- رامي عاشور: الهوية السورية انهارت بالفعل على شاكلة انهيار الهوية العراقية وسوريا تتجه نحو نموذج أفغانستان - أستاذ علاقات دولية: بعد حل الجيش السوري أتوقع تخوين وتشويه باقي مؤسسات الدولة تمهيدا لحلها - محمد أبو سبحة: سوريا تتجه نحو فرض نموذج راديكالي يتماشى مع عقيدة التنظيمات المسلحة - باحث بالشأن السوري: نوايا السلطة الجديدة تجاه الأقليات ستتضح من موقفهم مع الأكراد تمر سوريا بواحدة من أصعب الأزمات في تاريخها الحديث والمعاصر، عقب نهاية نظام الرئيس بشار الأسد وسيطرة الفصائل السورية المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة وتنظيم القاعدة سابقا – على البلاد؛ لتبرز تساؤلات حول الهوية السورية ومستقبل مؤسسات الدولة السورية؛ لاسيما بعد إعلان زعيم هيئة تحرير الشام محمد الجولاني حل الجيش السوري، إضافة إلى المصير المجهول لمستقبل الأقليات الطائفية والمذهبية في سوريا الجديدة مع سيطرة الجماعات الدينية. اقرأ أيضا: سياسات واشنطن| ضرب «الهلال الشيعي» وإبقاء إسرائيل قوية في معادلة الشرق الأوسط في البداية.. يقول د. رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، في تصريحات خاصة ل«بوابة أخبار اليوم»، إن المجتمع السوري مجتمع متعدد الطائفية، ولذا فإن الهوية السورية تعتبر قد انهارت بالفعل على شاكلة انهيار الهوية العراقية عقب الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين؛ حيث جرى انتشار المناخ الطائفي المذهبي «سني، شيعي، كردي». وتابع د. «عاشور»، أن سيطرة الجماعات المسلحة في سوريا على وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والمناهج الدراسية يحولها إلى «نموذج أفغانستان» ونفس ممارسات حركة طالبان، وسنجد هناك تبريرات للاتجاه الديني وتبريرات للتطرف والإرهاب على أنه وسيلة وأداة، وسيكون ذلك بيئة خصبة لانهيار الهوية السورية. وأشار إلى أن إعلان زعيم «هيئة تنظيم الشام» حل الجيش السوري النظامي كان متوقعا لأن هذه التنظيمات تعتبر الجيش «تنظيم مسلح مثلها» ولابد نشوب صراع بينهما ينتهي بغلبة تنظيم ما على الآخر لكن لا يجتمعان معا في دولة واحدة. وتوقع أستاذ العلاقات الدولية، أن يتبع حل الجيش السوري حلا لباقي مؤسسات الدولة السورية وأن يجري تخوين وتشويه هذه المؤسسات استعدادا لهدمها وإعادة تشكيل الهوية السورية بما يتوافق مع أيديولوجية «هيئة تحرير الشام» وسيتم إعادة تشكيل المليشيات المسلحة كبديل للجيش السوري. وذكر أن الأقليات العرقية والدينية في سوريا ستسعى كل واحدة منها للسيطرة على جزء من الأرض، لافتا إلى أن العلويين في سوريا يسيطرون على منطقة الساحل المطل على البحر المتوسط ويتلقون دعما روسيا وإذا ما حدث سيناريو تقسيم لسوريا سيتم إعلان الدولة العلوية وروسيا ستجد موطأ قدم لها في البحر المتوسط، مضيفا أن الأكراد لديهم مناطق سيطرة في سوريا واستطاعوا هزيمة تنظيم «داعش» واعتقال 13 ألف عنصر من داعش في سجونهم والتي تعرضت لقصف تركي. وأوضح د. رامي عاشور، أن الأقليات العرقية ستلجأ لإعلان دويلات منفصلة في سوريا وإن لم يحدث هذا ستندلع حرب أهلية شرسة يكون فيها الكل ضد الكل. ونوه إلى أن هناك بعض الشباب السوري لا يزال يرفض أفكار الجماعات المسلحة في سوريا لكن الغالبية ستنساق وراء أفكار هذه الجماعات كما حدث في نموذج طالبان في أفغانستان، كما أن الجماعات المسلحة ستكّون قاعدة من الشباب حتى يكون لها السطوة على غيرها من الفصائل، مشيرا إلى احتمالية عودة تنظيم داعش مرة آخرى في سوريا، لافتا إلى النفوذ التركي والتدخل الإسرائيلي في سوريا وهو ما يعقد الأزمة السورية. من جانبه قال الكاتب الصحفي بجريدة "زمان" التركية محمد أبو سبحة، الباحث في الشأن السوري والتركي، إن التنظيمات الجهادية تعتبر هي الفاعل الآن على الأرض ولذا تتجه سوريا نحو فرض نموذج راديكالي على الدولة يتماشى مع عقيدة هذه التنظيمات، حتى وإن بدا هناك حرص على إظهار شكل ديموقراطي، لكن يتوقف مدى تأثير ذلك على الهوية الوطنية على طول أو قصر مدة المرحلة الانتقالية، وتسليم السلطة لإدارة منتخبة من الشعب تعبر عن طوائفه ومعتقداته وتطلعاته الحقيقية للدولة الجديدة. وتابع « أبو سبحة» في تصريحاته ل«بوابة أخبار اليوم»، أنه بلا شك ستكون هناك تعديلات في النظام التعليمي لإزالة كل ما يمجد تاريخ حزب البعث مع إفراد مساحة أكبر لتاريخ الثورة السورية، وتوفير جرعة عالية من التدين، مضيفا أن الإعلام السوري سيخضع كذلك لرقابة عالية الشدة بشكل لا يختلف عما كان الوضع عليه في النظام السابق، لتجنب أي انتقادات أو هجوم على قادة النظام الجديد، مع فرض معايير جديدة على الظهور الإعلامي بشكل يتوافق مع السلطة الجديدة القادمة من خلفية دينية متشددة، وقد شاهدنا مؤشرات على ذلك في وسائل الإعلام الرسمية فور سقوط النظام. وأشار الباحث في الشأن السوري والتركي، إلى أن حل الجيش السوري مسألة لا يختلف عليها اثنين لأن المؤسسة العسكرية السورية بات يحكمها الطائفية وليست العقيدة الوطنية، وقد تورط قادتها ومنتسبيها في جرائم حرب ضد الشعب السوري، وانعدمت الثقة فيها، لكن في الوقت نفسه فإن بناء جيش جديد أمر تشوبه الكثير من المخاوف، خاصة في حال دمج التشكيلات المسلحة التي أطاحت بالنظام السابق في الجيش، كونها أولا تشكيلات غير نظامية أي مليشيات وبينهم عناصر أجنبية، ثانيا أن هذه التشكيلات تدين بالولاء لدول أخرى كانت تمولها وتدعمها في السنوات السابقة للإطاحة بالنظام. ولفت إلى أن: «أما فيما يتعلق بحل باقي المؤسسات المدنية، فوفق التصريحات الصادرة عن الجولاني، هناك حرص على بقائها كما هي، لأنهم لا يرغبون في تعطل أي خدمات أو مرافق في الدولة منعا لحدوث غضب شعبي في هذه المرحلة الدقيقة، لكن بلا شك سنشهد حركة استبدال سريعة لرؤوس هذه المؤسسات بشخصيات تدين بالولاء للجولاني». وأكد على ضرورة أن يفتح الباب أمام تشكيل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، لضمان توجيه الرأي العام بشكل متوازن والتعبير عن جميع فئات الشعب بما فيهم الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا، والمطالبة بمصالحهم، وإعلاء قيمة الهوية الوطنية، وعدم ترك شباب هذا البلد فريسة لتنظيمات متطرفة أو جهات ممولة من الخارج، والشيء الذي يضمن حفاظ السوريين بمختلف طوائفهم على هويتهم الوطنية، أن يقر البرلمان القادم دستورا يحدد هوية الدولة الجديدة، ويحدد حقوق وواجبات أفرادها، ويضمن سيادة القانون. وذكر الكاتب الصحفي بجريدة "زمان" التركية محمد أبو سبحة، أن سوريا عانت طوال حكم نظام البعث من تهميش كل ما دون الطائفة العلوية، وبالتالي سيكون من الغباء إتباع الإدارة الجديدة النهج ذاته، لذلك من المؤكد أنه سيكون هناك مسعى لإظهار تمثيل أكبر للطوائف والمذاهب، لمنع وقوع صدامات، لكن ستضح نوايا السلطة الجديدة تجاه الأقليات والطوائف، بموقفهم من الأكراد باعتبارهم الفئة الأعلى صوتا والأكثر تنظيما، ولديهم مطلب واضح بالحكم الذاتي لمناطقهم، وهي قضية تمثل أهمية لتركيا الداعم الرئيسي للتنظيمات التي استولت على السلطة حاليا، مما يجعلهم أمام اختبار حقيقي، يثبت مدى انتمائهم.