مضى 100 يومٍ من العدوان الإسرائيلي المتواصل على شمال قطاع غزة خلال عملية عسكرية إسرائيلية عاثت في الأرض فسادًا وتدميرًا وحوّلت مناطق الشمال من قطاع غزة إلى "مدينة أشباح" وفق شهادات من شهود عيان يتواجدون هناك لتعكس بذلك الواقع الكارثي الذي آلت إليه الأمور في المنطقة. ومنذ الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لم يسترح البقية المتبقية من السكان والنازحين شمال غزة من وقع العمليات العسكرية الإسرائيلية في خضم عدوان إسرائيلي ثالث شمال القطاع منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفي اليوم ال100 لعدوانه المتواصل شمال غزة، نسف جيش الاحتلال الإسرائيلي مباني سكنية في منطقة النزلة في مخيم جباليا، حسبما أوردت وكالة "سند" الفلسطينية، عطفًا عن تدميره عدة مباني سكنية أخرى شمال القطاع. تلك العملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة، التي سُميت ب"العدوان الثالث"، أسقطت آلاف الشهداء والجرحى خلال 100 يوم ضمن حصيلة شهداء الحرب الإسرائيلية في غازة، والتي فاق ضحاياها ال46 ألف شهيد. اقرأ أيضًا: تقرير خاص| «كوشان بلدي» في غزة.. أحلام «العودة» المبعثرة بنيران الحرب الإسرائيلية 5000 شهيد ومفقود وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن اليوم المائة يمر منذ بدء العدوان البري الهمجي الذي شنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على محافظة شمال قطاع غزة، والذي ما زال مستمرًا في استهداف الأرض والإنسان الفلسطيني بصورة ممنهجة ووحشية. وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي، في بيانٍ حصلت "بوابة أخبار اليوم" على نسخةٍ منه، أنه "خلال هذه الأيام المائة، عاش أبناء شعبنا الفلسطيني في شمال القطاع أبشع صور القتل والتطهير العرقي والتدمير والتهجير، حيث خلّف العدوان الوحشي 5000 شهيد ومفقود، و9500 جريح يعانون من إصابات بعضها خطير ومزمن، بالإضافة إلى اعتقال 2600 مواطن بينهم نساء وأطفال، في انتهاك صارخ لكل المواثيق والأعراف الدولية". وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أن الدَّمار الذي طال المنازل والمستشفيات والمرافق العامة والبنية التحتية يفضح جليًا نية الاحتلال الإسرائيلي في القضاء على مقومات الحياة في قطاع غزة بشكل متعمد وممنهج، متسببًا في أزمة إنسانية عميقة تُفاقم من معاناة الشعب الفلسطيني. «مدينة أشباح» وحول تطورات الوضع على الأرض في شمال قطاع غزة بعد مرور 100 يوم، يقول الصحفي الفلسطيني أحمد معين قنن، المتواجد في شمال غزة، "نحن نشهد المزيد من الضغط العسكري الإسرائيلي وتكثيفًا من القصف بين الفنية والأخرى". ويضيف معين قنن ل"بوابة أخبار اليوم"، "هناك كومة دمار من الخراسانات الأسمنتية نراها أمام أعينها في ظل اشتداد وتيرة القصف، ناهيك عن عمليات نسف المباني السكنية، التي يُنفذها الجيش الإسرائيلي، إضافةً إلى القصف المدفعي والمكثف من الطيران الحربي الإسرائيلي". ووصف معين قنن الوضع بشكل مأساوي حينما قال: "شمال قطاع غزة بات الآن كمدينة أشباح تغرق في وحل الطين نتيجة هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية، التي ما زالت مستمرة". معاناة بلا مساعدات إنسانية ويقول الصحفي الفلسطيني أيًَا: "نتحدث عن 100 يوم من الإبادة والتطهير العرقي للبشر والحجر في شمال قطاع غزة، هناك أكثر من 5000 شهيد ومفقود وأكثر من 9500 مصاب وأكثر من 2600 معتقل، وأعداد كبيرة من الشهداء لا يزالوا في الأزقة والشوارع لم يستطع انتشالهم حتى اليوم". ويردف قائلًا: "الكلاب نهشت أجساد الشهداء لعدم تمكن أحدٌ من انتشالهم وهناك تدمير ونسف لكل المنازل في غالبية مناطق الشمال، وأيضًا تجويع آلاف العائلات بمنع دخول المساعدات حتى اليوم". ويسرد معين قنن تفاصيل معاناة السكان والنازحين في ظل انعدام المساعدات الإنسانية فيقول: "شمال قطاع غزة لم يدخل إليه ولو شاحنة مساعدات واحدة.. الجيش الإسرائيلي ما زال يفصل محافظة الشمال عن باقي المحافظات، ناهيك عن منع المياه الصالحة للشرب من الصول للمواطنين، وما زالت هذه الإبادة مستمرة". ويؤكد قائلًا إن "المتضرر الأوحد من عمليات الجيش الإسرائيلي شمال غزة هو المواطن والنازح الفلسطيني، الذي يستمر نزوحه.. نحن نتحدث عن أكثر من 10 مرات نزوح للعائلة الواحدة من مكان إلى مكان، وينزحون دون أي أدوات أو مقومات للحياة". لا مهادنات رغم المباحثات وتمضي العملية العسكرية الإسرائيلية شمال غزة مع استمرار المباحثات في الدوحة بغية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يُنتظر ألا يقل عن شهرين تتخله صفقة تبادل أسرى بين حكومة الاحتلال وحركة حماس. وفي هذا الصدد، يقول معين قنن: "لم نشهد أيًا من المهادنات الميدانية بل نشهد مزيدًا من تكثيف القصف الإسرائيلي على أنحاء متفرقة.. هناك تفاؤل حذر لدى الغزيين بأن يتم تتويج هذه المفاوضات التي تجري في الدوحة بالإعلان عن صفقة لتبادل الأسرى". ويضيف الصحفي الفلسطيني: "من المعروف والمعهود في كل الحروب الإسرائيلية السابقة بأن الساعات والأيام الأخيرة تكون تحمل المزيد من الضغط والمزيد من المجازر الإسرائيلية المرتكبة بحق المدنيين". ويتابع قائلًا: "بالأمس الجيش الإسرائيلي أطلق النار بشكل مباشر تجاه سيارة الدفاع المدني الوحيدة التي تعمل في جباليا وأعطب دواليب هذه السيارة في انتهاكات جسيمة هناك". ويشير إلى أن كل مستشفيات شمال غزة خرجت عن الخدمة والعمل سواء مستشفى كمال عدوان أو العودة أو الإندونيسي، وكل هذه المستشفيات باتت مسرحًا لعمليات الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع. تدمير غير مسبوق ومن جانبه، يقول الصحفي الفلسطيني عماد زقوت، المتواجد أيضًا شمال غزة، "بعد 100 يوم من العدوان الإسرائيلي والعملية العسكرية الواسعة والشاملة في محافظة شمال قطاع غزة.. هناك الكثير من الإحصائيات جراء العملية العسكرية، وهناك ما يقرب من 10 آلاف جريح فلسطيني، وأكثر من 5000 شهيد ومفقود، وهناك ما يقرب من 3000 أسير جراء هذا العدوان والعملية العسكرية الواسعة وهنالك تدمير للمنظومة الصحية بشكل كامل". ويتابع زقوت، ل"بوابة أخبار اليوم"، "هناك عمل غير مسبوق في التاريخ بمنع تحرك سيارة الإسعاف والدفاع المدني واعتقال معظم كوادر وأطقم هذه السيارات، وهناك من استًشهد ومنهم من تم اعتقاله من قبل الاحتلال". ويمضي قائلًا: "هناك تدمير للمنظومة الخدماتية شمال غزة وتدمير البنى التحتية، وتدمير واسع بشكل غير مسبوق للمباني ومنازل المواطنين بشكل كبير جدًا سواء عبر عمليات التفجير أو عبر القصف من قبل المقاتلات الإسرائيلية أو عبر إشعال النيران في هذه المنازل، وأيضًا نتحدث عن تدمير واسع في الأراضي الزراعية والمناطق الصناعية وفي كل شيء في مناطق شمال غزة". ويؤكد زقوت أن هذه العملية العسكرية الإسرائيلية تهدف إلى التدمير العرقي وإلى تدمير أكبر كم من المناطق شمال قطاع غزة، وإجبار عائلات بأكملها على النزوح إلى مدينة غزة، مضيفًا: "وبالفعل هنالك أصبح شمال غزة شبه فارغ إلا من بعض العائلات وبعض الأفراد".