في مساء يوم 21 يوليو 1960، شهدت مصر لحظة تاريخية مهمة، هى لحظة ولادة التلفزيون المصري، وبعد عامين فقط أجرى الكاتب الصحفي محمد نصر تحقيقًا نشرته «آخرساعة» عن سبب ابتعاد أدباء الصف الأول في مصر عن شاشة التلفزيون، وكانت الإجابات مثيرة.. وفي السطور التالية نعيد نشر هذا التحقيق بتصرف محدود: دخلت «آخر ساعة» بيوت الأدباء لتسأل عن التلفزيون.. عن الرأي فى برامجه.. أسباب انصراف أدباء الصف الأول عن المشاركة فى هذه البرامج، واكتشفنا أن أكثر بيوت أدباء الدرجة الأولى تخلو من التلفزيون، وأن بعضهم إذا كان قد أدخل التلفزيون البيت فعلًا فإنه لا يشاهد برامجه مطلقًا، وإنما يترك هذه المهمة لأولاده وبناته. ■ د. محمد عوض محمد ◄ أسألوا الأولاد كان أول المتكلمين الدكتور محمد عوض محمد.. لقد عبر بصراحة، وفى عصبية ظاهرة عن مشاعره الخاصة تجاه التلفزيون، وأسباب انصرافه قائلًا: «أنا لا أجرى وراءهم.. هؤلاء الذين يشرفون على البرامج الثقافية أو الأدبية، لا يمكن أن أسألهم لماذا لم يدعوننى للاشتراك، أو الإسهام فى البرامج، لأننى بلغت مرحلة من العمر لا تسمح لى بذلك». سألت الوزير السابق: هل عندك تلفزيون؟ فقال: «عندي، ولكن لا أشاهد برامجه مطلقا»، فقلت: ولماذا اشتريته؟ فقال: للأولاد. ■ عباس العقاد وسألت الأستاذ عباس العقاد: «لم يخلو بيتك من التلفزيون حتى الآن؟ فقال: أنا شخصيا لا يلزمنى تلفزيون، ولا أقبل أن أتعامل معه، ولكن إذا كان أحد من أبناء أختى أو أخى يريد تلفزيونا فلا مانع. قلت: ألم يطلب منك المشرفون على برامجه أن تشترك بتقديم موضوع أو نقد لكتاب مثلا؟ فقال: لم يطلب منى أحد بعد، ومع ذلك لو طلب منى لرفضت لأننى لا أقبل أن أعرض نظرى للضرر فأية قوة ضوئية تولد حرارة شديدة لا أحتملها خصوصا إذا انتقلت بعد ذلك إلى مكان بارد. ■ د. لويس عوض ◄ الثقافات الأكاديمية وقال الدكتور لويس عوض عندما سألته عن أسباب عدم مشاركته أو انصرافه عن برامج التلفزيون: هذا الانصراف غير موجود لأن الأحسن أن يُدعى الإنسان ليتعاون فيتعاون، فإذا لم يدع فلا بد أن لذلك أسبابا موضوعية يعرفها الداعي، أو يعرفها من بيده حق الدعوة، فربما كان هناك اعتقاد أن التلفزيون لا تصلح له إلا ثقافة من نوع معين باعتبار أنه أداة إعلام شعبية، فمن الجائز أنه لا مكان للثقافات الأكاديمية. ◄ اقرأ أيضًا | العقاد يسأل: من هو حمزة الذي أحبه التلامذة ؟ ◄ عقدة وقال لى عزيز أباظة، إنه لا يشاهد التلفزيون إلا عندما يكون البرنامج جادًا، بمعنى أن يكون مخدومًا. قلت له: ولماذا تهرب من الظهور فى التلفزيون؟ فقال: إن المسئولين عنه لا يتصلون بكبار الأدباء تهيبًا منهم أو أنهم يعتقدون أن إنتاج كبار الأدباء بما يحتويه من قيم لا يتناسب مع أغلبية مشاهدى البرامج. ■ محمود تيمور ◄ معنديش تلفزيون وعندما التقيت بالأستاذ محمود تيمور همس في أذني قائلا: بينى وبينك أنا معنديش تلفزيون، ولكن عندما أزور ابنتى زوجة الأستاذ سامى أبوالفتوح أستطيع أن أشاهد برامجه. قلت له: وكم مرة تزورها؟ فقال: الحقيقة قليل جدا، لأنه لا وقت عندى أنفقه فى الزيارات، ولا فى الاستماع إلى الإذاعة، وأعتقد أنها نعمة من الله أننى لا أشاهد برامج التلفزيون ونعمة أيضًا أن المسئولين عنه سابونى فى حالي. («آخرساعة» 14 فبراير 1962)