ما حدث تخطيط تركى أمريكى روسى واستسلام إيرانى أى متابع لما يحدث فى سوريا لابد أن ينحى جانبا موقفه الشخصى من القيادات الجديدة هناك ويرصد بموضوعية الاتصالات الدولية والإقليمية المتواصلة مع أصحاب السلطة فى دمشق والتصريحات والإشارات التى تتتابع من العواصم العالمية.. فبعد زيارة المبعوث الأممى لسوريا زارت دمشق ثلاثة وفود فرنسية وألمانية وبريطانية للتباحث مع القيادات الجديدة وارتفع العلم الفرنسى فوق مقر السفارة الفرنسية بعد غياب 13 عاما وأعلنت إيطاليا أنها الدولة الأوروبية الوحيدة التى مازالت سفارتها فى دمشق تعمل بشكل طبيعى. وأكدت تصريحات الرئيس الأمريكى المنتخب ترامب والحالى بايدن والتركى إردوغان أن الحكم على القيادات الجديدة فى سوريا سيكون بالأفعال لا بالأقوال. وهذا شيء منطقى ومقبول بالطبع وبدأت تحركات فى الكونجرس الأمريكى والاتحاد الأوروبى لرفع العقوبات على سوريا ورفع هيئة تحرير الشام وقائدها محمد الجولانى «أحمد الشرع حاليا»، من قوائم الإرهاب خاصة بعدما أكد انتهاء علاقته السابقة تماما بتنظيم داعش وأمس الأول ألغت الولاياتالمتحدة القرار الخاص بمنح 10 ملايين دولار مكافأة مقابل رأس أحمد الشرع وذلك بقرار سياسى من واشنطن بعد زيارة وفد من الخارجية الأمريكيةلدمشق والاجتماع بأحمد الشرع الذى أكد أنه لو قدر له أن يحكم سوريا فإنه يتعهد ألا يكون لايران أى دور فى سوريا مستقبلا وبعدم السماح بأى نشاط للجماعات الإرهابية. وكان النظام الجديد فى سوريا قد أرسل رسائل طمأنة إلى دول العالم فى الأيام الأخيرة اعترف فيها بحق النساء فى التعليم وإلغاء التجنيد الإجبارى كما يحدث فى الدول المتقدمة وشدد أحمد الشرع على أن سوريا لن تكون أفغانستان أخري. هذه الاتصالات والتصريحات والتحركات تؤكد كلها رغبة ملحوظة من المجتمع الدولى لإعادة الأمور إلى نصابها فى سوريا، دولة مدنية حديثة تعمل لصالح شعبها وما دامت لم تظهر من قياداتها الجديدة أية بوادر فعلية ترفض هذا التوجه فلماذا لا نعطيها الفرصة لإثبات حسن نواياها.. ويظل لقياداتها هذا الحق إلى أن يثبت العكس.. فلا يمكن الحكم على نظام سياسى جديد خلال أىام من توليه السلطة. وفى حوار مع الإعلامى المتميز شريف عامر فى برنامجه «يحدث فى مصر» يوم الثلاثاء الماضى تناول السياسى المخضرم د.مصطفى الفقى المسكوت عنه فى الخطاب السياسى للنظام الجديد فى سوريا كعلاقته بالجيران العرب فلا خلاف على أن انتماء أحمد الشرع إسلامى وهذا واضح من حديثه فهو يستخدم تعبير الأمة الإسلامية دائما بدلا من الأمة العربية- إيران فقط التى حدد موقفه الرافض لتدخلها فى سوريا. هناك أيضا رسائل التهدئة التى يرسلها لإسرائيل مؤكدا أنه لا مصلحة لسوريا فى الصراع مع إسرائيل وهذه رسالة مهمة جدا مختلفة عن الموقف السورى على مدى أكثر من نصف قرن لكن للأسف إسرائيل ليست الدولة التى تستوعب ذلك! وأضاف د.الفقي.. الرابح من كل ذلك هو التيار الإسلامى ولا أقصد هنا الإخوان بل التيار الإسلامى المعتدل. وأكد د.الفقى أن النظام السورى لم يدع أحدا ليدعمه.. وهو يتمتع الآن بقدر من الاستقرار النسبى دون أن يكون لديه جيش بعد أن دمرت إسرائيل 80٪ من قدراته ودون أن يكون هناك تخطيط دولى مرسوم له -لكن ما حدث- على ما أعتقد- هو تخطيط تركى - أمريكي- روسى- واستسلام إيرانى لكن ليس بلا مقابل.. فإيران تنتظر الثمن فى المفاوضات مع الولاياتالمتحدة حول البرنامج النووى الإيرانى! وسط كل ما يقال عن التوجه الإسلامى للنظام الجديد فى سوريا بثت وكالات الأنباء أخبارا وصورا عن احتفالات سوريا بعيد الميلاد المجيد وإضاءة شجرة الكريسماس رسالة طمأنة ذكية من دمشق للعالم. كما أن الليرة السورية كانت منهارة خلال فترة حكم بشار الأسد لكنها صعدت بقوة وقفزت قفزة هائلة بعد سقوط نظامه.. كان الدولار قد وصل إلى 20 ألف ليرة ويتراوح حاليا بين 12،11 ألف ليرة.