ربما يكون عام 2024 هو الأصعب بكل ما شهد من تحديات أثرت على الاقتصاد العالمي وفى القلب منه مصر، إلا أن الصادرات المصرية غير البترولية استطاعت أن تجد لنفسها مكانًا مميزًا ورقمًا لم يتحقق من قبل، بعد أن تجاوزت حاجز ال 40 مليار دولار لأول مرة فى تاريخها.. ربما يكون الرقم أقل مما تطمح إليه الدولة المصرية وهو 100 مليار دولار بحلول عام 2030، إلا أنه مع مزيد من الإجراءات التى تتخذها وزارتا الصناعة والاستثمار، فسيكون القادم أفضل، وستسير الصادرات المصرية فى الطريق الصحيح نحو تحقيق حلم ال 100 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة. ◄ معايير جديدة لبرنامج رد الأعباء.. وزيادة المكون المحلي أهم الأولويات ◄ الخطيب: حصر الطاقات غير المستغلة بكل قطاع للاستفادة منها المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أكد أنه سيتم خلال الفترة المقبلة تجميع ودراسة كافة الدراسات التى تبنتها الدولة خلال الفترة الماضية والهادفة لزيادة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية للاستفادة منها فى البرنامج الجديد لرد الأعباء، مشيرا إلى أن محاور البرنامج الجديد ستتضمن جزءاً من المعايير الموجودة وإضافة محاور جديدة مع الوضع فى الاعتبار زيادة المكون المحلى فى الصناعة وتوطين التكنولوجيا. ووجَّه الوزير مختلف المجالس التصديرية بحصر الطاقات الإنتاجية غير المستغلة بكل قطاع صناعي على حدة وذلك للاستفادة منها، وكذا تحديد الاستثمارات المطلوبة بمختلف القطاعات وبما يسهم فى تحقيق مستهدفات الدولة الخاصة بزيادة معدلات التصدير، مشيرا إلى أن الدولة مستمرة فى تنفيذ المبادرات الحكومية الخاصة بتوفير برامج تمويلية ميسرة لمختلف القطاعات الإنتاجية ومن بينها القطاع الصناعي. ◄ زيادة التنافسية وأشار إلى أنه سيتم أيضا دراسة وضع الصناعة على المستوى العالمي للعمل على زيادة تنافسية الصناعة المصرية، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية تتيح فرصًا متميزة لجذب المزيد من الاستثمارات العالمية للسوق المصرى لا سيما فى ظل التوجهات العالمية الحالية المتعلقة بنقل الصناعات إلى المقاصد الاستثمارية التى تتمتع بمميزات تنافسية، خاصة أن السوق المصرية تتمتع بمقومات استثمارية كبيرة تشمل توافر العمالة المؤهلة وتنافسية الأجور، والموقع الجغرافى المتميز، إلى جانب الانخفاض النسبى لأسعار الطاقة. وأضاف أنه جارٍ العمل مع الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ المزيد من الإصلاحات الهادفة لتقليل الأعباء على المستثمرين، مشيرا إلى أن زيادة تواجد الصادرات المصرية بالسوق الإفريقية تتطلب تفعيل برامج لدعم مخاطر الصادرات وإنشاء مراكز لوجستية مصرية بكبرى المدن والعواصم الإفريقية وهو ما يجرى العمل على دراسته حاليًا. ◄ نقلة كبيرة في البداية أكد المهندس شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أن هناك ثلاثة عوامل لو تم منحها الاهتمام المستحق ستحدث نقلة كبيرة فى ملف الصادرات المصرية، وأول هذه العوامل هو عدم النظر إلى ملف الصناعة كوحدة واحدة، بل يجب التعامل معه كقطاعات، فلكل قطاع تحديات وأولويات، وبالتالى تختلف الاحتياجات والمتطلبات بكل منها، أما ثانى العوامل فهو برنامج دعم الصادرات والذى يعد أحد أكثر الأمور الضرورية فى هذا الملف، وأكد أنه لن يؤثى ثماره إلا من خلال سرعة صرف المساندة التصديرية وبشكل كامل دون أن يُستقطع منها أى شيء سواء للضرائب أو المرافق أو أى جهة أخرى. وأوضح أن العامل الثالث والأخير هو تفعيل برنامج تعميق الصناعة المحلية، ووصفها بالأمر الاستراتيجي، وهو ما يتوفر من خلال جذب المزيد من الاستثمارات لتوطين صناعة المواد الخام، وقال: فى قطاع الصناعات الهندسية نستورد أكثر من 50٪ من احتياجاتنا من المواد الخام ليس بسبب كسل الصناع المصريين ولكن لعدم وجود بدائل يمكن الاعتماد عليها فى هذا القطاع الحيوى الذى تزداد معدلات التصدير فيه بشكل سنوى. ◄ خطة طَموح بينما أكد المهندس هشام العيسوى، رئيس المجلس التصديري للحرف اليدوية والصناعات الإبداعية، أن المجلس يضع خطة طَموحة تستهدف تحقيق زيادة كبيرة فى الصادرات للوصول إلى 650 مليون دولار بحلول عام 2027، وذلك كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى رفع قيمة المنتجات وتوسيع انتشارها عالمياً. وأشار إلى أن استهداف الأسواق المناسبة يسهم فى رفع كفاءة العمليات التصديرية وضمان الوصول للفئات المستهدفة بفعالية، ولفت إلى أنه فى إطار مسئولية المجلس نحو التطوير، يعمل المجلس على تقديم برامج تدريبية وتوجيهية لدعم الحرفيين وتمكينهم من تحقيق أفضل مستويات الإنتاجية، كما يسعى المجلس أيضًا إلى تطوير مواصفات المنتجات المحلية وجعلها متوافقة مع المعايير العالمية مما يساعد فى تعزيز تنافسيتها وجذب المزيد من العملاء. وأشار إلى أن المجلس سيعمل فورا على زيادة تعزيز التعاون والتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة كونه الجهة المسئولة عن صادرات مصر من الحرف اليدوية والصناعات الإبداعية، لتذليل العقبات التى تواجه الحرفيين فى عملية الإنتاج والتصدير، مشيراً إلى أن توحيد الجهود سيسهم بشكل كبير فى تحقيق أهداف المجلس التصديرى لتعظيم صادراتنا فى واحد من أهم القطاعات الواعدة فى مصر، ويعزز من كفاءة عملية الإنتاج، ويساعد مصر على استعادة موقعها الريادى فى الأسواق العالمية. ◄ الصناعة والإنتاج من جانبه أكد بهاء العادلى رئيس جمعية مستثمرى بدر، أن الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات أمر سهل التحقيق ولكن إذا توافرت الأدوات اللازمة لتحقيق انطلاقة فى الصناعة والإنتاج، حيث إنه ينبغى العمل فورًا على حل مشاكل قطاع الصناعة، فالصناعة وحدها هى القادرة على زيادة معدلات التصدير بصورة أكبر من أى توقعات، وأوضح أن الحكومة أدركت أنه يجب تمييز الصناعة بشكل عام وبمختلف القطاعات لأن الصناعة هى القاطرة الحقيقية للنهوض بالاقتصاد القومى ورفع معدلات التنمية وتحقيق معدلات نمو أكبر. وأشار إلى أن أهم التحديات التى تواجه زيادة حجم الصادرات المصرية هى ارتفاع تكلفة المنتجات المصرية وليس جودتها، ففيما يخص الجودة فإن الصناعة المصرية قادرة على تلبية احتياجات مختلف الأسواق الدولية، إذ إن لكل سوق اشتراطات معينة، فما تحتاجه أوروبا يختلف عما يحتاجه الخليج ويختلف عما تحتاجه إفريقيا. وقال إن التكلفة المرتفعة هى أبرز التحديات التى تواجه الصادرات، لأن الدول المنافسة فى مختلف القطاعات تعمل على تقليل تكلفة المنتجات لزيادة تواجدها فى الأسواق الدولية، وبالتالى يجب اتباع نفس الأمر أيضًا، وأشار إلى أن من بين التحديات أيضًا سعر الفائدة والجمارك والبقاء فترات طويلة فى الموانئ وهى كلها أمور تؤدى فى النهاية إلى ارتفاع تكلفة المنتج، ما يدفع المستهلك الأجنبى إلى المقارنة بين السلع فى السعر ويختار الأقل بالنسبة له. وأشار إلى أنه ينبغى الاهتمام بكافة قطاعات الصناعة سواء كانت صناعات كبيرة وثقيلة، أو صناعات صغيرة ومتوسطة، فكل القطاعات تساعد فى دفع عجلة الاقتصاد الوطنى إلى الأمام، وكل المشروعات تقدم منتجات مطلوبة محليًا ودوليًا، وبالتالى لا يجب منح مزايا لقطاعات دون أخرى، بل يجب أن يكون الاهتمام بالصناعة والتصدير بشكل عام وليس بقطاعات محددة. ◄ فرصة للمنتجات المصرية أما السيد بسيونى رئيس لجنة التموين بمجلس أمناء مدينة العاشر من رمضان وعضو جمعية مستثمرى المدينة، فأوضح أن الوقت الحالى هو أفضل توقيت يمكن من خلاله مضاعفة حجم الصادرات المصرية، فما تتعرض له كثير من الدول المحيطة والصراعات الدولية، يدفعنا إلى العمل والإنتاج بصورة كبيرة، لتوفير السلع التى كانت توفرها دول أخرى تجد صعوبة حاليًا فى إتمام عمليات التصدير، وبالتالى يجب أن تحل الصادرات المصرية محل تلك الصادرات. وضرب مثالا ًبصادرات الصناعات الغذائية، حيث إنه لزيادة صادراتها يجب اتخاذ إجراءات مهمة وسريعة من بينها وضع خطة استراتيجية ما بين عامى 2025 إلى 2050 لزيادة الرقعة الزراعية بطرق الرى الحديثة للاكتفاء الذاتى وتصدير الفائض، مع إنشاء مواقع لوجستية لتخزين متطور وتبخير وتبريد وتجميد لتقليل الفاقد من الحاصلات الزراعية، بالإضافة إلى ضرورة العمل الجاد والتأكيد على أهمية التصنيع الزراعى، واختيار أساليب النقل الحديث للحاصلات الزراعية والغذائية. ◄ المصانع المتعثرة وأكد أنه يجب الحرص على تواجد المنتجات المصرية سواء كانت زراعية أو صناعية أو كيماوية فى العديد من الأسواق الدولية خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذى لن يتحقق إلا من خلال عدة أمور أولها عودة المصانع المتوقفة عن العمل إلى الإنتاج مرة أخرى، خاصة تلك التى كان إنتاجها مخصصا للتصدير، وبالتالى يجب توفيق أوضاعها بشكل سريع لإعادة إنتاجها إلى الأسواق الخارجية. ولفت إلى أن ذلك يجب أن يصاحبه تفعيل الدور الاقتصادى للسفارات المصرية فى الخارج وليس مكاتب التمثيل التجارى وحدها، وقال إن بعض سفراء الدول هنا يقومون بعمل زيارات للمصانع فى المناطق الصناعية المختلفة للتعرف على المنتجات الموجودة وأسعارها وتحديد ما إذا كانت تحتاجها بلادهم، وأشار إلى ضرورة قيام السفراء المصريين بالخارج بنفس الأمر على أن يحددوا للجهات المختصة والمسئولة عن التصدير هنا ما تحتاجه تلك الأسواق الدولية وكيفية إتمام الاتصال بهم، وأضاف أن المعارض لم تعد مطلوبة بشكل كبير فى ظل اللجوء إلى أدوات التكنولوجيا الحديثة فى إتمام الصفقات الاقتصادية والاستثمارية بين الدول.