وسط توعد المهاجرين غير الشرعيين، احتل ملف الهجرة من قبل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اهتماما كبيرا، وصلت إلى 78% من أولوياته القصوي المطلوب التعامل معها خلال ولايته التي تبدأ يناير 2025 ، وسط توقعات بدراسة إدارته لخيارات مختلفة منها إنهاء الحصول علي الجنسية الأمريكية بالولادة. في هذا الصدد، تعرض مؤسسة بروكينجيز، السيناريوهات المتوقعة حول هذا الملف، مرجحة أن تخضع سياسة الهجرة إلى سياسات أكثر صرامة، لاسيما مع تواجد صقور ترامب المعنيين بهذا الملف بالغ الأهمية. وعد خلال الحملة الانتخابية، ترامب بأكبر «حملة ترحيل» في التاريخ الأمريكي، يعزز من امكانية حدوث ذلك أنه خلال ولاية ترامب الأولى، زادت عمليات الترحيل القسري مقارنة بفترة ولاية أوباما الثانية، لكنها لم تقترب من تحقيق مستويات فترة ولاية أوباما الأولى أو تنفيذ ما يعتبره معظمهم ترحيلًا جماعيًا. ومع ذلك، كان إنفاذ القانون في الداخل أقل استهدافًا مما كان عليه في عهد أوباما وأوجد خوفًا واسع النطاق، بحسب المؤسسة الأمريكية. مؤشرات الوقت المبكر من المتوقع أن تظهر دلالات في وقت مبكر من الإدارة إذا كان ترامب سيذهب إلي أبعد من جهود إنفاذ القانون أم لا متمثلة في عدد من العقبات ترصدها المؤسسة الأمريكية في: - التحديات اللوجستية والتوظيف: للتحرك في هذا الاتجاه، سوف تستلزم موارد كبيرة لتجنيد الحرس الوطني، أو قوات إنفاذ القانون المحلي، أو كيانات أخرى لا تشارك عادة في إنفاذ قوانين الهجرة. - متابعة الاعتقالات في الشوارع وفي الأماكن الحساسة مثل المدارس والكنائس والمستشفيات، ما يتبعه حالة من الفوضي ورد فعل عنيف من النوع الذي ظهر مع سياسة فصل الأسرة التي تبناها ترامب في عام 2018، لاسيما وأن إحدى المجموعات المعرضة للخطر بشكل خاص تقدر بنحو 4 إلي 5 مليون شخصا جاءوا إلى البلاد في السنوات القليلة الماضية، بإفراج مشروط مؤقت أو إشعار بالمثول أمام محكمة الهجرة، سعيًا لطلب اللجوء، وإذا كان التاريخ دليلا فلن يقبل أكثر من نصفهم. - من المرجح أن يتخذ ترامب موقفا أكثر حزمًا خاصة مع من رُفضت طلباتهم للجوء، ما قد ينعكس علي عمليات إنفاذ القانون بأن تكون أكثر شراسة سيما في بدايتها، ما يثبط عزيمة المهاجرين عن الذهاب للعمل، والقيام بأمور حياتهم اليومية، ما قد يؤثر علي أصحاب الأعمال. تدفقات الحدود من ضمن الإجراءات التي قد تلجأ إليها الإدارة الأمريكية المنتخبة وفق « بروكينجز» تقييد تدفقات طلبات اللجوء، رغم أن الولاياتالمتحدة ملزمة بموجب معاهدة دولية بالنظر في طلبات اللجوء، إذ سبق وأن تم التحايل على هذا الالتزام جزئيًا في الفترة بين عامي 2020 إلى 2023 باستخدام المادة 42 من قانون الطوارئ الصحية، والتي قضت بطرد طالبي اللجوء علي الحدود الجنوبية مع المكسيك بذريعة الصحة العامة لانتشار كوفيد-19. ورغم ذلك سُمح لعدد كبير بدخول الولاياتالمتحدة في عام 2022 حتى أوائل عام 2024 لأنهم حصلوا على إفراج مشروط أو إشعار بالمثول أمام محكمة الهجرة، ما دعي الرئيس بايدن في صيف 2024، لإصدار أمرًا طارئًا يحد من النظر في طلب اللجوء لأولئك الذين يدخلون بين موانئ الدخول، ما أدى إلى انخفاض حاد في التدفقات. علاوة علي ذلك، قد تلجأ إلي "بروتوكولات حماية المهاجرين " التي يطلق عليها أيضا "البقاء في المكسيك"، التي أطلقها ترامب مع الرئيس المكسيكي لوبيز أوبرادور في يناير 2019، ومن خلالها أرسل 71 ألف طلب لجوء، بما في ذلك الأطفال وذوي الإعاقة والأمراض المزمنة- إلى المكسيك في إطار البرنامج الأصلي الذي استمر عامين، ما أثار مخاوف إنسانية كبيرة تتعلق بعدم كفاية المأوى والسلامة على الجانب المكسيكي من الحدود. الحماية الإنسانية وفي ارتداد لما اتخذته إدارة بايدن من إفراجات مشروطة للحالات الإنسانية، سواء الإفراج المشروط الإنساني التقليدي الذي يمنح للأفراد الذين يواجهون خطر علي حياتهم في بلدانهم، أو والإفراج الإنساني للأفراد الهاربين من نزاع مسلح أو اضطهاد ديني أو سياسي، وكلاهما قد يوقفهما ترامب سيما البرامج التي أصدرها جو بايدن لمواطني كوبا وهايتي ونيكارجوا وفنزويلا بالإضافة إلى أوكرانيا. كما يمكن للإدارة أن تختار الذهاب إلى أبعد من ذلك ومحاولة إلغاء الوضع الحالي لأولئك الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة بموجب هذه البرامج الإنسانية. برنامج حماية الأطفال وفقا للتقرير، يعيش أكثر850 ألف فرد في الولاياتالمتحدة بموجب الوضع المحمي المؤقت، وبموجب التفويضات المقترحة من مشروع 2025، سيتم إلغاء تصنيفات TPS، ما يتسبب في فقدان الأفراد من بعض أو كل البلدان المعينة بموجب هذه التصنيفات لتصريح عملهم وحمايتهم من الترحيل بين عشية وضحاها. ومن المتوقع أن تواصل إدارة ترامب معارضتها البرنامج الذي يوفر الحماية للمهاجرين الذين وصلوا إلى الولاياتالمتحدة كأطفال، ففي السابق منعت المحكمة العليا الإدارة من تفكيك البرنامج في عام 2020 لأسباب فنية، لكن الجهود القانونية قد تنجح في ولاية ترامب الثانية ، المسارات القانونية وتذكر «بروكينجيز» أن إدارة ترامب ربما تحسم ملف التأشيرات المنراكمة بشكل مفرط، وقد تكون تأشيرات الطلاب من الصين محدودة بشكل كبير، كما تتجه الإدارة المنتخبة إلى إعادة الحظر علي عدد معين من البلدان. ورجح المركز الأمريكي ممارسة الإدارة ضغوطا على ما يسمى «مدن الملاذ» التي تحد من التعاون مع جهود الإنفاذ الفيدرالية، وقد ينطبق الشيء نفسه على الولايات الست والعشرين وواشنطن العاصمة، التي تقدم دروسا داخل الولاية لمستفيدي" DACA " - وهي مبادرة أطلقتها الحكومة الأمريكية في عام 2012 خلال الرئيس أوباما تهدف إلى توفير حماية مؤقتة من الترحيل للأفراد الذين دخلوا الولاياتالمتحدة بشكل غير قانوني عندما كانوا أطفالًا، ومنحهم فرصة للعمل والدراسة بشكل قانوني في البلاد - هي وغيرهم من المهاجرين غير المسجلين. ماذا سيحدث خلال 2025؟ تطرح «بروكينجيز» في تقريرها 3 سيناريوهات محتملة، تتمثل في بذل أقصي مجهود لمكافحة الهجرة في أول 100 يوم، خاصة وأن إدارة ترامب الأولى كانت لديها معدلات ترحيل متواضعة نسبيًا بشكل عام، وقد ينطبق نفس الشيء مرة أخرى إذا سادت مصالح مجتمع الأعمال، سيكون التأثير الرئيسي للجهود المبكرة في هذا السيناريو هو خلق الخوف وعدم اليقين في مجتمعات المهاجرين وإعاقة بيروقراطية الهجرة كما حدث في الإدارة الأولى ما يترتب عليه إبطاء الهجرة، على الرغم من أهميتها، إلا أنها لن تختلف كثيرًا عما شوهد في فترة ولاية ترامب الأولى. السيناريو الثاني وفق المركز الأمريكي يتمثل في سياسة معادية للمهاجرين، وفق القانون تتمتع السلطة التنفيذية بمساحة كبيرة من الحرية فيما يتعلق بسياسة الهجرة، خاصة في ظل عدم رغبة الكونجرس الواضحة في التشريع بشأن هذه القضية. وقد كرس مشروع 2025 اهتمامًا كبيرًا بالملف تشمل عدد من التدابير المقترحة منها: إبطاء سبل الهجرة القانونية الحالية، تقييد تدفقات الحدود بشكل أكبر باستخدام تكتيكات قاسية. السيناريو الثالث والأخير يتمثل في هجرة سلبية، مع عواقب على الاقتصاد الكلي بالإضافة إلى اضطرابات محلية كبيرة لصناعات معينة مثل الزراعة والبناء والضيافة والرعاية المباشرة، ما يشكل صدمة واسعة النطاق في مجتمعات المهاجرين، بما في ذلك ما يقدر بنحو 4.4 مليون طفل مواطن أمريكي مع أحد الوالدين غير المسجلين. شبح الأزمة الدستورية قد تختار الإدارة أن تجعل سياسة الهجرة أرض اختبار لحدود السلطة التنفيذية. ففي الولاية الأولى، كانت هناك قرارات قضائية تقيد الإدارة. على سبيل المثال، حكمت المحكمة العليا ضد إنهاء برنامج العمل المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة، وفرضت المحاكم قيوداً على ما يسمى "حظر المسلمين" الذي حد من التأشيرات من بلدان معينة. وفي مواجهة التحديات القضائية، كانت هناك فرصة ضئيلة لأن تختار الإدارة الجديدة تجاهل أوامر المحكمة، وبالتالي التعجيل بأزمة دستورية. استخلاصا لما سبق، بصرف النظر عن السيناريو القابل للتنفيذ، فلا شك أن الإدارة الجديدة ستتخذ عدد من الإجراءات في هذا الملف، ما قد تنجم عنه العديد من المعارك السياسية والقانونية. في الوقت نفسه، فإن الحقيقة التي يمكن التعاطي معها تتمثل في تباطؤ تدفقات الهجرة، مع التشديد في تطبيق القانون، ما يترتب عليه عواقب وخيمة على الاقتصاد وغيره.