معركة التنمية    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    «المدارس الكاثوليكية».. وبناء الإنسان    المقاطعة فرض عين    تعرف على أعلى خمسة عشر سلعة تصديراً خلال عام 2023    محافظ المنيا يوجه بمتابعة الالتزام بمواعيد العمل الصيفية بدءاً من اليوم الجمعة    استمرار مجازر الاحتلال وعدد الضحايا يتجاوز 111 ألفا    جماهير الأهلي تزين مدرجات استاد القاهرة قبل مواجهة مازيمبي.. صور    كلوب يعلق على تراجع المستوى التهديفي ل محمد صلاح: أحاول مساعدته    بيراميدز يهزم الزمالك برباعية ويتوج بدوري الجمهورية    بالصور | سقوط أعمدة الضغط العالي بقنا بسبب الطقس السيء    التعليم في أسبوع | إنشاء 8236 مدرسة منذ 2014 حتى الآن.. الأبرز    أحمد السقا يشوق جمهوره بمقطع فيديو جديد من «السرب»| فيديو    سيد رجب: شاركت كومبارس في أكثر من عمل    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    محافظ المنوفية: 25 فاعلية ثقافية وفنية خلال أبريل لتنمية المواهب الإبداعية    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    وكيل خطة النواب : الحوار الوطني فتح الباب لتدفق الأفكار    شركة GSK تطرح لقاح "شينجريكس" للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    رئيس «كوب 28» يدعو لتعزيز التعاون الدولي لتنفيذ اتفاق الإمارات التاريخي    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    مصرع طفل «غرقا» إثر سقوطه في مصرف ري زراعي بالفيوم (تفاصيل)    45 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    إيران والصين تتفقان على تعاون عسكري أوثق    البيت الأبيض يواصل مساعيه للإفراج عن المحتجزين فى قطاع غزة رغم رفض حماس    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    مواعيد صرف منحة عيد العمال للعمالة غير المنتظمة    الإسكان: 20 ألف طلب لتقنين أراضى توسعات مدينة الشروق    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    أرتيتا: لاعبان يمثلان صداع لي.. ولا يمكننا السيطرة على مانشستر سيتي    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    تعديل طارئ في قائمة ريال مدريد لمواجهة سوسيداد    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن لندن.. لا أصدقاء ولا أعداء
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 07 - 2018

حصيلة جولة ترامب الأوروبية لخصها وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان بقوله «يبدو أن العالم بأسره عدو له». ومع ذلك، خرج ترامب من جولته الأوروبية معلناً نجاحه بعدما دفع دول الناتو دفعاً لإعلان رفع مساهمتها فى ميزانية الحلف، لكن حلفاءه الأوروبيين خرجوا بقناعة أن عقيدة ترامب للسياسة الخارجية، وهى : «لا أصدقاء ولا أعداء...مصالح فقط»، باتت تشكل خطراً جسيماً عليهم ولابد من بدائل. وحتى قبل أن يغادر ترامب أوروبا، أعلن وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس أن المانيا «لا تستطيع الاعتماد الكامل» على واشنطن بعدما وصف الرئيس الأمريكى الاتحاد الأوروبى بأنه «خصم» تجارى للولايات المتحدة. وقال ماس فى تصريحات عكست المزاج العام فى أوروبا: «لم يعد بوسعنا الاعتماد بشكل كامل على البيت الأبيض.. وللحفاظ على شراكتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية يجب علينا تعديلها... يجب على أوروبا ألا تسمح لنفسها بالانقسام».
وأدرج ترامب، فى مقابلة مع شبكة «سى بى إس» الأمريكية يوم الأحد، الاتحاد الأوروبى كواحد من أكبر خصومه العالميين، واصفاً إياه ب»صعب للغاية». وتابع موضحاً:»أعتقد أن لدينا خصوماً كثيرين». الاتحاد الأوروبى خصم: انظر ما الذى يفعله بنا فى المجال التجاري. قد لا تفكر فى الاتحاد الأوروبى كهذا، لكنه خصم. وروسيا خصم من بعض الزوايا. والصين خصم اقتصادي، لا شك فى أنها خصم». والاتحاد الأوروبى أكبر سوق للولايات المتحدة بقيمة 501 مليار دولار فى شكل سلع وخدمات للعام 2016 ، لكن الصادرات الأوروبية للسوق الأمريكية تبلغ 592 مليار دولار، مما أدى إلى عجز تجارى بقيمة 91 مليار دولار.
وتفاقمت الخلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على خلفية سياسة ترامب الحمائية والتى تتضمن فرض رسوم جمركية على الواردات من أوروبا والصين، وانتقاده اللاذع للدول الأعضاء فى الناتو التى لا تخصص نسبة 2% من الناتج المحلى لتمويل الحلف، وتقاربه مع روسيا، وانسحابه من الاتفاق النووى مع إيران.
ووسط تلك القائمة الطويلة من الخلافات، وجه دونالد توسك رئيس مجلس أوروبا فى تغريدة على حسابه على تويتر رسالة تحذير ضمنية للرئيس الأمريكى قائلاً فيها: «الولايات المتحدة ليس لديها ولن يكون لديها حليف أفضل من الاتحاد الأوروبي...يا أمريكا، قدرى حلفاءك، فليس لديك الكثير منهم».
وهى التغريدة التى رد عليها ترامب بتغريدة قال فيها:»لدينا الكثير من الحلفاء. لكن لا يمكن السماح باستغلالنا والاتحاد الأوروبى يستغلنا».
وبرغم أن زيارته لبريطانيا كانت «وجبة فتح الشهية» قبل «الطبق الرئيسي» وهو اللقاء مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى هلسنكي، إلا أن ترامب لم يخيب الآمال. فتصريحاته فى لندن أثارت الجلبة الأكبر. فقد ظللت على محادثاته تصريحات مثيرة للجدل «قتل» فيها عملياً احتمال موافقة إدارته على اتفاق تجارة حرة إذا ما أقر البرلمان البريطانى خطة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى حول البريكست بشكلها الحالي. وفى مقابلة مليئة بالألغام وضعت تيريزا ماى فى مأزق كبير وهى التى تحاول جاهدة نيل ما يكفى من الدعم فى البرلمان لتمرير خطتها للبريكست، قال ترامب فى حوار مع صحيفة «ذى صن» البريطانية: «إذا أبرموا اتفاقا كهذا، فسنكون بذلك نتعامل مع الاتحاد الأوروبى بدلاً من التعامل مع المملكة المتحدة». وتابع ترامب أن مثل هذا الاتفاق «سيقضى على الارجح على اتفاقية» التبادل الحر مع الولايات المتحدة. فى ضربة قوية لماي، شكك ترامب فى أن تكون خطة الحكومة للخروج من الاتحاد الأوروبى «تتوافق مع ما صوت عليه البريطانيون» وذلك فى إشارة ضمنية منه إلى أن خطة الخروج ليست حاسمة وقاطعة كما يريدها أنصار «البريكست الخشن». كما لم يستبعد ترامب لقاء «صديقه» وزير الخارجية السابق بوريس جونسون المؤيد لخروج قاطع من الاتحاد الأوروبي، والذى استقال من منصبه احتجاجاً على خطة ماي. وقال ترامب إن جونسون يمكن أن يكون «رئيس وزراء عظيما»، وذلك فى طعنة أخرى لماى التى تواجه منافسة محتملة من جونسون على زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة. واضطر «10 دواننج ستريت» إلى الرد على تصريحات ترامب، موضحاً أن خطة البريكست بشكلها الحالى «تحقق» مطالب الناخب البريطانى الذى صوت بالخروج من الاتحاد الأوروبي. وقوبلت تصريحات ترامب باستياء كبير فى بريطانيا باعتبارها «خرقا لكل القواعد الدبلوماسية» و»تدخلا فى قضية داخلية». عواصف ترامب الدبلوماسية فى كل زيارته لاوروبا لم تعد مصدراً للضحك والسخرية، بل مصدرً للخوف والقلق. وقال مسئول بارز سابق فى الخارجية البريطانية ل»الأهرام» إن ترامب وضع حكومة تيريزا ماى فى وضع صعب، موضحاً:»مع هجومه على الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو، تجد بريطانيا نفسها معلقة فى المنتصف، وهذا محرج جداً خاصة وان لندن تحتاج لدعم بروكسل وواشنطن. حالياً بريطانيا أقل تأثيراَ وسط الأوروبيين بسبب البريكست، لكنها أقل تأثيرا مع أمريكا أيضاً لأن علاقات تيريزا ماى مع ترامب ليست جيدة».
وبرغم حساسية وضع بريطانيا وتعمد ماى عدم تصعيد اللهجة ضد ترامب، إلا ان كثيرين فى بريطانيا يعتقدون أن على المملكة المتحدة أن تقف فى الصف الأوروبى ضد محاولات ترامب إضعاف الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو. ويوضح المسئول البريطانى السابق:» أن نفخ ترامب فى التيارات القومية اليمينية المتشددة فى أوروبا عبر مواقفه الحادة من قضية الهجرة واللاجئين أو البريكست أو سياساته التجارية الحمائية وحروبه التجارية مستخدماً شعارات قومية، هذا التوجه، سواء عن قصد أو عن غير قصد، يصب فى مصلحة إضعاف الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو وهو ما تريده روسيا. أى أن ترامب يُضعف تحالفا عسكريا استراتيجيا بالنسبة لأمريكا ليس فقط فى اوروبا والبلقان، بل فى افغانستان ومناطق أخرى أيضاً».
وبرغم أنه ليس هناك خطر محدق على حلف الناتو لأن الكونجرس الأمريكى ووزارة الدفاع (البنتاجون) لن يدعما أى خطط لترامب لخفض الدعم العسكرى أو المالى أو اللوجستيكى الامريكى للناتو، لكن هناك خطرا محدقا على الاتحاد الأوروبى وعلاقته بأمريكا. فالتعايش مع سياسة ترامب الخارجية بات معضلة أوروبية، كما يؤكد المسئول البريطاني. فقد رفض وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى يوم الاثنين طلباً أمريكيا بعزل إيران اقتصادياً، واقروا آلية قضائية لحماية الشركات الأوروبية العاملة فى إيران من العقوبات الأمريكية المحتملة.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فيديريكا موجيرينى فى ختام اجتماع فى بروكسل «لقد اقرينا تحديث نظام عرقلة العقوبات الأمريكية، وسنتخذ كل الاجراءات لجعل ايران قادرة على الاستفادة اقتصاديا من رفع العقوبات».
وسيصبح قانون العرقلة الاوروبى نافذا فى السادس من أغسطس وهو تاريخ بدء تطبيق أول دفعة من العقوبات الامريكية على طهران. ورفضت واشنطن حتى الآن استثناء الشركات الاوروبية من العقوبات التى يمكن ان تفرض عليها ما لم توقف تعاملها مع إيران. وأقرت موجيرينى بأن «التطبيق لن يكون سهلاً لان وزن الولايات المتحدة فى الاقتصاد العالمى لا يستهان به». واضافت «لست قادرة الآن على تأكيد أن جهودنا ستكون كافية، إلا اننا سنبذل كل ما فى وسعنا لتجنب موت الاتفاق النووي، لأن التداعيات عندها ستكون كارثية على الجميع».
ويقول المسئول البريطانى السابق ل»الأهرام»:»الاتفاق النووى بالنسبة للاتحاد الأوروبى حجر أساس فى سياسته الشرق أوسطية وسياسة منع الانتشار النووي. هذا عصفور فى اليد يريد ترامب الإطاحة به لمصلحة أفكار غامضة مثل تلك التى استخدامها مع كوريا الشمالية ولم تسفر حتى الآن عن أى شئ. بالنسبة للاتحاد الأوروبى الخطر فى قتل أمريكا للاتفاق النووى ليس فقط فى الخسائر التى ستمنى بها الشركات الأوروبية العاملة فى إيران، أو بدء سباق تسلح نووى كارثى فى المنطقة، الخطر يتمثل أيضاً فى أن ذلك سيعنى أن الاتحاد الأوروبى ليس بوسعه أن يكون لديه سياسة خارجية مختلفة عن أمريكا أو حماية مصالحه إذا ما تضاربت مع أمريكا. هذه هى الأزمة الوجودية للاتحاد الأوروبى اليوم. للأسف ترامب يضع حلفاءه الأوروبيين أمام خيارات صعبة للغاية: إما السير على خطى امريكا وإما المخاطرة بالتصعيد معها. والمزاج الآن فى أوروبا مع التصعيد مع أمريكا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.