تُعد المعبودة ميريت سيجر واحدة من أبرز الرموز الدينية في مصر القديمة، حيث جمعت بين الرحمة والعقاب في آن واحد. تجسد دور الحامية للمقابر الملكية وصاحبة الصمت المقدس، ما جعلها محط اهتمام الأثريين وعشاق الحضارة الفرعونية. ومن بين أروع تماثيلها، ذلك الذي عُثر عليه في مقبرة الملك أمنحتب الثاني بوادي الملوك بالأقصر، والذي يعكس براعة الفنان المصري القديم ورؤيته اللافتة لطبيعة الآلهة وحضورها القوي، كما ذكره الباحث الأثري الدكتور حسين دقيل، المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية. ** ميريت سيجر: المعبودة الحامية دورها في العقيدة المصرية القديمة ميريت سيجر، التي يعني اسمها "هي التي تحب الصمت"، لم تكن مجرد معبودة عادية، بل كانت رمزًا للهدوء والسلام الداخلي، وحامية لأسرار المقابر الملكية. آمن المصريون القدماء بأنها الإلهة التي ترافق الموتى برحمة وحنان، وفي الوقت ذاته تُنزل العقاب القاسي على كل من ينتهك حرمة المقابر. تم تصويرها في العديد من النقوش والتماثيل بشكل أفعى مجنحة، وهو شكل يُبرز طبيعتها المزدوجة كحامية ومُعاقبة. ووفقًا للأساطير، كانت تعاقب لصوص المقابر بالعمى والعض، تأكيدًا على دورها الحازم في حماية الأموات وأماكن دفنهم. ** تمثال ميريت سيجر: رمز القوة والسكينة - الاكتشاف والتاريخ تم العثور على تمثال حجري لميريت سيجر في مقبرة الملك أمنحتب الثاني (1427-1401 ق.م) بوادي الملوك. هذا الملك، الذي حكم خلال الأسرة الثامنة عشرة بعصر الدولة الحديثة، ترك إرثًا عظيمًا من المعابد والآثار، ومنها هذا التمثال الذي يعكس الروح الدينية السائدة في تلك الحقبة. - التمثال والتفاصيل الفنية التمثال، المعروض الآن في المتحف القومي للحضارة بالقاهرة، يُظهر مهارة الفنان المصري القديم في نحت الرموز الإلهية. يُعتقد أن التمثال صُمم بأسلوب يبرز سمات ميريت سيجر كحامية للأموات، حيث يجسد شكل الأفعى الملفوفة أو الأفعى ذات الرأس الأنثوي. هذه التفاصيل تعكس رؤية المصريين لقدسية المقابر الملكية وعلاقتهم الروحية بآلهتهم. ** الرمزية والمعنى - الصمت والحماية يعكس اسم ميريت سيجر "هي التي تحب الصمت" ارتباطها بحماية المقابر الملكية التي تقع في أماكن معزولة وهادئة. يُعتبر الصمت رمزًا للخشوع والتأمل في الحضارة المصرية القديمة، وهو ما يتوافق مع دورها كحارسة للمقابر وأسرارها. - الثعبان كرمز مزدوج كان الثعبان في الثقافة المصرية القديمة رمزًا للحماية والقوة من جهة، وللخطر والعقاب من جهة أخرى. ظهرت ميريت سيجر بهذه الهيئة لتؤكد على دورها المزدوج كإلهة تُظهر الرحمة للأموات وتُنزل العقاب على المعتدين. ** موقع ميريت سيجر في العقيدة الجنائزية - دورها في وادي الملوك وادي الملوك، الذي يُعتبر أحد أعظم مواقع الدفن في التاريخ، كان المكان المثالي لعبادة ميريت سيجر. حيث ارتبطت الآلهة بحماية الملوك والملكات أثناء رحلتهم إلى العالم الآخر. - علاقتها بالإلهة ماعت تشير النصوص القديمة إلى علاقة وثيقة بين ميريت سيجر والإلهة ماعت (إلهة الحق والعدالة)، حيث كانتا معًا تمثلان قوة حفظ النظام وحماية العدالة في الحياة الدنيا وبعد الموت. * ميريت سيجر اليوم: نافذة على الماضي يُعرض تمثال ميريت سيجر حاليًا في المتحف القومي للحضارة بالقاهرة، ما يجعله متاحًا أمام الجمهور ليُعرّف العالم بروعة الفنون المصرية القديمة وفلسفتها العميقة في تقدير الموتى واحترامهم. هذا التمثال ليس فقط رمزًا تاريخيًا، بل هو أيضًا وسيلة لفهم أبعاد الحضارة المصرية القديمة، التي جمعت بين الجمال الفني والرمزية الدينية. تمثل المعبودة ميريت سيجر تجسيدًا رائعًا لعقيدة المصريين القدماء، التي جمعت بين الرحمة والحزم، وبين الحياة والموت. وبقاء تمثالها حتى اليوم يُظهر عظمة الحضارة المصرية القديمة وإبداعها الفني، حيث لا تزال تلهم العالم وتثير دهشة الزوار في كل مرة ينظرون فيها إلى هذا التراث الفريد. اقرأ أيضا | من معبد الكرنك إلى وادي الملوك.. رحلة تجويو العظيمة