كنا معها خطوة بخطوة فى معركتها الصعبة والطويلة لإثبات براءة شرفها ونسب ابنتها. كانت تخشى خصمها، وتراه صاحب نفوذ، وقد يتدخل لإعاقتها، لكننا طمأناها، وتبنينا قضيتها، ونشرنا كل التفاصيل على مدار حلقتين فى «رفعت الجلسة»، فكان للرأى العام فى مدينتها وقفة ومساندة لها ساعدها فى الحصول على كامل حقوقها. أمس هاتفتنى تلك الزوجة مسرورة لتخبرنى أنها انتصرت أخيرًا. حصلت على حكمين من محكمة الإسماعيلية، الأول من «الأسرة» بإثبات نسب ابنتها لأبيها الذى تبرأ منها واتهم والدتها بخيانته، والثانى من «مدنى» بإلزام زوجها دفع تعويض 200 ألف جنيه عن الأضرار النفسية والأدبية التى لحقت بها، جراء عدم اعترافه بنسب ابنته له والتشهير بها واتهامها بارتكاب الفاحشة. لم تكن سعادتها مقتصرة فقط على براءة شرفها، بل لكونها استطاعت أيضًا مواجهة أصحاب النفوذ فى مدينتها «أهل زوجها» الذين حاولوا كثيرًا إغراءها بالمال وتهديدها بالزج فى السجن، لتبتعد عن ابنهم «الطائش» الذى تلاعب بها وطعن فى شرفها وتبرأ من ابنته. كانت حقيقةً رحلة قاسية تلك التى مرت بها الفتاة لإثبات شرفها. خسرت خلالها أقرب الناس إليها، توفيت والدتها حزنًا مع بداية الأزمة، وقبل الحكم بأيام فارقت الروح والدها، لتبقى وحيدة تدافع عن شرف عائلتها وسط تخاذل الجميع من حولها حتى انتصرت فى النهاية. رغم صغر سنها الذى لم يتجاوز الثلاثين وقلة خبرتها، إلا أنها وقفت أمام المحكمة تدافع عن نفسها. كانت تحضر الجلسات أولًا بأول وتدوّن كل كلمة تُقال، تجمع مستنداتها وتحتفظ بها للوقت المناسب. حيث ظهر ذلك جليًا فى جلسة المرافعة الأخيرة التى برّأ القاضى فيها شرفها. قالت الفتاة للقاضى «سيدى الحاكم فى الأرض.. اقف أمامك الآن وانا أحمل أوراق براءتى بيدى اليمنى، وفى اليسرى إثبات أمومتى، ورغم ذلك لست فى حاجة إليهما، الله كان يرى كل شىء، والجسد يعلم حقيقة ما حدث، وعلى الطرف الثانى وحده فقط، اثبات أنى كاذبة، وان تلك الطفلة البريئة ليست ابنته». نعم سيدى القاضى، ليس مطلوبا منى أن أبرهن لتلك العائلة ذات النفوذ، ان هذه الفتاة الفقيرة، التى لا تملك من حطام الدنيا سوى شرفها، مازالت زوجة لابنهما المدلل الصغير، وأمًا لحفيدتهما مهما انكروا نسبها. لست مطالبة ايضا، أن أقدم لهم الاثبات، مهما تبرأ ابنهما من الحقيقة، وتحجج انه لم يكن فى وعيه، وانه أخطأ وكان يبحث عن المتعة والجسد فقط. حضرت للمحكمة سيدى القاضى ليس لإثبات زواجى من ابن الذوات الذى يعلم نفوذ أسرته الجميع فى محافظة الإسماعيلية، فوثيقة زواجنا معى، بل جئت لإنهاء كل ما يربطنى به، بعد أن شكك فى نسب ابنته، واتهمنى فى شرفى، وهددنى بإيذاء أسرتى. نعم سيدى القاضى لن اصمت أمام ذلك الاتهام، من شخص ائتمنته على شرفى، ومنحته لقب زوج، فخان الأمانة وعرى جسدى أمامكم بطعنه فيه وتبرؤه من تلك «اللحمة» الصغيرة التى احملها على كتفى. كنت ليل نهار.. أدعو الله ان ينطق تلك البريئة التى أحملها على يدى كما انطق سيدنا عيسى صغيرا، فبرأ أمه من الخطيئة، وأعلم يقينا ان الله لو انطقها لبرأتنى وتبرأت هى من ذلك الأب الذى انكر نسبها له. قصتى تتلخص فى اننى فتاة منحنى الله جزءا من جمال الدنيا، ميزنى عن كثير من فتيات هذا الجيل، انا مثقفة، وناشطة فى العمل المجتمعى ببور سعيد، انحدر من أسرة ميسورة الحال، والدى كان موظفا بالتربية والتعليم، أحسن تربيتنا أنا وشقيقى. حصلت على مؤهل متوسط، واجتهدت، واثقلت ثقافتى حتى أصبحت من رواد العمل الاجتماعى فى مدينتى. لم يوفقنى الله فى زواجى الأول، استمر أربعة أعوام وانفصلنا، وترك لى طفلين، بعدها تاه فى دنيا المخدرات، ولم يعد يعلم شيئًا عن أبنائه، لا أتحمل بمفردى تربيتهما، برعاية كاملة من والدى الذى تقاسم معنا معاشه. رغم ذلك لم تتركنى أسرة طليقى فى حالى، حاولوا التعدى علىّ أكثر من مرة، وانا فى طريقى للمحكمة لإقامة دعاوى نفقة ضده، استنجدت بالشرطة، وعند تحرير المحضر التقيت فى القسم بزوجى الحالى. وجدت فيه الامان.. فقد وعدنى سيدى القاضى بالوقوف بجانبى، حقيقة لقد اسكت بنفوذه أسرة زوجى الأول، هددهم بالانتقام منهم، وبسجن ابنهما لسنوات بسبب ادمانه المخدرات والاتجار فيها فى حال تعرض الى، وقتها شعرت بالطمأنينة معه، أدركت انه جاء لينقذنى من ضعفى الذى كاد يقتلنى، ويتسبب فى حرمانى من ابنائى.. خاصة بعد سفر شقيقى الأصغر للعمل بالخارج. أيام وبدأ يتودد الىّ، كان يزورنى فى عملى، حاول كثيرا ان يلتقى بى فى مكان خارج إطار العمل، وافقت، ثم فاجأنى بطلبه الزواج. لا انكر انها كانت لحظة سعيدة، لم اهتم بكونه يصغرنى ب4 سنوات، فزوجى الأول كان يكبرنى ب10 سنوات وافقت، وطلبت منه ان يحضر إلى منزلنا لمقابلة والدى والاتفاق معه على كل شىء.. بعد يومين حضر إلى منزلنا، والتقى والدى، كنت أرى فى عينيه اللهفة، فسرتها وقتها على انها فرحة للارتباط بى، لكننى أدركت بعدها انها سعادة لشهوة كان يقضيها مع ذلك الجسد، وبعدها سينكر كل دقيقة كانت تجمعه به. حضر الشاب، وطلب يدى من والدى، قدم الهدايا والعطايا، تحدث عن نفوذ أسرته، وكيف انهم يتحكمون فعليا فى محافظة الإسماعيلية، قص لنا روايات عن الأقارب والمعارف، كشف عن أسماء وزراء ورجال أعمال وسياسيين سابقين وتحدث عن صداقته مع فنانين ورياضيين وسياسيين وإعلاميين حاليين بعضهم يجمعهم صهر ونسب وقرابة مع أسرته.. لكن بعد كل هذه المقدمة التى تلاها علينا بكبر وتفاخر، فاجأنا بطلب غريب، اخبرنا ان هناك مشاكل بين والده ووالدته، وانه انعزل عنهما، قرر العيش فى محافظة بورسعيد بجوار عمله، بعيدا عن أسرته التى تسكن فى محافظة الإسماعيلية. كان يحاول استعطافنا للقبول بالزواج منه، طلب مهلة لإقناع والديه بحضور الزفاف، وافق والدى على شروطه، لكننا فوجئنا فى مراسم الزواج بعدم حضور أحد من أفراد أسرته. عشنا سيدى القاضى عامين كاملين، فى شقته بالإسماعيلية، حاولت كثيرا الضغط عليه لإحضار والديه إلى بيتنا، لكنه كان يملك حججًا كثيرة. أتذكر وقتها اننى بعد إخباره بحملى، غضب كثيرا، صرخ فى وجهى، واتهمنى بتعمد ذلك للابقاء عليه بجوارى.. ايام واختفى، ذهبت إلى كل مكان التقينا به، لم أجده، انقطع الاتصال بيننا، زرت مقر عمله لكن لم يعطنى أحد معلومة، حتى تلقيت فجأة اتصالا من رقم غريب يخبرنى أحدهم ان زوجى يستعد لحفل زفافه من ابنة مسؤول كبير لم يذكر لى اسمه وقتها». تملكنى الذهول لدقائق، ظللت أرن على هاتفه لساعات، حتى استجاب، وهنا كانت الصاعقة، طلب منى ان ابتعد عنه، لكى لا تؤذينى عائلته، اخبرنى انهم لا يعلمون انه متزوج منى، وأنه فى حال علمهم بذلك لن يعترفوا بالزواج، وسيتهموننى بالنصب ويزجون بى إلى السجن.. لم أيأس سيدى القاضى، وصلت إلى أحد أفراد عائلته، شرحت لقريب له علاقتى وزواجى من ابنهم، بعدها فوجئت باتصال من زوجى، يهددنى بالقتل، ويعرض على رشوة مقابل ان ادون اسم ابنتى التى انكر نسبه لها باسم شخص اخر، بعدها، أهاننى، وهددنى، ثم ألقى على يمين الطلاق. اخبرته وقتها ان مال الدنيا كله لا يساوى كلمة عن شرفى.. توجهت بعدها إلى المحكمة واقمت دعاوى نفقة صغيرة وقدمت وثيقة الزواج وشهادة ميلاد الطفلة مدونا بها اسم والدها.. ايام وحضر المحضر حاملا مستند يشير إلى قيام أهل ذلك الشاب باقامة دعوى انكار نسب لطفلتهم. اقرأ أيضًا| ل28 ديسمبر.. حجز الحكم على البلوجر هدير عبد الرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة رغم ما مررت به سيدى القاضى، إلا اننى أعدت نفسى جيدا لهذه المعركة مع أسرة تملك من النفوذ مايجعلها تغير تقارير طبية.. وهذا ما كنت أخشاه.. نصرنى تقرير الطب الشرعى، وقدمت مستنداتى لحضراتكم.. ومازلت منتظرة حكمك العادل. وسط وهى تسرد مأساتها، قاطعها بكاء صغيرتها التى تحملها على يديها ليسرع القاضى إلى رفع الجلسة، ويعود بعدها بدقائق، ويصدر حكمه برفض دعوى النسب مستندا إلى تقرير الطب الشرعى الذى أكد نسب الطفلة لابيها. بعدها لم تكتف الفتاة ببراءة شرفها، سارعت إلى محكمة التعويضات، طلبت تعويضها عما أصابها من أضرار نفسية وادبية، ليصدر القاضى حكمه بعد عام بالزام زوجها دفع 200 الف جنيه تعويض لها.. لتعلن فتاة بورسعيد انتصارها وتستكمل اجراءات حقوق طفلتها التى لن تتوقف عن المطالبة بها.