بينما يتابع العالم، بترقب وقلق شديد، كيف سترد روسيا على الهجمات الأوكرانية باستخدام الصواريخ الغربية، وبينما تتراوح التقديرات ما بين التصعيد الشديد باستخدام النووى التكتيكى أو التصعيد المحدود باستخدام الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس التقليدية، نجد أن الروس أنفسهم لا يشغلون بالهم كثيرا بهذه الموضوعات، حيث ينصب اهتمامهم فى الوقت الراهن بالاستعداد لاحتفالات رأس العام. ◄ تنظيم «بازارات» بكافة الميادين طوال الشهر الجاري الحقيقة أنه من حظي بزيارة الدولة الروسية في السنوات الأخيرة سوف يلاحظ شيئا هاما جداً، وهو أن الحديث عن الحرب وما يجري حولها لا يشغل مساحة كبيرة في أحاديث الناس، علاوة على أن الحياة تسير بشكل طبيعي في مختلف مناحيها، وعلى الأخص فيما يخص مناحي الاستمتاع بالحياة، بما في ذلك خلال رأس السنة الذي يحرص الروس على الاحتفال به بشكل خاص وربما الاستعداد له قبل حلوله بفترة طويلة. وإذا كان المواطن الروسي يحرص على الاستعداد بشكل جيد للاحتفال برأس السنة، فالأمر على المستوى الرسمي لا يقل أهمية، حيث بدأت سلطات موسكو هذا العام منذ نهاية نوفمبر فى تزيين مختلف أحياء العاصمة موسكو وضواحيها استعدادا لاستقبال العام الجديد، حيث تم تزيين مختلف الأحياء بعدد 4٫5 ألف تصميم ضوئي وزخرفي، إلى جانب أكثر من ألف شجرة عملاقة من أشجار أعياد الميلاد، كما تم تزيين الميادين العامة بأشكال مختلفة بحيث يتناسب الديكور مع طابع كل ميدان وتاريخه. في نفس الوقت سوف تفتتح سلطات موسكو أكثر من 80 مركز بريد لتقديم الخدمات المجانية في مجال إرسال الورود وكروت المعايدة بمناسبة الأعياد. المعروف أن المواطنين الروس سواء من سكان موسكو أو الذين يتوافدون على العاصمة من مختلف الأقاليم الروسية، ناهيك عن السياح الذين يحرصون على التواجد في روسيا في هذه الفترة - جميعهم يحرصون على حضور الاحتفالات التي تقام خصيصا لهذه المناسبة في الميدان الأحمر، حيث يقام حفل ضخم في الميدان بمشاركة أشهر الفنانين والفرق الاستعراضية الروسية، ولكن للأسف ومنذ نشوب الحرب في أوكرانيا لم تعد سلطات موسكو تقيم الاحتفالات في الميدان أو حتى تنظم إطلاق الصواريخ النارية الاحتفالية في الميدان الأحمر أو حتى غيره من الميدان وذلك للاعتبارات الأمنية، ورغم أن السلطات المختصة لم تعلن رسميا حتى الآن الوضع بالنسبة لخطط العام الجاري إلا أن أحدا لا يشك في أنها سوف تمنع مثلما كانت الحال على مدار العامين السابقين، أنشطة التنزه الجماعي ليلة رأس السنة وحتى بداية أول يوم في السنة الجديدة، كما لا يشكون في أن السلطات سوف تحظر الألعاب النارية أيضاً. ◄ اقرأ أيضًا | ليلة الكريسماس.. محمد حماقي يحيي حفل غنائي في إمارة أبوظبي ولعلم السلطات الرسمية مدى ولع الشعب الروسي بالاحتفالات فقد حرصت على تنظيم أسواق شعبية «بازارات» في كافة الميادين طول الشهر الذي يسبق رأس السنة بما في ذلك الميدان الأحمر، حيث يستمتع الناس على مدار الشهر بالتريض في الميدان وتسوق الأعمال اليدوية والفنية وقضاء أوقات سعيدة في الميدان الرئيسي، بل ويتخلل ذلك احتفالات وعروض مختلفة، ولكن يجري توقف هذه الاحتفالات ليلة رأس السنة كما أشرنا سواء للاعتبارات الأمنية أو احتراما لمشاعر الجنود على الجبهة. ورغم ظروف الحرب والاشتراطات الأمنية إلا أن سلطات موسكو تحرص على وضع برنامج للاحتفالات يعكس الطابع التاريخي للدولة الروسية، بما في ذلك مراسم وضع شجرة عيد الميلاد وتزيينها من ثم تنظيم عروض فنية ورياضية في مختلف الأحياء على مدار شهر ديسمبر الجارى، وهناك أيضاً ما يعرف بمهرجات الضوء الذي تشارك فيه مختلف وسائل وشركات الإعلام حيث يقدم كل منها عرضا خاصا به في مجال التصميمات الضوئية. ولكن يعتبر من أهم الفعاليات التي تنظمها سلطات موسكو في هذه الفترة ما يعرف بمهرجان الشاي، وهو مهرجان يجري تنظيمه في شارع تفيرسكوي بوسط العامة ويمتد طوال فترة الشتاء حيث يقومون بإعداد مختلف أنواع الشاي بالطريقة الروسية التقليدية «باستخدام الغلاية الروسية السمافار»، وذلك وسط جو من البهجة والغناء والرقص الروسي الجذاب. ولا ننسى هنا مهرجان القصور الروسي حيث تتاح الأبنية التاريخية في مختلف أنحاء موسكو للإقامة بها والاستمتاع بما تتميز به من طابع تاريخي ومتنزهات ومختلف مناحي الاستمتاع واللهو.