على الرغم أن «إسرائيل» حظيت باعتراف أممي منحها الوجود رغم كونها كيان احتلال بقرار رقم 181 عام 1947 لتقسيم فلسطين، إلا أن الكيان الذي حمل وجوده من حبر الأممالمتحدة أصبح أكثر من ينتهك المواثيق والقوانين الدولية. فعلى مرأى ومسمع من العام تنتهك إسرائيل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وتضرب بعرض الحائط الاتفاقيات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، في تحدٍ واضح لمواثيق وقرارات الشرعية الأممية، دون الالتفات لأي إدانات أممية أو التخوف من العقوبات. تستعرض «بوابة أخبار اليوم» أبرز القرارات والاتفاقيات الأممية التي تلاعبت بها دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2024. حظر أنشطة الأونروا وافق الكنيست الإسرائيلي، في أواخر أكتوبر 2024 على تمرير قانون يحظر وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من العمل داخل الأراضي المحتلة، على الرغم من اعتراض الأممالمتحدة على القرار. وأقر الكنيست المشروع بالتصويت بأغلبية 92 عضوًا مقابل 10 أصوات معارضة، بعد تاريخ طويل من العداء الإسرائيلي الحاد تجاه الأونروا، والتي زادت مُنذ بدء الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023. ووفقًا للقانون الإسرائيلي، سيتم إلغاء اتفاقية عام 1967 التي سمحت ل «الأونروا» بالعمل في إسرائيل، وبالتالي ستتوقف أنشطة الوكالة في البلاد والأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وسيتم حظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها. ومن جانبه قال فيليب لازاريني، المفوّض العام للأونروا، إنّ «الحظر يُمثّل سابقة خطرة، ويشكّل أحدث حلقة في حملة مستمرّة لتشويه سمعة الوكالة، معتبرا أنّ هذا الإجراء سيزيد معاناة الفلسطينيين». وقالت المتحدثة باسم الأونروا جولييت توما في تصريح للوكالة الفرنسية «إنه لأمر شائن أن تعمل دولة عضو في الأممالمتحدة على تفكيك وكالة تابعة للأمم المتحدة هي أيضا أكبر مستجيب في العملية الإنسانية في غزة». كما قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عدنان أبو حسنة، إن قرار إسرائيل حظر الوكالة عن العمل داخل إسرائيل يعني انهيار عملية الإغاثة الإنسانية برمتها. بينما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه «يشعر بقلق عميق إزاء هذين القانونين اللذين، في حال تنفيذهما، من المرجح أن يمنعا الأونروا من مواصلة عملها الأساسي». وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا شديد اللهجة انتقدت فيه الخطوة الإسرائيلية الأخيرة بحظر وكالة الأونروا. وأدانت الخارجية في بيان لها صدر في 29 أكتوبر 2024، قرار الكنيست الإسرائيلي بتشريع حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، والحد من قدرتها على تقديم المساعدات للمواطنين الفلسطينيين بالأراضي المحتلة. انتهاك القرار 1701 في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي بدأت عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وبدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنتهج سياسية جديدة في تحد جديد للمواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة مع بعض الدول منها لبنانوسوريا. فقد شهد الجنوباللبناني في أوائل أكتوبر 2024، موجه من أعنف الضربات التي شنتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على جنوبلبنان، ليطلق جيش الاحتلال وابل من الصواريخ بجانب موجه من التحذيرات لسكان الجنوب في عشرات القرى بسرعة إخلاء منازلهم. ليبدأ بعد ذلك جيش الاحتلال القيام بعمليه برية أدعى أنها «محددة الأهداف» والمقصود بها تدمير المواقع التابعة لحزب الله في الجنوباللبناني، ولم يمضى وقت قليلًا إلا وكشفت سلطات الاحتلال عن أهدافها الحقيقة وفضحت نفسها بما تقوم به من توغل بري في أعمق نقطة جنوبلبنان بنهاية الشهر ذاته. ليعلن الجيش الإسرائيلي، أن الفرقة 98 داهمت مقرا لحزب الله "في أعمق منطقة تعمل فيها القوات الإسرائيلية خلال العمليات البرية في لبنان، ومداهمة الجنود البنية التحتية في الجنوب"، وأضاف جيش الاحتلال أن القوات "تقاتل في عدد من المناطق في أعماق جنوبلبنان فوق الأرض وتحتها". وهو ما يمثل خرق واضح لقرار مجلس الأمن 1701 الصادر عام 2006 الموقع بين إسرائيل وحزب الله، الذي بات المجتمع الدولي يطالب بالعودة للإعمال به لضمان عودة الهدوء للبنان وانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب. انتهاك اتفاق 1974 انتهاك القرارات والاتفاقيات الأممية بمثابة لعبة في يد سلطات الاحتلال تستخدمها وقتما يحلو لها، فليس صدفة أن يدخل الجيش الإسرائيلي نفس المناطق التي انسحبت منها في سوريا بالاتفاق قبل نصف قرن، عقب انتهاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد بأقل من 24 ساعة. أعلنت إسرائيل في 8 ديسمبر الجاري، انهيار اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 مع سوريا، وقالت إن مجلس الوزراء قرر احتلال منطقة جبل الشيخ الحدودية السورية المحاذية للجولان المحتل. ليتوغل بعد ذلك جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي السورية ويسيطر على المنطقة العازلة بالكامل. وأكدت تقارير إعلامية أن جيش الاحتلال توغل في محافظة القنيطرة السورية جنوبي البلاد وطالب سكان قريتين بإخلائهما بهدف ضمهما إلى المناطق العازلة على طول الشريط الحدود بين سوريا وإسرائيل. كما توغل الجيش الإسرائيلي في بلدة «الحرية» بمحافظة القنيطرة، وقال سكان البلدة إن القوات طلبت منهم إخلاءها، بهدف ضمها للمنطقة العازلة التي يصل عمقها إلى 5 كيلو مترات في بعض المناطق. كما نفذ جيش الاحتلال عملية إخلاء بشكل إجباري لسكان قرية «رسم الرواضي» بالقنيطرة، في حين تحدث مصدر أممي عن إعاقة القوات الإسرائيلية عمل قوات حفظ السلام في مرتفعات الجولان المحتلة. ومن جانبها قدمت جمهورية مصر العربية، مبادرة بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة، وعقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعًا مساء يوم 12 ديسمبر الجاري، لصياغة موقف عربي موحد إزاء قيام الجيش الإسرائيلي باحتلال أراض إضافية بالجولان السوري المحتل. وقد تمخض عن هذا الاجتماع صدور قرار عربي يدين توغل إسرائيل داخل نطاق المنطقة العازلة مع الجمهورية العربية السورية وسلسلة المواقع المجاورة لها بكل من جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، واعتبار ذلك مخالفا لاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل عام 1974. ومن هذا المنطلق؛ شدد القرار العربي على أن الاتفاق المشار إليه يظل ساريا طبقا لقرار مجلس الأمن رقم 350 الصادر في العام ذاته، ومن ثم انتقاء تأثر ذلك الاتفاق بالتغيير السياسي الذي تشهده سوريا حاليًا. كما أدان القرار الغارات الإسرائيلية المستمرة على عدد من المواقع المدنية والعسكرية السورية، علما بأن اجتماع المندوبين الدائمين قد شدد على أن هضبة الجولان لهي أرض سورية عربية، وستظل كذلك للأبد. وفي هذا السياق، طالب القرار المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل؛ بوصفها السلطة القائمة بالاحتلال، بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة؛ لاسيما قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981؛ والذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان السوري المحتل. بناء على ما تقدم؛ تم بموجب هذا القرار تكليف المجموعة العربية في نيويورك بالتحرك لعقد جلسة خاصة في مجلس الأمن لبحث الممارسات الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن الدوليين؛ بما في ذلك الاحتلال المستجد للأراضي السورية التي توغلت بها إسرائيل منذ الثامن من ديسمبر الجاري. ليبقى في النهاية السؤال المطروح دومًا.. إلى متى ستظل «إسرائيل» تلعب بقرارات والمواثيق الدولية أمام مرأى ومسمع العالم؟؟