يوافق يوم 10 سبتمبر، الاحتفال باليوم العالمي للميك آب، وهو فرصة للحديث عن أصول هذا الفن الذي يتجاوز الزينة اليومية ليصبح جزءاً من الهوية الثقافية والحضارية. وفي هذا السياق، لا يمكننا إلا أن نشير إلى دور المصريين القدماء في تقديم هذا المفهوم للعالم، حيث لم يكن الجمال عندهم مجرد رفاهية، بل كان فناً ومهارة تم ممارستها بدقة وإبداع لا مثيل لهما. يعد المصريون القدماء روادًا في الاهتمام بالجمال، إذ سبقوا العالم في استخدام مستحضرات التجميل بمختلف أنواعها، الأدلة على هذا الاهتمام لا تزال محفوظة حتى اليوم في المتاحف التي تزخر بقطع أصلية يعود تاريخها إلى آلاف السنين. اقرأ أيضا | بدء أعمال ترميم تمثال أبو الهول بالحديقة المتحفية بمنطقة آثار ميت رهينة لقد أتقن المصريون القدماء صناعة أدوات التجميل واستخدامها بطرق مبتكرة وجميلة، سواء من خلال الكحل الذي كانوا يستخدمونه لتزيين أعينهم، أو العطور المصنوعة من مكونات طبيعية مثل العسل والزيوت العطرية. لم تقتصر أدوات التجميل عندهم على المظهر الخارجي فقط، بل اهتموا أيضاً بصحة البشرة والشعر، مستخدمين المقص والمشط والملقاط في التصفيف، والمرآة في تزيين المظهر، وعلى جدران المقابر والمعابد، نرى آلاف المشاهد التي تصور طقوس التجميل والعناية الشخصية، مما يظهر مدى براعتهم في العناية بالجمال. لقد خصص المصري القديم صندوقاً متكاملاً لمستحضرات التجميل، حيث كان يعتني بكل تفاصيل جماله اليومي، واليوم، ونحن نحتفل باليوم العالمي للميك آب، نلقي نظرة على هذه المقتنيات التاريخية، التي تشهد على حضارة مصرية عظيمة ساهمت في تشكيل مفهوم الجمال منذ آلاف السنين. استخدم المصريون القدماء مجموعة متنوعة من الأدوات والمواد في التجميل والعناية بالجمال، ومن أبرزها: 1- الكحل: كان يستخدم لتحديد العيون وإبراز جمالها. كان الكحل يصنع من مادة "الجالينا"، وهو حجر يحتوي على الرصاص، ويعد من أهم مستحضرات التجميل التي عرفها المصريون. 2- العطور: صنع المصريون العطور من مواد طبيعية مثل الزيوت العطرية والزهور والعسل، وكانت تستخدم لتعطير الجسم والشعر، ولها دور في الطقوس الدينية أيضاً. 3- المرآة: كانت المرآة أداة أساسية في عملية التجميل، حيث كانت تصنع من معادن مصقولة مثل النحاس أو البرونز. 4- الأمشاط: استخدم المصريون القدماء الأمشاط المصنوعة من العاج والخشب لتصفيف الشعر والحفاظ على مظهره. 5- الملقاط: استخدم الملقاط لتنظيف الحاجبين وإزالة الشعر غير المرغوب فيه. 6- الصبغات: استخدم المصريون صبغات طبيعية لتلوين الشعر، وكانت الحناء من أشهر المواد المستخدمة لصبغ الشعر وتزيين الأيدي والأقدام. 7- الزيوت: استخدموا الزيوت الطبيعية مثل زيت الخروع والمرطبات المصنوعة من النباتات للعناية بالبشرة وترطيبها وحمايتها من التجاعيد. 8- دهانات الجسم: كان المصريون يضعون دهانات على أجسامهم، مثل الدهون والزيوت، لحمايتها من حرارة الشمس وللحفاظ على نعومة الجلد. 9- صندوق التجميل: خصص المصريون صندوقاً خاصاً لحفظ أدوات التجميل، ويحتوي على كل ما يلزم من عطور، وأدوات التجميل مثل المقصات والمرايا والدهانات. تلك الأدوات لم تكن مجرد وسيلة للزينة، بل كانت جزءًا من الطقوس الدينية والحياة اليومية التي تظهر اهتمام المصريين القدماء بالجمال والعناية الشخصية. كما أن المصريون القدماء اهتموا كثيراً بالزينة والمجوهرات، وكانت المجوهرات جزءًا لا يتجزأ من ثقافتهم وتعبيرهم عن الجمال والهوية الاجتماعية. إليك بعض الأدوات والمجوهرات التي استخدموها للزينة: 1- الأساور: كانت الأساور تصنع من الذهب، الفضة، والنحاس، كما تم تزيينها بالأحجار الكريمة مثل اللازورد، العقيق، والفيروز. ارتداها المصريون على المعصمين والكاحلين. 2- القلائد: القلائد كانت من أهم المجوهرات، وكانت تصنع من مواد مختلفة مثل الذهب، والعقيق، والزجاج الملون. كانت تُرتدى كرمز للمكانة الاجتماعية، بالإضافة إلى استخدامها في الطقوس الدينية. 3- الأقراط: استخدم المصريون الأقراط المصنوعة من الذهب والفضة، وكان يرتديها الرجال والنساء على حد سواء كرمز للجمال والثراء. 4- الخواتم: كان الخاتم يُعتبر من أهم المجوهرات، وكان مصنوعًا من الذهب والأحجار الكريمة. وكانت الأختام التي تحمل النقوش تستخدم كشكل من أشكال الزينة والتعبير عن الشخصية أو المكانة الاجتماعية. 5- التاج والعصابة: ارتدى الملوك والنبلاء تيجاناً وعصابات رأس مرصعة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة، وكانت تستخدم في الاحتفالات والطقوس الرسمية. 6- الحلي الصدرية (Pectoral): كانت تُرتدى الحلي الكبيرة على الصدر كجزء من الزينة، وغالباً ما كانت مزينة برموز دينية مثل الجعران أو عين حورس، وكانت تصنع من الذهب والأحجار الثمينة. 7- الأحزمة: ارتدى المصريون القدماء الأحزمة المصنوعة من الخرز الملون والأحجار الكريمة لتزيين الخصر، وكانت جزءًا من الأزياء الراقية. 8- الدلايات: كانت تُستخدم الدلايات في الزينة، وغالباً ما كانت تُعلق على القلائد أو الأساور، وكانت تحمل رموزاً دينية أو تعبيرات عن الحماية والتميمة. 9- التيجان الملكية: ارتدى الفراعنة والنبلاء التيجان التي كانت ترمز إلى السلطة والقوة، وكانت مزينة بالرموز الدينية مثل الكوبرا أو الصقر. المجوهرات في مصر القديمة لم تكن مجرد وسيلة للزينة، بل كانت تحمل رموزاً دينية واجتماعية، واستخدمها المصريون لإبراز مكانتهم في المجتمع والتعبير عن معتقداتهم. كان للمصريين القدماء اهتمام كبير بالشعر وتصفيفه، وابتكروا أنواعًا من البواريك (البروكات) التي كانت تستخدم بشكل واسع بين الطبقات العليا من المجتمع، وخاصة بين النساء والملوك. إليك بعض المعلومات حول استخدام البواريك عند المصريين القدماء: 1- استخدام البواريك: كانت البواريك تُستخدم لتزيين الشعر وتصفيفه بطرق مختلفة، وكانت تعتبر رمزًا للجمال والرفاهية. كان ارتداؤها شائعًا بين النبلاء والطبقة الحاكمة. وكانت تُصنع من شعر طبيعي أو ألياف نباتية مثل الكتان أو شعر الخيول. 2- أنواع البواريك: استخدم المصريون القدماء بواريك مختلفة من حيث الطول والتصميم، بعضها قصير وبعضها طويل ومجعد. البواريك الطويلة كانت أكثر شيوعاً بين النساء، بينما الرجال كانوا يرتدون بواريك أقصر وأكثر تواضعاً. 3- مواد التصنيع: كانت البواريك تُصنع من مواد مختلفة، بما في ذلك الشعر الطبيعي، والذي كان يتم تجميعه وربطه بدقة، أو من شعر مستعار مصنوع من ألياف نباتية. وكان يتم تغليف الشعر أحياناً بالدهون والزيوت للحفاظ على شكله ولمعانه. 4- أغراض دينية وجمالية: إلى جانب الاستخدامات الجمالية، كانت البواريك تُستخدم أيضاً لأغراض دينية، حيث كان ارتداؤها جزءاً من الطقوس والمناسبات الرسمية. وكانت البواريك الفاخرة تستخدم خلال الاحتفالات والطقوس الدينية كرمز للقداسة والنقاء. 5- العناية بالبواريك: المصريون القدماء اهتموا بالعناية بالبواريك، فكانوا يدهنونها بالزيوت للحفاظ على مظهرها اللامع والناعم، كما استخدموا الأمشاط والمقصات لتصفيفها. 6- ارتداء البواريك في المناسبات: في المناسبات الرسمية والاحتفالات، كان يُعتبر ارتداء البواريك جزءاً أساسياً من المظهر العام، وخاصةً بين النساء اللاتي كن يرتدين بواريك مزخرفة ومعقدة التصميم. البواريك كانت تعكس مكانة مرتديها الاجتماعية والاقتصادية، وكانت رمزًا للجمال والترف في مصر القديمة.