«قضية الأمة التي تحمل مصر رايتها».. كلمات يمكن أن نلخص بها الدور المصري الذي كان دائما حامالا لراية قضية العرب الأولى، فلسطين، مع بداية الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي للأراضي الفلسيطينية. لم تكن القضية الفلسطينية وليدة العدوان الغاشم على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، إلا أنها تغريبة متواصلة من الأحزان والموت والمقاومة من أجل بقاء شعب يعاني منذ وصول عصابات الهجانة الإسرائيلية منذ عقود لاحتلال أرضه. فلسطين وحقوق شعبها بالنسبة لمصر ليست مجرد قضية دعم لدولة عربية، بل قضية أمن قومي، فالقاهرة دائما ما ترفع راية حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، وتندد بالانتهاكات التي يتعرض لها الأشقاء في فلسطين وتتحدث عن معاناتهم. ولم يتوقف الأمر على مجرد الكلمات الرنانة ولكنه امتد إلى الأفعال، قكانت محاولات لم الشمل الفلسطيني عبر استضافة جولات عدة لقادة فتح وحماس، لتوحيد الصف وتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني حتى ينال كامل حقوقه. «ستظل مصر دائماً وفية لعهدها، داعمة للسلام العادل، وشريكًا مخلصًا في تحقيقه، ومدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».. كلمات كتبها الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب الإعلان عن وقف إطلاق النار بعد حربًا استمرت ل15 شهرًا كاملة على الشعب الأعزل ليؤكد أن الدور المصري لم ولن يتوقف عند هذا الحد. وتستعرض «بوابة أخبار اليوم» خلال التقرير التالي الدور المصري التاريخي لدعم القضية الفلسطينية على مدار 79 عامًا كانت فيها مصر الدرع والسيف للشعب الفلسطيني وأحلامه في إقامتة دولته المستقلة. دعم لا يتوقف منذ 1946 عام 1946 ومن «أنشاص» وحتى يناير 2025، 79 عامًا لم يتغير فيها الدعم المصري للقضية الفلسطينية. كانت مصر طرفًا أساسيًا في الأحداث التي سبقت حرب عام 1948، كما سعت مصر إلى توحيد الموقف العربي من خلال جامعة الدول العربية، حيث اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو 7 دول عربية في مدينة " أنشاص" بمحافظة الشرقية، عام 1946 للتباحث حول التطورات في فلسطين، وعليه قرر المجتمعون التمسك بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. اقرأ أيضًا: بجهود دبلوماسية لم يغمض لها جفن.. مساعي مصر تعيد السلام لغزة فقد ساعدت مصر في تمرير عدد من القرارات الأممية على مستوى مجلس الأمن والجمعية العامة - ضمن المجموعة العربية والإسلامية - لمحاولة التوصل لحل الدولتين ومنح الدولة الفلسطينية عضوية كاملة في الأممالمتحدة، ونجحت بالفعل في دعم السلطة الفلسطينية في الحصول على عضوية "صفة مراقب" في الأممالمتحدة عام 2012، لمنح الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير وإنشاء دولة مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدسالشرقية على خطوط 4 يونيو 1967. كما كان لمصر دوراً كبيراً في توحيد الصف الفلسطيني من خلال اقتراح إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وتقديم الدعم لها، وساندت مصر قرار المنظمة بإنشاء جيش التحرير الفلسطيني في القمة العربية الثانية التي عقدت في الإسكندرية في سبتمبر 1964. وأعلنت مصر والدول العربية في أكتوبر 1974 مناصرة الشعب الفلسطيني في حقه بإقامة سلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وعليه أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراها رقم (3375) لعام 1975 بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك في جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط بناءًا على الطلب الذي تقدمت به مصر. وفي إطار جهود مصر المضنية لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، طرحت مصر خطة للسلام عام 1989 والتي تضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية طبقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242، ومبدأ الأرض مقابل السلام ووقف الاستيطان الإسرائيلي. وفي سبتمبر عام 1993 شارك رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسني مبارك في توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين في الحكم الذاتي. اقرأ أيضًا: بايدن وترامب في سباق الادعاء بمجد وقف إطلاق النار في غزة وفي عام 2003، أيدت مصر وثيقة «جنيف» بين الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع في المنطقة، كما تجسدت الجهود المصرية في مبادرة السلام العربية المطروحة منذ عام 2002 والمبنية على مبدأ الأرض مقابل السلام - الذي أرساه مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 - ورؤية حل الدولتين لشعبين يعيشان جنباً إلى جنب في سلامٍ وأمانٍ والتي اعتمدها مجلس الأمن في قراره رقم 1515 لعام 2003. وفي ظل عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي في الفترة من 2016 - 2017، نجحت الدبلوماسية المصرية - في ضوء المبادرات التي أطلقتها خلال فترتي رئاستها للمجلس – في إعادة التركيز على حقوق الفلسطينيين بما أسهم في اعتماد القرار التاريخي 2334 بشأن الاستيطان. وتبذل مصر جهوداً مضنية لتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، وتؤكد مصر على التزامها التاريخي بدعم الشعب الفلسطيني عبر القيام بالعديد من الخطوات لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتثبيت الهدنة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وآخرها في مايو 2021، والعمل على تهيئة المناخ الملائم لإعادة استئناف المفاوضات. اقرأ أيضًا: آلية مشتركة مع مصر وأمريكا لمتابعة اتفاق غزة كما استضافت مصر الحوار الفلسطيني - الفلسطيني في جولات متكررة مُنذ 11 نوفمبر 2002 بهدف مساعدة الفصائل على تحقيق الوفاق الفلسطيني. وتؤكد مصر دائمًا على أن أي إجراءات مؤقتة أو حوافز اقتصادية لا يمكن أن تكون بديلا لخلق أفق سياسي أمام الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف في العودة لأرضه، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 194 واسترداد ممتلكاته والتعويض عن الخسائر التي فرضها عليه الاحتلال. هذا وتؤكد مصر على الدور المحوري والهام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، والتي تعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 194 لضمان حق العودة للفلسطينيين المُهجرين من أرضهم، إضافة إلى دورها السياسي واللوجستي في دعم الفلسطينيين داخل أرضهم وفي دول الجوار المُهجرين إليها قسرًا مُنذ 1947. اقرأ أيضًا: هل تسقط حكومة نتنياهو «المتطرفة» على عتبة صفقة وقف إطلاق النار؟ وفي إطار التعامل مع الحرب في قطاع غزة، فقد سعت مصر مع الأطراف الدولية المعنية لاستصدار قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق نار مستدام في غزة، وهو ما نجحت بتحقيقه اليوم بالتعاون مع الوسطاء في قطر والولايات المتحدةالأمريكية، في التوصل لاتفاق هدنة يضمن وقف إطلاق النار في القطاع، وتبادل الأسرى، ودخول المساعدات عبر معبر رفح. وقد عملت مصر مع الشركاء الدوليين على محاولة تخفيف معاناة الأشقاء الفلسطينيين في القطاع وإجلاء الرعايا الأجانب والمصابين من الفلسطينيين وتوفير الدعم اللازم للسلطة الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. كما دعت مصر إلى أهمية التزام إسرائيل بصفتها «قوة الاحتلال» بقواعد القانون الدولي لتوفير الحماية الواجبة للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بما في ذلك قطاع غزة، والأماكن المقدسة بمدينة القدس والضفة الغربية. وأكدت مصر على ضرورة توقف إسرائيل عن اتخاذ الإجراءات والسياسات أحادية الجانب التي تسهم في اندلاع أعمال العنف والقصف والدمار، وفي مقدمتها أنشطة الاستيطان غير الشرعية في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، خلافاً لاتفاقيات أوسلو والمرجعيات الدولية، وسياسات الطرد والإخلاء القسري للفلسطينيين بمدينة القدس وتغيير الطابع الزماني والمكاني والديموغرافي والجغرافي للمدينة المقدسة والحرم الشريف وامتداداتهما، وكذا محاولة فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة سياسيا وجغرافياً، ومحاولة إحداث تغيير ديموغرافي داخل قطاع غزة من خلال فصل شمال القطاع عن جنوبه وتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع قسريًا إلى جنوب القطاع.