يشهد البر الغربي بمحافظة الأقصر حدثًا أثريًا كبيرًا يُعد من أبرز الإنجازات الأثرية في الأعوام الأخيرة، بإعلان العالم الأثري الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، عن اكتشافات أثرية جديدة بجوار معبد الملكة حتشبسوت. وهذه الاكتشافات تمثل نقلة نوعية في فهمنا لتاريخ الدولة الحديثة، وتشمل مجموعة من التوابيت واللوحات الحجرية، بجانب عدد من القطع الأثرية الأخرى. ومن المقرر الإعلان عن تفاصيلها في مؤتمر صحفي ضخم يوم الأربعاء المقبل، بحضور وسائل الإعلام المحلية والدولية. الاكتشافات الأثرية الجديدة: موقع وأهمية: وتتركز الاكتشافات بجوار معبد الملكة حتشبسوت، أحد أعظم معابد الدولة الحديثة في البر الغربي بالأقصر. يُعد هذا الموقع من أهم المواقع الأثرية التي تسلط الضوء على عظمة الحضارة المصرية القديمة، لا سيما في فترة الأسرة الثامنة عشرة. تُبرز الاكتشافات الجديدة الدور المركزي الذي لعبته المنطقة كمركز ديني وجنازي. اقرأ أيضًا| قصور الثقافة تطلق فعاليات الدورة 13 للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر تفاصيل الاكتشافات الأثرية: تشمل الاكتشافات: 1- التوابيت: تم العثور على مجموعة من التوابيت ذات التصاميم والنقوش الفريدة. تعود التوابيت إلى حقبة الدولة الحديثة، مما يُبرز أهميتها التاريخية. تحتوي التوابيت على نقوش تُظهر مشاهد دينية تمثل العقائد الجنائزية. 2- اللوحات الحجرية: مجموعة من اللوحات الحجرية التي تحمل نصوصًا هيروغليفية تسجل طقوسًا دينية واحتفالات جنائزية. تشير النصوص إلى معلومات عن شخصيات بارزة خلال الأسرة الثامنة عشرة. 3- قطع أثرية متنوعة شملت الاكتشافات مجموعة من التمائم، والأواني الفخارية، وأدوات تُستخدم في الطقوس الدينية. تسلط الضوء على الحياة اليومية والجنائزية في الدولة الحديثة. أهمية الاكتشافات العلمية والتاريخية: هذه الاكتشافات تمثل مصدرًا جديدًا لدراسة الدولة الحديثة، خاصة فيما يتعلق بالعقائد الجنائزية وفنون النحت والنقش. كما توفر الأدلة المكتشفة فرصة لفهم الحياة الدينية والاجتماعية خلال هذه الفترة، مما يسهم في إعادة تشكيل صورة أكثر وضوحًا عن هذه الحضارة. تفاصيل المؤتمر الصحفي: سيُعقد المؤتمر الصحفي يوم الأربعاء المقبل بحضور الدكتور زاهي حواس والدكتور محمد إسماعيل، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار. يُعد المؤتمر منصة للإعلان عن تفاصيل الاكتشافات وكيفية العثور عليها. وستتضمن الفعالية عرضًا لبعض القطع المكتشفة، مع شرح علمي مفصل حول أهميتها. نفي الشائعات حول مومياء نفرتيتي: على الرغم من الشائعات التي انتشرت مؤخرًا حول وجود علاقة بين الاكتشافات ومومياء الملكة نفرتيتي، أكد الدكتور زاهي حواس عدم صحة هذه المعلومات. وأوضح، أن الاكتشافات تركز على الدولة الحديثة بشكل عام، ولا ترتبط بمومياء نفرتيتي. اقرأ أيضًا| فيديو وصور| افتتاح معرض «تاريخ الفن» في قاعة الأمير طاز.. تفاعل بين التراث والإبداع التشكيلي البعثة الأثرية المشتركة: أُجريت الحفائر ضمن إطار التعاون بين مؤسسة زاهي حواس للآثار والتراث والمجلس الأعلى للآثار. تعمل هذه البعثة المشتركة على استكشاف وتوثيق المواقع الأثرية بهدف الحفاظ على التراث المصري والترويج له عالميًا. توقعات وتأثيرات مستقبلية: من المتوقع أن تُحدث هذه الاكتشافات الأثرية تأثيرًا كبيرًا على السياحة الثقافية في مصر. ستُضيف هذه الاكتشافات قيمة جديدة لموقع معبد حتشبسوت وستعزز من جاذبية المنطقة كموقع أثري فريد. تمثل الاكتشافات الأثرية الجديدة بجوار معبد حتشبسوت إنجازًا علميًا كبيرًا يُضاف إلى سجل مصر الأثري الحافل. ومن المنتظر أن تفتح هذه الاكتشافات آفاقًا جديدة لفهم تاريخ الدولة الحديثة وتقديم صورة أعمق عن الحضارة المصرية القديمة. حكاية معبد الملكة حتشبسوت: معجزة معمارية تروي أمجاد الدولة الحديثة يقف معبد الملكة حتشبسوت شامخًا على الضفة الغربية لنهر النيل في الأقصر، شاهداً على عظمة الحضارة المصرية القديمة. ويُعتبر هذا المعبد واحداً من أبرز الإنجازات المعمارية في عصر الدولة الحديثة، حيث يعكس القوة السياسية والدينية لملكة مصر العظيمة حتشبسوت. بني هذا المعبد ليكون رمزًا للعبادة والخلود، ويمثل معجزة هندسية تأسر الزائرين بجمالها ودقتها حتى يومنا هذا. البداية: حتشبسوت ملكة قوية وحاكمة ملهمة: حتشبسوت، ابنة الملك تحتمس الأول، تُعد واحدة من أعظم حكام مصر القديمة. حكمت البلاد خلال الأسرة الثامنة عشرة، ونجحت في تحقيق إنجازات عظيمة على المستويات السياسية والاقتصادية والمعمارية. كان المعبد الجنائزي الذي أمرت ببنائه تعبيرًا عن رؤيتها العميقة ودورها كحامية لمصر وكوسيط بين الآلهة والبشر. تصميم معبد حتشبسوت: انسجام مع الطبيعة: يقع معبد حتشبسوت في الدير البحري، وهو جزء من منطقة طيبة الجنائزية. تم تصميمه بطريقة متجانسة مع المناظر الطبيعية المحيطة به، حيث يتصل بجبل طيبة ويرتفع بشكل متناغم على ثلاث مستويات. المعمار الفريد: صُمم المعبد من قبل المهندس "سننموت"، الذي كان أحد المقربين من الملكة. يتميز المعبد بتصميمه المبتكر الذي يجمع بين السلالم الضخمة والمصاطب الواسعة. كل مستوى مزين بأعمدة وأروقة تحمل نقوشاً تروي قصصاً من حياة حتشبسوت وإنجازاتها. النقوش والرسومات: قصة تُروى على الجدران رحلة بلاد بونت: يضم المعبد مشاهد توثق بعثة تجارية أرسلتها حتشبسوت إلى بلاد بونت (الصومال حاليًا)، وهي واحدة من أولى التبادلات التجارية المسجلة في التاريخ. تُظهر النقوش السفن المحملة بالبضائع مثل العاج والأخشاب والبخور. التكريس الإلهي: تصور النقوش حتشبسوت كابنة للإله آمون، مما يُبرز دورها كملكة مختارة من الآلهة. الهدف من بناء المعبد: معلم جنائزي: بُني المعبد ليكون مكانًا لعبادة الملكة بعد وفاتها وضمان خلودها في العالم الآخر. مكان ديني: استخدم المعبد لعبادة الآلهة، خاصة الإله آمون، وشهد طقوسًا دينية واحتفالات سنوية مثل "عيد الوادي الجميل". تحديات المعبد على مر العصور: على الرغم من عظمته، تعرض المعبد لعدة أضرار عبر الزمن، سواء بسبب العوامل الطبيعية أو التعديات البشرية. فقد شهد إعادة استخدامه في فترات مختلفة، أبرزها في العصر القبطي، حيث تحول إلى دير مسيحي. مشاريع الترميم الحديثة: تم تنفيذ العديد من مشاريع الترميم في القرن العشرين وما بعده لإعادة إحياء المعبد والحفاظ على نقوشه وهندسته الفريدة. يشرف المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع بعثات أجنبية على أعمال الترميم المستمرة. أهمية المعبد في السياحة والثقافة: يمثل معبد حتشبسوت اليوم واحدًا من أشهر المعالم السياحية في مصر، حيث يجذب ملايين الزوار سنويًا. يُعتبر رمزًا للتاريخ الغني لمصر، ومصدرًا للإلهام للمهندسين وعشاق الفن والعمارة. معبد الملكة حتشبسوت ليس مجرد بناء حجري، بل هو قصة تروي عظمة ملكة فريدة ورؤية متكاملة تجمع بين الدين والسياسة والفن. سيبقى هذا المعبد شاهدًا خالدًا على العبقرية المعمارية للحضارة المصرية القديمة.