أشرقت علينا شمس عام جديد، البعض يبدأون هذا العام بروح من التفاؤل بأنه أتى ومعه أمل جديد بحياة أفضل، والبعض الآخر وربما تكون الأكثرية قد غلب عليهم اليأس والقنوط بحيث لا يتوقعون في هذا العام ولا أي عام قادم أي شيء أفضل من الأعوام التي مضت، والتي كان أغلب طابعها البؤس والشقاء والألم على غالبية سكان هذا الكوكب. بصفة عامة أنا أحب التفاؤل، وذلك انطلاقا من إيماني بالله وقناعتي بأن الله لم يخلقنا للبؤس والشقاء، بل إن الله قد وعد الإنسان بكل ما هو خير وطيب، وفي نفس الوقت حذره من أن شقاءه وبؤسه هما من أفعال يديه وليس من الله "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ"، لذلك ومع مقدم العام الجديد ينبغي أن يقف كل فرد وقفة حق مع نفسه ليقدم لنفسه كشف حساب ويعيد حساباته ليضع يده على الأشياء التي يتحكم فيها وتسبب له الشقاء، والأخرى التي تبعث فيه البهجة والسعادة.. وفي هذا الشأن حاول الكثير من علماء وخبراء علوم الاجتماع والنفس مساعدتنا لاستقبال العام الجديد بروح الأمل والتفاؤل، حيث يؤكدون أن الاستعداد لاستقبال العام الجديد بل والترتيب له من خلال اللقاء مع الأهل والأقارب والأصدقاء ينشر روحاً إيجابية بين العائلة لاستقبال العام الجديد بروح أكثر إشراقا وتفاؤلا، ولم لا ونحن بالفعل نفعل ذلك مع استقبال العام الهجري ومع استقبال رمضان ومع استقبال الأعياد والمناسبات الدينية المختلفة، فلننظر إلى بداية العام الجديد على أنها فرصة طيبة لإعادة شحن الذات من خلال تعزيز التقارب داخل الأسرة والعائلة ومحيط الأصدقاء والجيران والزملاء في العمل، وكل منا يجدد عهده مع الله بألا يفعل ما يؤذي الآخرين أو يصمت عليه.. وهنا لا ننسى دور المرأة؛ حيث يؤكد علماء النفس أن المرأة هي سر سعادة الأسرة وعليها دور كبير في نشر البهجة وسط الأسرة من خلال مساهمتها الكبيرة في التحضير لجمع الأسرة للاحتفال أو على الأقل استقبال العام الجديد ببهجة وسرور. وبصفة عامة يعطي الخبراء خمس نصائح أساسية لبث البهجة مع الأيام الأولى لهذا العام وهي: - ◄ تجهيز المنزل للاحتفال وذلك من خلال القيام على نظافته وترتيبه والتخلص من جانب من الأشياء المهملة أو التي لم تعد الأسرة تستفيد منها، ومن لديه القدرة على شراء أي شيء جديد لتجديد أثاث المنزل فليفعل، ومشاركة أفراد الأسرة في تزيين المنزل حتى ولو بشيء بسيط استعدادا للاجتماع مساء واستقبال العام الجديد في جو أسري سعيد. ◄ الموسيقى والروائح الطيبة، مفيدة جدا للمساعدة في تهيئة أجواء لطيفة ومريحة خلال الاجتماع الأسرى لاستقبال العام الجديد، مع الابتعاد عن الأصوات العالية أو الروائح النفاذة، وبصفة خاصة الأصوات والروائح التي قد تؤذي الجيران. ◄ خلال اللقاء الأسرى والعائلي محاولة التمسك بالروح الإيجابية وتبادل أطراف الحديث عن العادات والتقاليد الطيبة التي تعزز من التقارب بين أفراد الأسرة والعائلة والوقوف على الجوانب التي لا تعجب كل فرد والعمل على تجنبها في المستقبل، مع تبادل الوعود بالحفاظ على التقارب ومؤازرة بعضنا البعض. ◄ العمل الجماعي من خلال مشاركة أفراد الأسرة والعائلة في الترتيبات للاحتفال، وفي حال وجود أطفال فيمكن تشجيع روح المشاركة فيهم من خلال تشجيعهم على المشاركة في تحضير المأكولات أو إبداء مواهبهم الإبداعية سواء في الغناء أو الموسيقى أو الرسم أو أي شيء آخر مع الوعد بالمساعدة على تطوير هذه الجوانب في العام الجديد. ◄ الروح الإيجابية والتسامح، فكما تبادلنا في الوسط الأسرى الحديث عن الجوانب الجيدة التي يجب الحفاظ عليها والجوانب الأخرى التي سنعمل على عدم تكرارها، علينا أيضا أن نتصل بالآخرين أو نرسل إليهم رسائل المعايدة، ولا ضير هنا من الاعتذار وتجديد العلاقة مع من أسأنا إليهم والوعد بعدم التكرار. ولكن يمكن أن نضيف على هذه القائمة بندا مهما جدا وهو وضع هدف أو أهدف بحيث نسعى لتحقيقها في العام الجديد، بعد مراجعة ما تم في العام الماضى. ونفس الأمر ينطبق على محيط العمل، فينبغي على قيادات العمل مراجعة ما جرى تحقيقه في العام الماضي وما أخفق عن تحقيقه والأسباب في كل حالة، بحيث يمكن التركيز على تعزيز أسباب النجاح والعمل على التخلص من أسباب الإخفاق بقدر الإمكان، والأهم من ذلك هو تهيئة البيئة المناسبة للإنجاز والمزيد من الإنتاج بالنسبة للعاملين.. وعلينا هنا أن نتذكر شيئا هاما وهو وكما أشرت من قبل، أننا ننتهز أية فرصة لنبتهج معا فيها ونجدد تعبيرنا عن الحب والألفة للآخرين وعدم تكرار ما يسيء لهم، بغض النظر عن هذه المناسبة ، فكوني أهنئ أخي المسيحي أو كونه يهنئني في المناسبات الدينية المختلفة لا يعني مطلقا أن ذلك سيؤثر على معتقداتي أو مبادئي الإيمانية، ومن يتحدثون بغير ذلك فهم في الأساس من دعاة النفور والكراهية، وسواء أكانت أعيادا أو غير أعياد فلن تعيهم الحيلة للبحث عن وسيلة أو مناسبة لنشر الكراهية بين البشر، فهذه تجارتهم ومصدر رزقهم الأساسي. لقد نجح المصريون في تصدير مظاهر البهجة والفرح بمختلف المناسبات، فهم بحق مصدر إلهام للآخرين بالأمل والتفاؤل مهما كانت الظروف، عليهم مواصلة هذه الروح التي تشع السعادة وتبعث الأمل في نفوس الآخرين، فهذا هو دور مصر وهذا هو دور المصريين. وفي إطار تمسكنا بروح التفاؤل والأمل مع الأيام الأولى للعام الجديد دعونا نخرج جميعا ونتنزه معا ونستقبل العام الجديد بتبادل التهانى والهدايا، ونتزاور لقضاء وقت لطيف ونتعاهد على المحبة ومساعدة بعضنا البعض ونبذ كل ما هو ذميم، فهذه هي شيمة المصريين التي لن يتخلوا عنها مهما كانت الدعاوى ومهما كانت الظروف... كل عام وأنتم بخير.