الحناء ليست مجرد نبات يستخدم في التزيين، بل هي رمز ثقافي يمتد عميقًا في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، حيث لعبت دورًا محوريًا في طقوس الحياة اليومية والمعتقدات الروحية. في مصر القديمة، كانت الحناء رمزًا للقداسة والجمال، تعكس فلسفة الحياة والموت، وتمثل دورة الحياة البشرية. واليوم، تواصل الحناء الحفاظ على مكانتها الثقافية، حيث تم إدراجها مؤخرًا ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي من قبل اليونسكو، اعترافًا بأهميتها التاريخية والاجتماعية. في هذا التقرير، نكشف حكاية الحناء عند المصريين القدماء، دورها في طقوسهم، وكيف أضفت لمساتها الساحرة على حياتهم. ◄ الممارسات الجمالية من جانبه، أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية تسجيل السمسمية صناعة الآلة والعزف عليها في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي باليونسكو وذلك من خلال ملف ترشيح قادته مصر وبمشاركة بارزة من المملكة العربية السعودية ممثلةً في هيئة التراث وبالتعاون مع اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم والوفد الدائم للمملكة لدى اليونسكو. كما تم تسجيل الحناء في منظمة اليونسكو، ضمن الطقوس والممارسات الجماليّة والاجتماعيّة كتراث غير مادي، وذلك من خلال ما نشر على موقع لجنة التراث الثقافي اللامادي باليونسكو عن نتائج الدورة التاسعة عشرة للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التي تستضيفها أسنسيون بجمهورية باراجواي في الفترة من 2 إلى 7 ديسمبر الجارى عن إدراج عناصر جديدة في قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل. وأردف الدكتور ريحان أن اتفاقية حماية وصون التراث غير المادى 2003 دخلت حيز التنفيذ عام 2006 ووقعت عليها 134 دولة منها مصر ويقصد بالتراث الثقافي غير المادي الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانًا الأفراد جزءًا من تراثهم. ◄ شجرة الحناء ونوه الدكتور ريحان إلى أن الحنّاء هي صبغة محضرة من نبات القناوية المعروف أيضًا باسم شجرة الحناء، وتم استخدام الحناء منذ عصر مصر القديمة لصبغ الجلد والشعر والأظافر وكذلك الأقمشة بما في ذلك الحرير والصوف والجلد، وتاريخيًا تم استخدام الحناء في غرب آسيا بما في ذلك شبه الجزيرة العربية وفي قرطاج وأجزاء أخرى من إفريقيا. ويستخدم اسم «الحنّاء» في صبغات الجلد والشعر مثل الحناء السوداء والحناء المحايدة وكلاهما مشتق من نبات الحنّا، ولها أيضًا فوائد صحية حيث يستخدم زيت الحنّاء واللحاء والبذور للحصول على فوائد الحنّاء الطبية لما تحتويه هذه الأجزاء من تركيز عالٍ لمواد كيميائية ومغذيات مفيدة في مقاومة الالتهابات والجراثيم والفيروسات وخفض ضغط الدم وتعمل على حماية الطبقة الخارجية من الشعر مما يمنع التقصف والجفاف ويعطي للشعر مظهرًا متألقًا وتمنع تكسر الأظافر وتعالج التجاعيد وآثار الشيخوخة الأخرى، هذا بالإضافة إلى دورها في تقليل آثار الندوب والنمش وحماية الجلد ضد العدوى ومفيدة جدًا لحروق الشمس. ◄ الحناء في مصر القديمة تُعد الحناء واحدة من أبرز الرموز الثقافية التي تحمل بين طياتها معاني الجمال، الروحانية، والترابط الاجتماعي في المجتمعات العربية. وقد توج هذا الإرث باعتراف عالمي، حيث تم اعتماد ملف «الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية» الذي تقدمت به 16 دولة عربية، ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في الدورة التاسعة عشرة للجنة الحكومية الدولية لليونسكو، المنعقدة في أسونسيون، عاصمة باراجواي. اقرأ أيضا| اليونسكو وثقتها ثراثًا ثقافيًا.. تفاصيل تسجيل «الحناء» وفي السياق، قال الدكتور حسين عبد البصير، عالم المصريات، إن الحناء كانت جزءًا من الحياة اليومية في مصر القديمة، حيث استخدمت لتلوين الشعر وإضفاء لمسة جمالية، مشيرًا إلى أنه تم العثور على آثارها في شعر بعض المومياوات، ما يدل على أهميتها في التجميل. وأضاف د. حسين أن الحناء استُخدمت كذلك لتزيين اليدين والقدمين، خاصة في المناسبات الاحتفالية، كما أظهرت التحاليل الكيميائية وجود صبغات نباتية شبيهة بالحناء على بعض المواد الجنائزية، مما يشير إلى استخدامها في الطقوس المرتبطة بالتحنيط. ◄ الطقوس الجنائزية وأوضح أن الحناء لم تكن مجرد أداة تجميل، بل كانت تعكس اهتمام المصريين بالجمال والنظافة الشخصية، وظهرت في الرسومات والنقوش التي تُظهر نساء يشاركن في طقوس ومناسبات خاصة، حيث كانت أيديهن وأقدامهن مزينة بما يُعتقد أنه ناتج عن الحناء. وأكد د. حسين أن استخدام الحناء في الطقوس الجنائزية يعكس رمزية روحية، حيث كان يُعتقد أنها تُستخدم لحماية الجسد والروح في الحياة الآخرة. كما لعبت الحناء دورًا عمليًا كصبغة طبيعية للأقمشة والجلود، ما يعكس تعدد استخداماتها في الحياة اليومية والدينية للمصريين القدماء. ◄ الحناء ومعانيها الثقافية والاجتماعية الحناء ليست مجرد صبغة طبيعية تُستخرج من نبات الحناء، بل هي رمز يحمل معاني متعددة في الثقافة العربية والمصرية. ففي المناسبات الاجتماعية، يُمثل رسم الحناء على الجلد طقوسًا للاحتفال والفرح، إذ يرتبط بتراث عريق يحمل في طياته أهازيج وأغانٍ شعبية تتغنى بالعائلة والمجتمع. كما يُستخدم كأداة للتعبير عن الجمال والأنوثة، ويعكس أنماطًا فنية فريدة تستوحى من الطبيعة والمعتقدات الشعبية. كانت الحناء ذات أهمية كبيرة لدى المصريين القدماء، حيث شملت استخداماتها: 1. التجميل: استخدم المصريون القدماء الحناء لصبغ الشعر وتزيين اليدين والقدمين في المناسبات الاحتفالية. 2. الطقوس الجنائزية: ظهرت الحناء كجزء من طقوس التحنيط، حيث استخدمت لحماية الجسد والروح في العالم الآخر. 3. الاستشفاء: استُخدمت الحناء في الطب القديم لتخفيف الألم وتهدئة الالتهابات، نظرًا لخواصها المطهرة. 4. التزيين الفني: ساهمت الحناء في زخرفة الأدوات اليومية والملابس، حيث أضفت ألوانًا طبيعية ورمزية على حياة المصريين. ◄ الحناء في قائمة التراث العالمي لليونسكو يُعد اعتماد ملف الحناء ضمن قائمة التراث غير المادي تتويجًا لجهود عربية مشتركة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي. وتضمن الملف توثيقًا دقيقًا لطقوس الحناء وممارساتها في المجتمعات العربية، مع التركيز على دورها في تعزيز الهوية الثقافية والروابط الاجتماعية. إن إدراج الحناء ضمن قائمة التراث غير المادي لليونسكو يُمثل خطوة هامة لحماية هذا التقليد الذي يُعبر عن التناغم بين الطبيعة والإنسان، ويُسلط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي للأجيال القادمة.