أوزيريس، أحد أعظم رموز الميثولوجيا المصرية القديمة، يجسد معاني الحياة الأبدية، العدالة، والتجدد. عُرف أوزيريس بأنه إله الآخرة والحاكم العادل الذي يزن قلوب الموتى ليقرر مصيرهم في الحياة الأخرى. قصته المأساوية، التي تبدأ باغتياله على يد أخيه ست، وانبعاثه من جديد بمساعدة زوجته الوفية إيزيس، تشكل الأساس لواحدة من أعمق وأقوى الأساطير في مصر القديمة. ومن بين المشاهد الفنية البارزة التي تجسد مكانته، نجد مشهده في المتحف المصري بالتحرير، حيث يظهر جالسًا في ضريحه على هيئة مومياء، حاملًا رمز الحياة "العنخ"، وتحيطه الإلهة ماعت بجناحيها كرمز للعدالة والحماية. 1- أوزيريس.. إله الحياة الآخرة وملك الموتى أوزيريس، الذي يُعرف في النصوص المصرية القديمة باسم "وسر" أو "أسير"، كان يمثل النظام الكوني والعدالة. اعتبره المصريون القدماء الإله المسؤول عن دورة الحياة والموت والبعث. وقد كان أوزيريس الابن الأكبر للإله جب (إله الأرض) والإلهة نوت (إلهة السماء)، وشقيق كل من إيزيس، نيفتيس، وست. * مكانة أوزيريس في العقيدة المصرية: رمزًا للخصوبة والنمو الزراعي، حيث ارتبطت طقوسه بدورة الزراعة وحصاد المحاصيل. كان يُعتقد أن وجوده في العالم الآخر يضمن استمرارية الحياة الأرضية. ارتبط اسمه بالعدالة والحق، مما جعله يحظى بمكانة مركزية في العقائد الجنائزية. 2- أسطورة أوزيريس.. قصة الموت والبعث * أوزيريس ملكًا عادلًا: وفقًا للأسطورة، حكم أوزيريس مصر بسلام وعدل، وعلم الناس الزراعة والحضارة. * خيانة ست: - شعر ست، شقيق أوزيريس، بالغيرة والطمع، فدبر خطة لقتل أخيه. - وضع أوزيريس في تابوت محكم وأغرقه في نهر النيل. * بحث إيزيس عن الجسد: - بحثت إيزيس عن زوجها، ونجحت في العثور على جسده. - لكن ست قطع الجسد إلى أجزاء ونثرها في أنحاء مصر. * بعث أوزيريس: - قامت إيزيس بجمع الأجزاء بمساعدة نيفتيس والإله تحوت. - باستخدام السحر، أعادته للحياة مؤقتًا لإنجاب ابنهما حورس، الذي أصبح رمزًا للحق والانتقام. 3- أوزيريس في العالم الآخر * حاكم العالم السفلي: بعد وفاته، أصبح أوزيريس قاضيًا في محكمة الموتى، حيث تُجرى عملية وزن القلب. * دوره في محكمة ماعت: - يتم وزن قلب الميت مقابل ريشة العدالة (ماعت). - إذا كان القلب خفيفًا ونقيًا، ينال الميت الخلود. - إذا كان ثقيلًا بالأفعال السيئة، تُلتهم الروح بواسطة وحش "عمِت". * رمزية مشهد المتحف المصري بالتحرير: - المشهد يُظهر أوزيريس جالسًا على عرشه كإله الآخرة. - يحمل العنخ، رمز الحياة الأبدية. - الإلهة ماعت، التي تمثل العدالة والنظام الكوني، تحيطه بجناحيها لحمايته. 4- الرموز المرتبطة بأوزيريس * العنخ: رمز الحياة الأبدية والخلود، يظهر في يده بشكل دائم. * المومياء: يجسد أوزيريس غالبًا كجسد ملفوف كرمز للبعث والحياة بعد الموت. * الألوان: الأخضر: لون الحياة والخصوبة. الأبيض: لون النقاء والعدالة. 5. طقوس عبادة أوزيريس - الاحتفالات السنوية في أبيدوس: كان المصريون يقيمون مهرجانات ضخمة لإحياء ذكرى أوزيريس. تضمنت هذه الطقوس إعادة تمثيل قصة موته وبعثه. * الصلوات والنصوص الجنائزية: اعتمد المصريون على نصوص مثل "كتاب الموتى" لضمان قبولهم في العالم الآخر تحت رعاية أوزيريس. تضمنت النصوص أدعية وطقوس لتوجيه الروح إلى أوزيريس. 6. أوزيريس في المشهد الفني بالمتحف المصري بالتحرير - تفاصيل المشهد: يجلس أوزيريس على عرشه، رمزًا لسلطته المطلقة في العالم السفلي. العنخ في يده يشير إلى سيطرته على الحياة الأبدية. الإلهة ماعت تقف خلفه بجناحيها المفرودين كدليل على الحماية والعدالة. - أهمية المشهد: يبرز المشهد براعة الفنانين المصريين القدماء في تصوير المعاني الرمزية. يعبر عن الإيمان الراسخ بمكانة أوزيريس كإله العدالة والبعث. 7. تأثير أسطورة أوزيريس على الميثولوجيا والديانات الأخرى ألهمت قصة أوزيريس أفكارًا عن القيامة والعدالة الإلهية. أثرت في تطور المعتقدات حول الحياة بعد الموت في الحضارات الأخرى. 8. استمرار إرث أوزيريس ظل أوزيريس جزءًا أساسيًا من العقائد المصرية حتى العصور المتأخرة. انتقل إرثه من خلال النصوص الفنية والجنائزية التي خلدت اسمه. الإله أوزيريس ليس مجرد شخصية أسطورية، بل رمز خالد لمعاني العدالة، التضحية، والبعث. قصته تحمل رسائل عميقة عن أهمية العدل، النقاء، والإيمان بالحياة الأبدية. مشهده في المتحف المصري بالتحرير يعكس عظمة حضارة مصر القديمة وإيمانها الراسخ بقيم الحق والنظام. يظل أوزيريس مثالًا خالدًا للإنسانية في سعيها لتحقيق التوازن بين الحياة والموت والبعث. اقرأ ايضًا | أصل الحكاية | شجرة الميلاد من أسطورة أوزوريس إلى رمز عالمي للحب والسلام