حوار| خبير دولي: 4 سيناريوهات أمام روسيا في سوريا

-بشار الأسد كان يتخذ إجراءات طول الوقت تقوض أية محاولة للانقلاب
-تركيا لا تعارض بشكل مطلق وجود روسي محدود في سوريا
- مصالح موسكو وطهران أكبر من الملف السوري وتمتد إلى القوقاز
- مناورة موسكو بورقة بشار الأسد في مستقبل سوريا «مستبعد تماما»
منذ رحيل بشار الأسد عن حكم سوريا والحديث لا ينقطع عن اللغز الروسي، تسريبات كثيرة أزاحت الستار عن كواليس الدور الروسي قبل رحيل الأسد الابن من الحكم، لكن ما يعنينا في الأمر هو الحديث عن مستقبل روسيا سواء في سوريا أو المنطقة.
معلومات كثيرة تشير إلى أن روسيا لن تترك تموضعها الراهن في المنطقة بسهولة، وأن قواعدها العسكرية ربما تظل في سوريا أو تنتقل إلى «أرض بديلة» في أحد دول المنطقة.
«بوابة أخبار اليوم» تحاور الباحث في الشأن الدولي والأوراسي، فراس بورزان في محاولة لسبر أغوار المستقبل الروسي في الشرق الأوسط.
◄ بداية.. هل نهاية نظام الأسد في سوريا بالنسبة إلى روسيا خسارة «جولة» أم خسارة « معركة»؟
نهاية نظام بشار الأسد يمثل خسارة استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى روسيا، وذلك بالنظر إلى الاستثمار الجيوسياسي الذي استثمرته روسيا في سوريا على مدار عقد كامل.
اقرأ أيضًا| تفاصيل صادمة .. إعلام إسرائيلي يكشف مخطط تقسيم سوريا ل«5 دويلات»
◄ ماذا عن مخططات روسيا للحفاظ على ثقلها الاستراتيجي في سوريا؟
في الحد الأدنى تتطلع روسيا إلى الحفاظ على موطئ قدم في سوريا، عبر الحفاظ على قاعدتي طرطوس و حميميم العسكريتين، لا يزال مسار العلاقات مع السلطة الجديدة غير واضح المعالم بالنسبة لموسكو، ربما يتضح ذلك المسار خلال الأشهر القليلة المقبلة.
◄لماذا لم تحاول روسيا تغيير بشار الأسد بأحد جنرالاته لقطع الطريق على مخطط انهاء نظام البعث؟
روسيا طورت علاقاتها بالفعل مع ضباط رفيعي المستوى في النظام السابق، وفي مقدمة هؤلاء الجنرال سهيل الحسن الذي يترأس الفرقة 25 عمليات خاصة، لكن لابد من الأخذ في الاعتبار أن بشار الأسد، كان يتخذ إجراءات طول الوقت تقوض أية محاولة للانقلاب، بالإضافة إلى أن بنية الجيش السوري تختلف عن الجيوش النظامية الأخرى بالمنطقة، إذ يوجد 40 ضابطاً كانوا يرتبطون بصورة مباشرة مع بشار الأسد نفسه.
◄ روسيا غامرت بمستقبل علاقتها مع حكام سوريا الجدد بمنح بشار الأسد «لجوء إنساني» لماذا فعلت ذلك؟
لا أعتقد أن مسألة منح بشار الأسد لجوء إنساني سوف يكون لها تأثير على علاقات موسكو بدمشق.
◄ هل يمكن لموسكو المناورة بورقة بشار الأسد في تشكيل حكومة منفى حال خروج الأوضاع عن السيطرة في سوريا؟
هذا السيناريو مستبعد تماما، خاصة وأن رحيل بشار الأسد إلى موسكو، والإعلان عن استقالته من الرئاسة، جاء علي لسان الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف.
◄أحاديث تدور على استحياء عن ترتيبات روسية - أمريكية بشأن أوكرانيا عجلت بنهاية الأسد الابن.. هل هذا واقعي ؟
لا أعتقد أن هناك صلة، إذ من الواضح تماما أن نهاية بشار الأسد، وانهيار قواته السريع كان مفاجئاً لموسكو.
◄ كيف سيؤثر خسارة الحليف الرئيسي على قدرة روسيا على لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية؟
بالتأكيد، سيكون هناك شكوك في قدرتها على حماية حلفائها من الانهيار، خاصة وأن روسيا تمنح المنطقة أولوية قصوى، لذا من المؤكد أنهم سيحاولون على الأقل المحافظة على وجودهم في المنطقة، وأعتقد أن التركيز الروسي في الفترة القادمة سيتجه إلى تعزيز وضعهم في ليبيا.
اقرأ أيضًا| محلل سياسي: الخلافات حول آلية التمثيل قد تؤثر على نتائج الحوار السوري
◄ هل اتخذت روسيا خطوات عملية في هذا الشأن؟
روسيا بالفعل بدأت قبل أشهر توسيع قواعدها في ليبيا، ومن المتوقع أن تمارس ضغوطا على المشير خليفة حفتر للحصول على قاعدة بحرية.
◄ معنى ذلك أنه لا مستقبل أمام بقاء القواعد العسكرية الروسية في سوريا؟
في اعتقادي أن هناك 4 سيناريوهات أمام القواعد العسكرية الروسية في سوريا، السيناريو الأول: تتوصل موسكو ودمشق الجديدة إلى اتفاق يضمن استمرار القواعد الروسية بشكل محدود مقابل التزامات روسية بدعم استقرار سوريا اقتصاديًا وسياسيًا، وتأمين ردع تجاه إسرائيل، هذا السيناريو قد يواجه ضغوطًا غربية، إذ قد تشترط الدول الغربية انسحابًا جزئيًا أو كليًا للقوات الروسية مقابل تقديم مساعدات لإعادة الإعمار ورفع العقوبات.
️السيناريو الثاني يتمثل في الانسحاب الكلي تحت ضغط داخلي وخارجي، قد تضطر روسيا إلى الانسحاب الكامل من سوريا، مما يؤدي إلى خسارة استثماراتها هناك، هذا الانسحاب سيترتب عليه تراجع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط‬ وأفريقيا، ما قد يُحدث تحولًا كبيرًا في موازين القوى الإقليمية والدولية.
السيناريو الثالث: إعادة التفاوض على الوجود العسكري، وفي هذا السيناريو تسعى موسكو إلى إعادة التفاوض مع القيادة السورية الجديدة، بشأن طبيعة وحجم وجودها العسكري، بما يتناسب مع المتغيرات السياسية والميدانية، مع محاولة ضمان استمرارية وجودها الاستراتيجي في طرطوس وحميميم.
أما السيناريو الرابع والأخير فإنه يتمثل في تحويل القواعد إلى مراكز تدريب ومساعدات، وقد يتم تحويل القواعد العسكرية الروسية إلى مراكز تدريب للقوات السورية الجديدة، ومراكز لتقديم المساعدات الإنسانية، بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
وفي الوقت نفسه، تحتفظ روسيا بوجود عسكري رمزي وبحق استخدام قاعدة طرطوس‬ كنقطة لوجستية استراتيجية.
iframe allow="accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture; web-share" allowfullscreen="" frameborder="0" height="870" referrerpolicy="strict-origin-when-cross-origin" src="https://www.youtube.com/embed/8fH1Xz5-5Pc" title="تحالف إسقاط "الأسد".. خريطة التنظيمات المسلحة في سوريا" width="623"
◄ما مدى استعداد روسيا للتنسيق مع تركيا بشأن مستقبل سوريا بعد الأسد؟
العلاقات الروسية التركية فريدة ومعقدة بسبب تشابك الدولتين في مناطق مُتعددة، كما أن هناك تنسيق سابق بين الدولتين بخصوص سوريا، وسيتغير شكله تبعا لتوازن القوى الجديد.
◄ لكن لا يخفى على أحد وجود «غضب مكتوم» من روسيا تجاه تركيا؟
كما أشرت سابقا هذه العلاقات معقدة ومتشابكة، وقد واجهت في السابق تلك العلاقات اختلافات حادة، قد تصل إلى مواجهة كتلك التي شهدتها ليبيا والحرب بين أذربيجان وأرمينيا، لكن كلا الطرفين يدرك مدى الاعتماد المتبادل بينهما، ومن المرجح أن يتم تجاوز ما حدث، لاسيما وأنه لا تبدو أنقرة ظاهرياً، معارضة بشكل مطلق لوجود روسي محدود في سوريا، والدليل على ذلك دعوة المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جيليك، الغرب إلى عدم ربط المساعدات لسوريا بموضوع القواعد العسكرية الروسية.
واعتبر أن مصير هذه القواعد يجب أن يُحدد من خلال المفاوضات الثنائية بين دمشق وموسكو، هذا الموقف يعكس التوجه التركي نحو تثبيت توازن إقليمي يحافظ على النفوذ الروسي ضمن حدود لا تتعارض مع المصالح التركية.
اقرأ أيضًا| أستاذ علاقات دولية: خارطة الطريق في سوريا تحتاج لضغط زمني كبير
◄هل انتهاء عهد الأسد في سوريا بداية نهاية «التحالف الوثيق» بين روسيا وإيران أم على النقيض من ذلك؟
الملف السوري هو جزء من العلاقات الروسية الإيرانية ليس كلها، البلدان لديهما مصالح مشتركة في القوقاز الجنوبي وبحر قزوين، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني الذي تلعب روسيا دورا مهما فيه.
◄ لماذا التواجد الروسي العسكري في الشرق الأوسط «بالغ الأهمية» بالنسبة إلى روسيا؟
علاقات روسيا بالشرق الأوسط هي علاقات تاريخية، بالإضافة لذلك المنطقة لديها تأثير على ملف الطاقة الدولي، وهذا ملف بالغ الأهمية بالنسبة لروسيا التي تشكل عوائد الطاقة شريان الحياة للاقتصاد الروسي.
◄العلاقات الروسية - الإسرائيلية تشكل لغزا كبيرا.. ماهو التوصيف الدقيق لها وكيف تتوقع شكل هذه العلاقة مستقبلا؟
بالرغم مما يبدو أنه خلاف وتصاعد في النبرة الدبلوماسية، إلا أن روسيا وإسرائيل حافظا دوما على علاقات عميقة، إذ يوجد مليون إسرائيلي من أصول روسية، يمثلهم أحزاب لها حضور في الحياة السياسية في إسرائيل، كما يحافظون على صلتهم بالمجتمع الروسي والتأثير فيه، لذلك قد يلعبوا دورا حاسمًا في إبقاء هذه العلاقات عميقة.