تواجه أوروبا تحديات كبيرة بعد انهيار استقرار التحالف الفرنسي الألماني، الذي كان يعد المحرك الأساسي لاتحادها، فبعد أن كانت فرنساوألمانيا تسيران جنبًا إلى جنب في دفع مشروع الاتحاد الأوروبي للأمام، أصبحت الأزمات الداخلية في كلا البلدين تهدد بتوقف هذا المحرك. وذلك بعد أن باتت تواجه فرنساوألمانيا، مشاكل اقتصادية وسياسية متشابهة، مما يعمق الأزمة داخل التحالف الفرنسي الألماني، ففي فرنسا، تزايد العجز العام والدين العام مع تعثر الحكومة في تشكيل حكومة مستقرة بعد استقالة العديد من الوزراء، أما ألمانيا، فقد شهدت انهيارًا حكوميًا نتيجة للانقسامات الداخلية، الأمر الذي زاد كذلك من تعقيد الأوضاع، وكل هذه الأزمات تشكل تهديدًا مباشرًا للقدرة على اتخاذ قرارات حاسمة على مستوى الاتحاد الأوروبي. اقرأ أيضًا| بروفايل| فريدريش ميزر.. «العائد العنيد» في سباق المستشارية الألمانية انهيار التحالف الفرنسي الألماني يعمق الأزمة الأوروبية يواجه الاقتصاد الأوروبي، تحديات ضخمة في ظل الأزمات الاقتصادية في كلا من فرنساوألمانيا، فبينما تعاني فرنسا من ارتفاع الدين العام، تتخبط ألمانيا في صعوبات اقتصادية جراء الأزمة الأوكرانية وتباطؤ الصناعات الكبرى مثل السيارات، وهذه المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها التحالف الفرنسي الألماني تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، ما يجعل من الصعب على الدول الأوروبية اتخاذ خطوات جماعية في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وفقًا لصحيفة «الجارديان» البريطانية. أوروبا بين عودة «أمريكا أولا» وانهيار الصناعات الكبرى يأتي تعثر التحالف الفرنسي الألماني في توقيت حساس للغاية بالنسبة لأوروبا، فمع العودة المحتملة لسياسات "أمريكا أولا" للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بعد تنصيبه في العشرين من يناير المقبل، يواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطًا كبيرة، وعلى الرغم من أهمية فرنساوألمانيا كقوة اقتصادية، إلا أن التحديات الاقتصادية في كلا البلدين، لا سيما في الصناعات الألمانية، تجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي التأثير في السياسات الدولية. فبعد انهيار الحكومة الألمانية، يواجه المستشار أولاف شولتس، أزمة حقيقية في إعادة تشكيل التحالف الفرنسي الألماني، وقد تؤدي الانتخابات البرلمانية المقبلة في ألمانيا إلى تغييرات كبيرة في القيادة الألمانية، ما يزيد من تعقيد الموقف، وهذا التراجع السياسي في ألمانيا ينعكس سلبًا على استقرار الاتحاد الأوروبي ويهدد قدرة الدول الأوروبية على التعاون بفعالية في مواجهة التحديات العالمية، بحسب الصحيفة البريطانية ذاتها. هل ستستعيد أوروبا توازنها؟ تضع الأزمة الحالية في التحالف الفرنسي الألماني الاتحاد الأوروبي في موقف صعب، مع وجود قوى سياسية متنافسة في كلا البلدين، قد يكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يتقدم بتنسيق فعال، ومع تصاعد التحديات الداخلية، من غير الواضح كيف ستتمكن فرنساوألمانيا من استعادة توازنهما السياسي والاقتصادي وإعادة قيادة المشروع الأوروبي الذي بنيا دعائمهما على مدار عقود. بينما استغل قائد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرز، وقته في بناء ثروة من خلال استثماراته في شركة بلاك روك الألمانية، بات يسعى الآن لإخراج ألمانيا من الركود، لكنه يواجه تحديات كبيرة بسبب ضعف تحالفه، ومع استمرار "رسوم ترامب" الجمركية على بعض الصناعات الألمانية، قد يجد ميرز نفسه مضطرًا للتعامل مع عواقب اقتصادية دولية غير متوقعة، ما يعرقل إصلاحاته المأمولة. اقرأ أيضًا| كيف تخطط أوكرانيا لاستلهام النموذج الأوروبي في الانتخابات القادمة؟ ما هي التحديات الاقتصادية والسياسية في ظل التحولات الأوروبية؟ تواجه ألمانيا تحديات اقتصادية جادة، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الطاقة وضعف الابتكار الصناعي، وبينما يضغط ميرز لإصلاحات ضريبية وسوق العمل، يعوقه الواقع السياسي المُجزأ في البرلمان، فيما قد يؤدي تحالف ميرز مع أحزاب الوسط إلى تشكيل حكومة ألمانية هشة، ما يعرض خطط الإصلاح الاقتصادي للتعثر. فمع تزايد دعم حزب البديل من أجل ألمانيا في الانتخابات، قد يستفيد اليمين المتطرف من الفراغ السياسي، وفي فرنسا، واجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تحديات سياسية جسيمة بعد الهزيمة في الانتخابات البرلمانية، مما أدى إلى انهيار الحكومة، ويعكس هذا الوضع الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية ومالية، حيث كانت الميزانية التقشفية آخر ما أدى إلى انهيار الحكومة، وأصبحت الأزمة المالية والنقدية في فرنسا، جزءًا من المشهد السياسي في البلاد الذي يعاني من صعوبة تشكيل حكومة قوية، بينما يسعى ماكرون لاستعادة التوازن المالي، يواجه معضلة في تعزيز الاستقرار السياسي، ومع استمرار الأزمات في فرنساوألمانيا، يبقى الأمل في تحفيز "المحرك الفرنسي الألماني"، في حين يرى بعض المحللين أن التحالف بين ميرز وماكرون قد يوفر فرصة لإعادة تنشيط أوروبا.