حصل بشار الأسد على فرصة لم يحصل عليها غيره من الرؤساء الذين شهدت بلادهم ثورات الربيع العربى.. استطاع بشار بمساعدات دولية خارجية الاستمرار فى السلطة كرئيس لسوريا.. ودفع الشعب السورى ثمنًا باهظًا لاستمراره فى الحكم.. لكنه لم يستغل هذه الفرصة جيدًا.. وبدلًا من أن يرتكن للشعب ويعمل لصالحه وتنميتة.. وبدلًا من إعادة بناء سوريا.. ظن «وإن بعض الظن إثم» أن من ساعدوه فى البقاء هم أحق بالولاء من شعبه، فهم الحماية والملجأ.. وأخذ فى الانتقام من شعبه والتنكيل بهم وتعذيبهم فى غيبات السجون.. وترك البلاد تعانى.. وأصبح السوريون بين لاجئ أو مسجون.. ومكن دولًا اعتقد أنها صديقة من سوريا وقسمها عليها.. وفى نفس الوقت استمرت العناصر المسلحة «المعارضة» على الأرض تطور من نفسها وتنفتح على بعض الدول فى الخارج، تستمد منها المساعدة والعون، وكل شيء بثمنه.. حتى جاءت اللحظة التى لم يكن يتوقعها.. وبعد 13 عامًا تقريبًا نجحت المعارضة فى السيطرة على البلاد فى أيام معدودة، دون مقاومة من الجيش أو الشرطة أو حتى أنصاره وأصدقائه وفر هو وأسرته هربًا. فى نفس الوقت ارتدى زعيم المعارضة أبو محمد الجولانى «ثوب الحمل الوديع»، وكأنه أراد أن يرسم صورة جديدة للمعارضة والتى عرف عنها الغلظة والقسوة والانتقام والتشدد.. وعملاً بالحديث الشريف «من أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو أمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن».. كان التسامح شعاره.. ووحدة الشعب السورى وإعادة بناء الوطن والجيش صلب حديثه. حرص على انتقال سلس وسلمى للسلطة. الأمور تسير فى طريق يبدو صحيحًا.. ولكن لا يعلم أحد ماذا تخبئ الأيام، خاصة وأن هناك دولًا عديدة لها أطماع فى سوريا.. ومنها إسرائيل التى تحتل سوريا الآن. وعلى عكس ما يعتقد البعض قرب عودة السوريين اللاجئين، قد يكون هناك لاجئون جدد يخرجون من سوريا. المشهد السورى حتى الآن ضبابى. أعتقد أن مستقبل سوريا الآن بيد المعارضة الحاكمة.. ويتوقف الأمر على أسلوب ومنهج حكمها، وهل هى جادة فى بناء دولة جديدة، وإعادة الإصلاح والاعمار وإعلاء قيم التسامح والتعايش السلمى؟!، أم أنها سوف تمزق ثوب الحمل الوديع، وتعود لوجهها الحقيقى، لتنفرد بالحكم وتفرض سطوتها؟!. هذا ما سنكتشفه بعد 3 شهور، هى عمر الحكومة الانتقالية فلنتابع وننتظر ولا نستبق الأحداث.