يستمتعون بمرأى ألسنة اللهب، وهى تتراقص على الساحات، وتتوغل، وتتمدد لتلتهم الأخضر واليابس ،ويطربون لصوتها البغيض، وهى تأكل الحصاد، وتبتلع المنازل، والديار، حيث يشجيهم إيقاع التحطم، والانهيار ،هكذا يشعر الخوارج فى كل عصر، وأوان أن جهودهم آتت أكلها، وأصابت هدفها ، فهم يريدون للأوطان أن تنهار، وتتراكم أشلاء الحطام، ليرقصوا فرحين، فقد أشبعوا غريزة التدمير فى داخلهم المريض، وأرضوا سطوة الحقد المشتعل بين جنبات نفوسهم العليلة، وكل من هوى فى أخاديد التطرف، والغلو من الخوارج الهمج تنطوى نفسه على تلك الأحاسيس البغيضة، انه يحقد على الكون بأكمله.. بإنسانه ،وسائر مخلوقاته؛ فالجميع يستحق القتل، والحرق، والتنكيل والإبادة؛ أليسوا يناهضون دعوتهم الزائفة ويجحدون مسلكهم المريض، ولذلك يوزع هؤلاء الخوارج فى كل عصر، وأوان شارات التكفير بالسوية على الجميع، لايستثنون إلا أتباعهم، وهذا ما واجهه الإمام «أبو حامد الغزالى».. المفكر الفذ، والعالم الحقيقى فى زمانه؛ فقد وقف كالطود وحيدًا فى وجه الطوفان الهادر الذى مثلته الدعوة الباطنية فى عصره بعلمه، وقلمه، وشجاعته، وإخلاصه، وتجرده، وذلك ما حاولت الأديبة البارزة» د. ريم بسيونى» أن تجسده فى نص شائق كعادته عبر روايتها الغواص،وقد حاولت أن تحاكى براعة «الغزالى» فى النفاذ إلى جذور القضايا، والغوص فى الهموم، والمؤرقات بأن تغوص هى فى شخصيته ،ونموذجه، وفكره ،ومنجزه، فإلى أى حد نجحت «ريم» فى ذلك النص؟ هو الذى يقدم الإجابة الدقيقة.