مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، «دونالد ترامب» في 20 يناير 2025، وعودته إلى البيت الأبيض بعد أربع سنوات من مغادرته، يترقب العالم بشغف ما ستحمله ولايته الثانية من سياسات وقرارات فى السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. جاءت الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 فى وقت حساس، حيث عادت التوترات الدولية إلى ذروتها، وظهرت تحديات داخلية كبيرة، وهو ما يجعل العودة المحتملة لترامب إلى سدة الحكم موضوعًا مثيرًا للجدل على المستويين المحلى والدولي. ◄ هدفه التركيز على العلاقات مع الصين وروسيا ◄ عودة الرئيس اختبار للديمقراطية الأمريكية ولفهم العالم الصعب الذى سيواجهه ترامب، بحسب ما ذكرته مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، يمكن الاطلاع على تقرير مكون من 75 صفحة صادر عن لجنة ثنائية الحزب حول الأمن القومي، نُشر فى يوليو 2024. يقول التقرير: «التهديدات التى تواجهها الولاياتالمتحدة هى الأخطر والأكثر تحديًا التى واجهتها الأمة منذ عام 1945، وتشمل إمكانية حدوث حرب كبيرة فى المدى القريب». قد تضطر أمريكا إلى خوض عدة صراعات إقليمية فى وقت واحد، وهو ما قد يتطور إلى حرب عالمية. وقال المفوضون إن البلاد ليست جاهزة لمثل هذه الحروب. والأسوأ من ذلك، أن الأمريكيين بالكاد يدركون كيف أن العالم من حولهم أصبح أكثر ظلمة. ◄ بديل التقليديين ويبدو أن ترامب استطاع تقديم نفسه كبديل للرؤساء التقليديين فى السياسة الأمريكية، حيث ركز على مسألة إعادة «عظمة أمريكا»، وتعهد بالتصدى للسياسات التى اعتبرها تقليدية وعاجزة. وقد استطاع بناء شبكة دعم قوية بين مؤيديه الذين يرون فيه القوة القادرة على مواجهة التحديات الكبرى التى تواجه الولاياتالمتحدة. ومن المتوقع أن يكون لعودة ترامب تأثير كبير على السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية. فى الداخل، سيواجه ترامب العديد من القضايا الحساسة التى كانت فى صميم فترة رئاسته الأولى، بما فى ذلك الاقتصاد، والرعاية الصحية، والهجرة، وإصلاح نظام العدالة الجنائية. وقد عُرف ترامب بمواقفه القوية ضد الهجرة غير الشرعية، حيث طبق سياسات صارمة فى هذا المجال خلال ولايته الأولى، مما جعل هذه القضية من أبرز محاور حملته الانتخابية. وفى حال عودته، يُتوقع أن يتبع نفس النهج، خاصة فى ظل استمرار النقاشات حول الهجرة فى الولاياتالمتحدة. ووفقًا لموقع «News. AZ» فعلى الصعيد الاقتصادي، جلبت فترة ترامب الأولى معدلات نمو مرتفعة، ولكنه فى الوقت نفسه واجه انتقادات بشأن اتساع الفجوة الاقتصادية بين الفئات المختلفة. ومن المرجح أن تستمر النقاشات حول إصلاح النظام الضريبى وزيادة فرص العمل، بالإضافة إلى تحديات التجارة الدولية فى عصر العولمة. ◄ تحد كبير السياسة الخارجية ستكون أحد التحديات الكبرى أمام ترامب فى حال عودته إلى البيت الأبيض. فقد اتسمت فترة ولايته الأولى بتوجهات غير تقليدية فى هذا المجال، حيث انسحب من عدة اتفاقات دولية، مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووى الإيراني، كما اتبع سياسة «أمريكا أولًا» التى أعطت الأولوية للمصالح الأمريكية على حساب العلاقات الدولية. من المتوقع أن يعيد ترامب التركيز على تعزيز القوة العسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة، مع احتمالية اتخاذ مواقف متشددة تجاه الصين وروسيا. كما يُتوقع أن يستمر فى تقليص التزام الولاياتالمتحدة بالمنظمات الدولية مثل الأممالمتحدة وحلف الناتو، إذ سبق له أن انتقد هذه المؤسسات فى فترته الأولى. أما فى منطقة الشرق الأوسط، فقد شهدت فترة رئاسة ترامب تغييرات جذرية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والانسحاب من الاتفاق النووى مع إيران. فى حال عاد إلى سدة الحكم، قد يستمر فى سياساته المثيرة للجدل تجاه إيران وحلفاء أمريكا فى المنطقة. الرئاسة الثانية لترامب ستثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الديمقراطية الأمريكية. فقد تعرضت انتخابات 2020 لاتهامات بالتزوير من قبل ترامب وأنصاره، وهو ما أدى إلى انقسام حاد فى البلاد. فى حال عاد ترامب إلى البيت الأبيض، قد تتجدد هذه الاتهامات والتوترات، ما يهدد استقرار النظام السياسى الأمريكي. ستكون هذه العودة بمثابة اختبار للمؤسسات الديمقراطية فى الولاياتالمتحدة، خاصة فى ظل تزايد الانقسامات الحزبية والمجتمعية فى البلاد. ◄ القوى الكبرى وفى الساحة الدولية، تراقب القوى الكبرى مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبى والشرق الأوسط عن كثب ما ستؤول إليه سياسات ترامب فى ولايته الثانية. ستكون هناك حالة من عدم اليقين بشأن العلاقات التجارية والعسكرية، حيث إن ترامب معروف بتوجهه نحو سياسة الحروب التجارية وفرض الرسوم الجمركية. كما أن العودة إلى خط سياسة «أمريكا أولًا» قد تؤدى إلى مزيد من التوترات مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، مثل كندا والاتحاد الأوروبي، ما يهدد العلاقات الدولية. مع قرب تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية، يُتوقع أن تشهد فترة رئاسته العديد من التحديات والفرص على الصعيدين الداخلى والدولي. فى حين أن ترامب سيستمر فى فرض سياساته القوية والمثيرة للجدل، فإن العالم يترقب تأثير ذلك على النظام السياسى الأمريكي والعلاقات الدولية. ستكون فترة رئاسته الجديدة اختبارًا للمؤسسات الديمقراطية فى الولاياتالمتحدة ومدى قدرة البلاد على الحفاظ على استقرارها فى ظل القيادة غير التقليدية التى يجسدها ترامب.