شهدت كوريا الجنوبية اضطرابات سياسية غير مسبوقة بعد إعلان الرئيس يون سوك يول تطبيق الأحكام العرفية ثم التراجع عنها بشكل مفاجئ، مما أثار موجة من القلق والتساؤلات حول مستقبل التحالف الاستراتيجي بين سيولوطوكيووواشنطن، في هذا الصدد سلطت صحيفة نيويورك تايمز، الضوء على تداعيات هذه الأزمة التي تهدد بتقويض أسس التعاون الثلاثي في منطقة المحيط الهادئ في وقت حساس تتصاعد فيه التوترات الإقليمية. من القمة إلى الأزمة قبل هذه الأزمة، كانت العلاقات بين الدول الثلاث تسير في مسار إيجابي غير مسبوق، إذ كشفت نيويورك تايمز أن الرئيس يون سوك يول كان قد حقق نجاحاً دبلوماسياً لافتاً خلال زيارته للبيت الأبيض، حيث أبهر النخبة السياسية في واشنطن بأدائه لأغنية "أمريكان باي" للمغني دون ماكلين. كما حظي باستقبال حار في طوكيو، حيث استضافه رئيس الوزراء الياباني وقدم له طبق "أوموريس" الياباني المفضل لديه، في إشارة إلى عمق العلاقات الشخصية بين القادة. غير أن هذه الأجواء الودية تبددت بشكل مفاجئ مع إعلان الأحكام العرفية، مما دفع المسؤولين في الولاياتالمتحدةواليابان إلى محاولة فهم أسباب هذا التحول المفاجئ في سلوك حليفهم الذي كانوا قد احتضنوه. عاصفة سياسية تهدد الاستقرار الإقليمي وفي تفاصيل الأزمة الحالية، كشفت الصحيفة الأمريكية عن حالة من الفوضى السياسية غير المسبوقة في سيول، إذ تقدم أعضاء مجلس الوزراء باستقالاتهم، بينما يتحرك نواب المعارضة نحو عزل الرئيس يون. وتزامن ذلك مع تأجيل اجتماعات عسكرية حيوية بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية كانت مخصصة لمناقشة قضايا الردع النووي. وأشارت نيويورك تايمز إلى أن وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني أعلن رغبته في "مراقبة تطور الوضع عن كثب" قبل تأكيد زيارته إلى كوريا الجنوبية، بينما يراقب رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا الوضع "باهتمام بالغ" قبل زيارته المقررة إلى سيول في يناير. تحديات متعددة تواجه التحالف الثلاثي تشير الصحيفة الى أن هشاشة التحالف الثلاثي تنبع جزئياً من اعتماده على الشخصيات والأولويات الفردية لقادة البلدان الثلاثة، إذ كانت الصور الودية التي جمعت يون ورئيس الوزراء الياباني السابق فوميو كيشيدا والرئيس بايدن في قمة كامب ديفيد العام الماضي تعكس علاقة وثيقة بينهم. لكن مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، واحتمال عزل يون في سيول، وضعف القيادة اليابانية الجديدة، يواجه التحالف تحديات غير مسبوقة. وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن بروس كلينجنر، كبير الباحثين لشؤون شمال شرق آسيا في مؤسسة هيريتاج بواشنطن، قوله إن "الجروح التي ألحقها يون بنفسه، إلى جانب ضعف القيادة اليابانية حالياً، يترك الولاياتالمتحدة مع لاعبين ضعيفين في مواجهة الصين." مستقبل غامض للعلاقات اليابانية الكورية تؤكد نيويورك تايمز أن العلاقة بين اليابانوكوريا الجنوبية تمثل العمود الفقري للتحالف الثلاثي، إذ نقلت الصحيفة عن جي-يونج لي، أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة الأمريكيةبواشنطن، تأكيدها أن التحالف الثلاثي القوي "أصبح ممكناً في المقام الأول بفضل تحسن العلاقات بين اليابانوسيول." غير أن هناك مؤشرات على هشاشة هذه العلاقة، كما ظهر في الشهر الماضي عندما قاطع المسؤولون الكوريون الجنوبيون حفلاً نظمته اليابان لتكريم العمال في مناجم الذهب في جزيرة سادو، احتجاجاً على عدم اعتراف اليابان أو اعتذارها عن تجنيد الكوريين للعمل في المناجم خلال الحرب العالمية الثانية. تحديات واشنطن ومستقبل التحالف تختتم نيويورك تايمز بتحليل شامل للتحديات المستقبلية، إذ نقلت عن نوبوكاتسو كانيهارا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة دوشيشا باليابان، تشبيهه للشراكة الثلاثية ب"حوت وسمكتي دولفين"، مشيراً إلى الدور المحوري للولايات المتحدة. ويضيف كانيهارا مخاوفه من أن ترامب، الذي يفضل "الرجال الأقوياء"، قد ينظر إلى كل من يون وإيشيبا كقادة ضعفاء. كما يشير ديفيد سي كانج، كبير الباحثين في معهد كوينسي للسياسة المسؤولة في واشنطن، إلى أن موقف إدارة بايدن الضعيف تجاه إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية يكشف عن "الفجوة بين خطابنا وواقع أفعالنا"، موضحاً أن "بقية العالم ليست غبية. إنهم يرون هذا، وهم متشككون للغاية في الإدارة الأمريكية."