تمثل شبكات النقل إحدى أهم ركائز التنمية، وأحد الأعمدة الرئيسة في أي خطة تنموية شاملة، حيث يُعتمد عليها بشكل أساسي في تسهيل الحركة التجارية ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني. وقد شهدت السنوات الأخيرة في مصر تحولًا ملحوظًا في هذا القطاع، كأحد أبرز عناصر رؤية مصر 2030، حيث تمكنت مصرمن بناء وتطوير شبكة طرق قومية مترابطة وممتدة المحاور في جميع أنحاء محافظات الجمهورية، حيث تسارعت الخطى لتطوير البنية التحتية ورفع كفاءة الطرق والنهوض بها وفقاً للمقاييس والمعايير العالمية، باعتبارها أحد أركان تحقيق أهداف خطط التنمية، فضلاً عن إن تطوير البنية التحتية للنقل يعتبر من الأهداف الإستراتيجية التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين. ومن جانب آخر فإن إنشاء شبكة طرق ذات مواصفات دولية يضمن زيادة الثقة في طرق مصر وسهولة الحركة والتنقل، كما ييسر كافة الحركات والأنشطة الاقتصادية ويكون داعماً لجذب المزيد من الاستثمارات، ما يوفر فرص العمل ويحسن من مستويات معيشة المصريين، إلى جانب خلق حالة من الانسياب المروري وزيادة معدلات السلامة والأمان على الطرق المختلفة، بتخفيض نسب وقوع الحوادث. والناظر إلى الخريطة الطبيعية لمصر يجدها واحدة من الدول التي تتمتع بجغرافيا معقدة، حيث تمتد على مساحة شاسعة تضم تضاريس متنوعة من السهول والصحاري والجبال. وترتكز جغرافية مصر على عدة عناصر، أبرزها نهر النيل، الذي يمتد من الجنوب إلى الشمال، فيشكل المحور الرئيس للحياة الاقتصادية والاجتماعية، ثم يحيط بالنيل صحاري واسعة كالصحراء الغربية والصحراء الشرقية وصحراء سيناء، إضافة إلى السلاسل الجبلية مثل جبال البحر الأحمر، تلك المكونات الطبيعية، التي جعلت من النقل والاتصال تحديًا يستدعي حلولًا هندسية وبنية تحتية متطورة، كما جعل شبكات الطرق تلعب دورًا حيويًا في تسهيل حركة الأفراد والسلع عبر رقعتها، وهو العمود الفقري للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. وتعتبر شبكات الطرق وسيلة حيوية لتسهيل الحركة في هذا البلد مترامي الأطراف، ما يجعل تطوير شبكات الطرق يسهم في ربط المناطق النائية بالمراكز الحضرية، ويساعد في وصول الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية إلى السكان في المناطق البعيدة، لتظل شبكات النقل في مصر ركيزة أساسية في تسهيل الجغرافيا المعقدة وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى الرغم التاريخ الطويل لشبكات النقل في مصر، الذي يمتد لعدة عقود، منذ بناء الطرق القديمة، التي كانت تربط بين الموانئ والمدن القديمة في القرون الماضية ، إلى تكوين شبكة المواصلات الحديثة، فقد شهدت تلك الشبكات تحديثًا مستمرًا، حيث برزت أهمية تحسين جودة الطرق والنقل في دعم الاقتصاد المصري. ومع الجهود العديدة لتطوير شبكات النقل، فإن مصر تواجه عدة تحديات يتعلق بعضها بالازدحام المروري مع هذا النمو السكاني الرهيب، فضلاً عن تحديات ضمان مستويات سلامة الطرق، والاعتماد على وسائل النقل التقليدية، وغيرها مما يتطلب ضرورة التصدى لهذه القضايا لضمان تطوير أداء شبكات النقل وتحقيق التنمية المستدامة. ومع توجه مصر نحو تحقيق رؤية 2030، فقد تزايد التركيز على تطوير وتحديث شبكات النقل، الذي يتطلب استثمارات عملاقة يتم ضخها في البنية التحتية، مع مزيد التعاون بين القطاعين العام والخاص، واستخدام الابتكارات والتكنولوجيا الحديثة لمجابهة التحديات الحالية وبناء بنية تحتية تلبي احتياجات الأجيال القادمة. ومما لاشك فيه إن مصر قد خطت خطى جادة في كافة الاتجاهات، فإعلان تقدم مصر 100 مركز في الترتيب العالمي لمؤشر جودة الطرق حديثاً لتحتل المركز 18 عالميًا، لم يكن محض صدفة، بل نتيجة لما تم انجازه خلال 10 سنوات من خلال المشروع القومي للطرق في مصر يعتبر إحد أهم إنجازات العصر الحديث، حيث استهدف المشروع القومى للطرق إنشاء 7000 كيلومتر، تم تنفيذ 6300 كيلومتر منها بتكلفة 155 مليار جنيه، ما يؤدي إلى زيادة أطوال الطرق الرئيسة بنسبة 29.8%، لتبلغ 30.5 ألف كيلومتر بنهاية عام 2024، مقابل 23.5 ألف كيلومتر عام 2014، حيث تم إنشاء مجموعة من الطرق السريعة مثل الطريق الدائري الإقليمي الذي يحيط بالقاهرة، مما يقلل من الازدحام ويسمح بزيادة فعالية النقل. كما تم تطوير ورفع كفاءة 8400 كيلومتر من الطرق الرئيسة بتكلفة 110 مليار جنيه من إجمالي 10000 كيلومتر مستهدف تطويرها ما أسهم بسكل واضح في تسهيل الحركة المرورية وتقليل زمن التنقل بين المحافظات ولعل ذلك واضحاً في ربط المدن الكبرى مثل القاهرة، الإسكندرية، وأسوان، ما سهل حركة التجارة ونقل الأفراد بينها. وتقف تلك المشروعات العملاقة للطرق الجديدة في الصحراء الغربية شاهداً على تسهيل استغلال الأراضي غير المستغلة في تلك المساحات الهائلة، التي كانت غير مستغلة، لتفتح الباب أمام الزراعة والسياحة والاستثمار. ومن جانب آخر ففي السنوات الأخيرة، شهدت مصر تقدماً ملحوظاً في تنفيذ مشروعات الأنفاق الجديدة التي تستهدف ربط شبه جزيرة سيناء بباقي الأراضي المصرية، التي تعتبر جزءاً من استراتيجية تنموية طموحة تهدف إلى زيادة معدلات التنمية المستدامة في البلاد، وتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل لجميع المواطنين على حد سواء، حيث تلعب الأنفاق دوراً محورياً في تسهيل حركة المرور بين سيناء، التي عانت لعقود من الزمن من العزلة بسبب طبيعتها الجغرافية وتضاريسها وبين باقي أجزاء المحروسة. وتعتبر أنفاق قناة السويس الجديدة، من أبرز الأمثلة على هذا المشروع، حيث تتجاوز تأثيرات مشروعات الأنفاق الجانب اللوجستي بما من دور كبير في تحسين مستوى الحياة للسكان المحليين. فالتسهيلات الجديدة تفتح المجال أمام إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة، ما يخلق فرص عمل جديدة ويدعم النشاط الاقتصادي في المنطقة. وتتطلع الحكومة المصرية من خلال هذه المشروعات إلى رؤية تنموية شاملة لشبه جزيرة سيناء بجانب مجموعة مشروعات أخرى في مجالات الإسكان والطاقة والتجارة، مما يعكس التزام الدولة بدعم التنمية في تلك البقعة الغالية. وفي السياق ذاته لايمكن انكار أهمية مشروعات تطوير شبكة السكك الحديدية من خلال تحديث خطوط السكك الحديدية القديمة وإضافة القطارات الحديثة ورفع كفاءة البنية التحتية، فضلاً عن عمل الحكومة على تنفيذ مشروع القطار السريع الذي يربط بين مدن مختلفة في فترة زمنية قصيرة، والسعى الدءوب لجذب الاستثمارات في قطاع السكك الحديدية، ما يسهم في تحسين الخدمات وزيادة التنافسية. ومن جانب آخر فقد تم إطلاق العديد من المبادرات لتطبيق أنظمة النقل الذكي، خاصة في المدن الجديدة، مما يسهم في إدارة حركة المرور بفعالية وتقليل الازدحام. وبين كل ذلك تلتزم الحكومة المصرية بدعم الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة 2030، و الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050 كالتزام حكومي دولي يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخفض الانبعاثات وتحسين جودة الحياة وتطوير السياحة، ولكل مصري أن يفتخر بهذه الانجازات، حيث يتجلى الأمل في تحقيق بنية تحتية قادرة على تلبية احتياجات الأجيال القادمة، وقد بات تطوير شبكات النقل في مصر خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة. حفظ الله مصر