البراقة بإنهاء تام للحروب الدائرة فى غزةوأوكرانيا، والخوف من تهديداته باللجوء للقوة العسكرية للاستيلاء على قناة بنما وجزيرة جرينلاند وللضغوط الاقتصادية لإجبار كندا على أن تصبح ولاية أمريكية، والقلق من مؤشرات واضحة لحرب تجارية ضروس تقودها إدارته ضد حلفائها قبل أعدائها. هذه الحالة من عدم اليقين التى تسيطر حتى على أقرب حلفاء أمريكا، تثير التخوفات وتطرح تساؤلات حول شكل العالم خلال الأربع سنوات القادمة، خاصة أن عودة ترامب تأتى فى وقت يتعرض فيه النظام العالمى لتقلبات وتغيرات حادة، وفى خضم واحدة من أكثر الفترات تحولًا بالشرق الأوسط فى التاريخ الحديث، وفى هذا الملف نرصد بعض الملامح المتوقعة لولايات ترامب القادمة. اقرأ أيضًا | المسكوت عنه وراء قبول إسرائيل لوقف إطلاق النار يتوقع أشرف العشرى الكاتب والمحلل السياسى أن سنوات ترامب القادمة سنوات كبيسة مع مزيدٍ من التصعيد تجاه الكثير من الأطراف والقضايا الدولية، وهذا الأمر ينطلق من اتجاه ترامب لإلغاء مؤسسات داخل أمريكا واعتماد نظام الصفقات التى تخدم المصالح الأمريكية دون اعتبار لأى توابع خارجية. وأضاف العشري: ترامب سيسعى للتصعيد فى الكثير من الملفات الدولية أبرزها: العلاقة مع الاتحاد الأوروبى، خاصة مع إصراره على إجبارهم على رفع نسبة مشاركتهم فى الميزانية الدفاعية لحلف الناتو ل 5% وهو ما قُوبل برفض من قبِل دول كثيرة فى الحلف كفرنسا وبريطانيا. وأوضح العشرى، أنه من المُحتمل أن يكون هناك ضغط كبير لتخفيف حدة الأزمة الروسية - الأوكرانية من خلال إجبار الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلنيسكى لقبول ما أخذته روسيا من الأراضى الأوكرانية، وهو ما سيفرض معادلة جديدة على أوكرانيا والناتو، كما سيسعى للتقارب مع روسيا.. وهذا الأمر سيزعج الناتو والدول الأوروبية كثيرًا. ومن هنا كان هناك رأى لإيمانويل ماكرون رئيس فرنسا بضرورة أن يكون هناك بالفعل حلف أوروبى للدفاع عن مصالح أوروبا بعيدًا عن أمريكا، وأعتقد أن هذا الأمر سيتحقق خلال السنوات القادمة. وبَيَّن العشرى أن التصعيد سيكون العنوان الرئيسى خلال الفترة المقبلة لترامب فيما يتعلق بالعلاقات الإيرانية - الأمريكية من خلال فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على طهران وربما استخدام مصطلح « العقاب الأقصى» ضد النظام الإيرانى ما لم يكن لدى القيادة فى طهران درجة من الحكمة والرشادة السياسية لفتح حوار مع أمريكا. توفير الدعم لإسرائيل وتابع: إن كنت أرى أن التوجه الأمريكى هو توفير غطاء عسكرى واستخباراتى ولوجيستى لإسرائيل باتجاه التصعيد ضد طهران لاسيما فى النصف الثانى من العام بالقيام بعملية عسكرية لضرب المنشآت النووية الإيرانية بغطاء أمريكى باعتبار أن ذلك سيكون جزءًا من صفقة مع نتنياهو لتقديم تنازلات حول قضية الأسرى وتسهيل مرور الصفقة الحالية التى تجرى مباحثاتها فى القاهرة والدوحة، وهذا سيزيد التصعيد بالمنطقة، وأعتقد أن العالم كله سيترقب بكثير من مبادرات وشطحات ترامب التى لن توفر الكثير من الاستقرار الدولى، وهو ما اتضح مع تلويحه باستخدام القوة لاحتلال جرينلاند وبنما. من جانبه يقول الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية، إنه بلا شك هناك حالة من الترقب لشكل العالم بعد تنصيب ترامب، حيث يوجد تخوفات من إدارة ترامب التصادمية فى الكثير من الملفات الخلافية فى العالم سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادي.. وبالتالى أرى أننا سنكون فى مفترق طرق تاريخى بين محاولة تهدئة الأجواء والسعى لخلق جو إيجابى يدفع لاتجاه خفض التصعيد فى الكثير من مناطق العالم. وفى تقديرى سيكون هناك حرب اقتصادية ضروس وشرسة بين ترامب والكثير من القوى الأوروبية والصين، باعتبار أن ترامب يسعى لتحقيق نقلة فى الاقتصاد الأمريكى وخفض عجز الميزان التجارى لبلده الذى يميل لصالح عدة دول وتكتلات اقتصادية فى المعاملات البينية. صدام بين أمريكا وألمانيا وبلا شك سيكون هناك صدام كبير بين أمريكا وألمانيا، لأن برلين ستكون من أكبر الخاسرين بسبب فرض التعريفات الجمركية، بنحو 150 مليار دولار كخسائر اقتصادية. ويرى فارس، أنه سيكون هناك أيضاً حرب تجارية قوية مع الصين، خاصة أن ترامب يريد أن يفرض رسومًا جمركية إضافية على بكين، مما سيكبد الاقتصاد الصينى خسائر كبيرة، كما أنه بلا شك سيكون هناك توترات بسبب النوايا الأمريكية للسيطرة على قناة بنما، وأيضًا الأوضاع الاقتصادية مع كندا، التى يرغب ترامب بفرض رسوم جمركية على وارداتها بنسبة 25٪. كما أن قضية تايوان ستكون حاضرة بقوة فى فترة ترامب، لأن لها بعدين سياسى واقتصادي. لذلك الفترة المقبلة ينتظرها العالم بقلق بسبب العديد من بؤر التوترات فى العالم والتى تتطلب التعامل بحنكة كبيرة للخروج بأقل الخسائر.