استقبل العديد من اللاجئين والمهاجرين السوريين خبر سقوط النظام، بمشاعر متضاربة من الفرح والأمل، والذهول وعدم التصديق، والحذر والخوف.. اختلطت فرحة اللحظة باعتبارات واقعية، تجعلها حذرة ومترقبة، كثير من السوريين كانت ردة فعلهم الأولى رغبة شديدة بحزم الحقائب والعودة إلى سوريا، لكن الشروط العملية والكثير من الاعتبارات تجعلهم يفكرون كثيرا، لحساب خطواتهم للمستقبل القريب. كابوس عبور الحدود والخوف من الاعتقال والاختفاء قد زال، ولكن هناك أيضا حالة ترقب حذرة، من أعمال انتقامية وطائفية قد تحدث. اقرأ أيضًا | تل أبيب تدمر 20 موقعًا دفاعيًا جديدًا.. وتقارير عن بدء سحب روسيا قواتها فالانتماء لأقلية دينية فى البلاد، يجعلهم يخشون بعض الشيء من سيناريوهات سيئة أخرى، كاندلاع اقتتال جديد أو تصاعد التشدد والأصولية. حتى الآن، لم تقع أحداث مماثلة، ولكننا ما زلنا فى اللحظات الأولى والسعيدة، وعليهم التفكير بمنطق، بانتظار اتضاح الصورة. هناك 14 مليون سورى نزحوا من منازلهم بدءاً من 2011، مع تصاعد حدة الاقتتال الداخلى بين النظام ومعارضيه، بحسب مفوضية اللاجئين لدى الأممالمتحدة، التى تصف أزمة اللاجئين فى سوريا بأنها أكبر أزمة لجوء فى زماننا. يوجد حاليا 6.2 ملايين لاجئ سوري، أى ما يقرب من ثلث سكان سوريا خارج بلادهم، بما فيها تركياولبنانوالأردنوالعراق ومصر. 76% فى الدول المجاورة، 3 ملايين فى تركيا، ونحو 775 ألفا فى لبنان، وأكثر من 600 ألف فى الأردن، وقريب من 300 ألف فى العراق، وأكثر من 150 ألفا فى مصر. تستضيف هذه الدول الخمس وحدها ما يقرب من 5 ملايين سوري، ويأمل لبنان الذى يعيش أزمة، فى عودة سريعة للنازحين السوريين لأنه البلد. وتعد ألمانيا الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تستضيف عددًا من اللاجئين مثل دول الشرق الأوسط، بوجود ما يقرب من مليون لاجئ سورى على أراضيها، وهو رقم مرتفع بشكل استثنائى بالمقارنة مع جيرانها، بالنسبة لكثير من اللاجئين، كانت الحياة فى بلدان اللجوء صعبة، إذ قضوا سنوات فى مواجهة عراقيل قانونية، وتحمل أعباء اقتصادية، والتعرض لموجات من كراهية الأجانب والعنصرية. مع التغير المفاجئ الذى شهدته سوريا فى نهاية الأسبوع الماضى وسقوط الأسد، بدأت دول أوروبية عدة تتقدمها النمسا واليونان وبريطانيا والدنمارك والنرويج والسويد وألمانيا، فى تعليق البت فى طلبات اللجوء. بينما تدرس فرنسا أيضًا إمكانية تعليق طلبات اللجوء التى تقدم بها آلاف السوريين. هذه القرارات تتعلق بتطبيق بنود اتفاقية 1951 المعنية باللاجئين، التى تمنح أى شخص حق اللجوء فى أى دولة أوروبية إذا تمكن من إقناع السلطات فيها بأنه يواجه خطرًا وشيكًا على حياته يمنعه من العودة إلى بلده خشية من التعذيب والاعتقال والاضطهاد. العدد الأكبر من السوريين المقيمين فى أوروبا حصلوا فى دولها على حق اللجوء لوجود خطر وشيك على حياتهم من قبل النظام، وبما أن النظام تغير، فمن المفترض ان هذا يعنى غياب السبب الأبرز لمنحهم حق اللجوء، إذ بإمكان السلطات الأوروبية القول إن التنظيم لم يعد موجودا، وبالتالى يمكنها اتخاذ قرار ترحيله، لكن تطبيقه يتعلق بعوامل أخرى. فسوريا ليست آمنة 100% بحيث يمكن ترحيل اللاجئين إليها، فهناك عمليات عسكرية فى شمال البلاد وهناك مخاوف من هيئة تحرير الشام، من المرجح أن يتأثر من حصلوا على الحماية المؤقتة فى ألمانيا بالقرارات الأخيرة، كانت السلطات الأوروبية تدرس إمكانية تصنيف مناطق فى سوريا على أنها «مناطق آمنة» يمكن إعادة اللاجئين السوريين إليها، وتعود هذه الخطة لما قبل سقوط النظام السورى وهروب الأسد إلى موسكو بعد 11 يومًا من هجومٍ مباغت شنته هيئة تحرير الشام. كما سبق لألمانيا أن قامت بترحيل لاجئين أفغانيين إلى بلدهم بعد وصول حركة «طالبان» إلى السلطة رغم عدم وجود علاقاتٍ دبلوماسية بين برلين وكابول بعدما لعبت قطر دور الوساطة، وهو الأمر الذى يخشى السوريون أن يتكرر مرة أخرى معهم. وكانت المفوضية العليا لشئون اللاجئين فى الأممالمتحدة قد دعت قبل أيام إلى إظهار «الصبر واليقظة» فى شأن قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد إسقاط بشار الأسد واتخاذ عدة دول أوروبية قرارات تتعلق بترحيلهم أو رفض استقبالهم. وقال المفوض الأعلى لشئون اللاجئين فيليبو جراندى فى بيان إن «المفوضية تنصح بإبقاء التركيز على قضية العودة» وتأمل أن تسمح التطورات على الأرض ب»عمليات عودة طوعية وآمنة ودائمة، مع لاجئين قادرين على اتخاذ قرارات واضحة.