تقرير: شادية محمود - مركز دراسات وأبحاث الشرق الأوسط تشهد الأزمة السورية حاليًا صورة من التعقد لم تكن متوقعة، وزيارة العمل الخاطفة للرئيس السوري بشار الأسد لموسكو، أمس الثلاثاء، والتي تعد الأولى خارجيًا له منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أربعة أعوام، وتنبئ باحتمالية حدوث تحولات مستقبلية في المشهد السوري، فكما حرك العامل الروسي المياه الراكدة بدخوله المعادلة السورية في 30 سبتمبر الماضي، جاءت تلك الزيارة لتجسد عمق العلاقات الاستراتيجية بين دمشقوموسكو والتي يعود تاريخها لعام 1944، وتطورها بشكل كبير لترقى إلى مستوى التحالف الاستراتيجي مع وصول حافظ الأسد لسدة الحكم في عام 1970. خمسة أسباب رئيسية تدفع روسيا لدعم القيادة السورية وهي، أولاً: تزايد نفوذ الجماعات المعارضة الذين يقاتلون النظام والدعم المالي المتزايد الذي يتلقونه، ثانيًا: معاناة روسيا في حربها مع الأصوليين في الشيشان والتي أسفرت عن خسائر فادحة ولايزال التطرف في القوقاز يمثل مشكلة كبيرة لروسيا، ثالثا: ميناء طرطوس السوري الذي يعد آخر قاعدة عسكرية روسية خارج روسيا والميناء الوحيد لسفنها البحرية على البحر المتوسط، حيث تخشى موسكو حال سقوط النظام السوري خسارة هذه النقطة المهمة التي تعزز قدرتها البحرية. والسبب الرابع للدعم الروسي لسوريا هو: تطلع روسيا منذ فترة طويلة إلى بناء نظام عالمي متعدد الأطراف، وقد شجع دعم الصين لخيارات موسكو في سوريا من خلال استخدام الفيتو على إرسال رسالة قوية للولايات المتحدة، مفادها أنه لا يجوز اتخاذ قرارات أحادية في القضايا ذات الأهمية العالمية بعد اليوم، فيما يكمن السبب الخامس والأخير في وجود 30 ألف مواطن روسي يقيمون داخل الأراضى السورية وتقع مسئولية حمايتهم على عاتق الدولة الروسية. زيارة الأسد لموسكو التي لم يعلن عنها مسبقًا استهدفت التباحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن العمليات العسكرية المشتركة، التي تتضمن ضربات جوية روسية مساندة لقوات النظام السوري في عملياته البرية والتي ينفذها في عدة مناطق، بالإضافة إلى مناقشة الضربات الجوية على بعض قواعد تنظيم "داعش" الإرهابي. بحسب المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتريبيسكوف، فإن الرئيس بوتين أعرب -خلال اللقاء الذي بثته قنوات التلفزيون الروسية- عن استعداده للمساعدة في العمليتين العسكرية والسياسية في سوريا، مؤكدًا أنه سيتواصل عن كثب مع قوى عالمية بشأن حل سلمي في سوريا، فيما أعرب الرئيس الأسد عن بالغ امتنانه لما تقدمه روسيا من مساعدات، مشيرًا إلى أن الدعم الروسي حال دون حدوث سيناريو مأساوي في سوريا، قائلاً إن الشعب السوري بأكمله يريد المشاركة في تقرير مستقبل بلاده. وأطلع الرئيس السوري نظيره الروسي على الوضع في بلاده والخطط المستقبلية للجيش السوري، وتمت مناقشة مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين، ومحاربة المجموعات الإرهابية المتطرفة، والقضايا المتعلقة بمتابعة العملية الروسية ودعم العمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية. خسارة سوريا تعني خسارة لروسيا التي تنظر إليها على أنها حليف استراتيجي وخط دفاع أمامي لها، فمنذ اندلاع الأزمة السورية عبر الجانب الروسي عن تعاطفه مع القيادة السورية، ودعا أطراف المعارضة إلى الجلوس على طاولة الحوار، وقام بنشر حوالي 50 فردًا، ومنذ بدأت الأزمة السورية تم نشر حوالي 50 فردًا من البحرية الروسية، و3 سفن في ميناء طرطوس وحاملة الطائرات الاميرال كوزنتسوف بالإضافة إلى المدمرة المضادة للغواصات الاميرال تشابانينكو، وتوجهت 3 سفن برمائية من ميناء سيفيرو مورسك بحر نارنتس إلى ميناء طرطوس في سويا، وتم إرسال المدمرة سمتليفى من ميناء سيفاستوبول في البحر الأسود إلى ميناء طرطوس أيضًا.