الدعم النقدى يعزز الاستقرار المالى للدولة ويقلل عنها الأعباء بجانب رفع كفاءة تخصيص الموارد الحكومية وتوجيه الدعم لها لا أمتلك بطاقة تموينية ولم أسعَ فى يوم من الأيام إلى ذلك رغم أنها فى مقتبل العمر كانت ضرورية لأسرة جديدة تتكون، وللحقيقة ما كنت أشاهده من خلال بقالنا التموينى وبطاقة أسرتنا أبى وأمى وأشقائى -وكنا ثلاثة- وكانت الظروف التى واكبت الحروب التى خضناها على مدى عقود وعقود تستدعى اللجوء «للبطاقة» لتوفير السلع الأساسية من الشاى والأرز والزيوت، كنت أذهب مندوبا عن أسرتى للبقال الذى ندرج عليه بطاقتنا كل شهر لصرف المقرر ولا أدرى ولا أعرف إذا كان ذلك يتضمن دعما من الحكومة لتلك السلع البسيطة من عدمه ولكن كان توفيرها قطعا يمثل صعوبة. بصراحة كانت عملية الصرف للسلع البسيطة على تلك البطاقة ضرورية وإلا لن تجدها بتلك الاسعار ولكنها مع الأسف كانت فى أغلبها سيئة خاصة الزيوت التى كنت «لا أستسيغ» رائحتها ولا الشاى الذى كان أشبه بنشارة الخشب وناهيكم عن البقال نفسه الذى أصبح من «الأثرياء» من خلال تجارته فيما يتركه أصحاب البطاقات ممن لا يحرصون على الحصول على حصصهم. البطاقات من خلال البقالين التموينيين كانت تجبر المستفيد منها على سلع لا يرغبها ولا يحتاجها، وحاولت الدولة على مدى عقود وعقود إصلاح منظومة الدعم العينى ولكن كل محاولاتها فشلت مما أدى لانتشار فساد استغلالها. وهو ما دعا الحكومة مؤخرا- وأحسنت صنعا- إلى طرح مسألة تحويل الدعم العينى لدعم نقدى مباشر يصل إلى المستفيد وبه يحدد ما يريده من السلع الحقيقية الضرورية خاصة مع عدم تطوير منظومة صرف السلع وتلاعب البعض فى المنتجات. خطوة جريئة اتخذتها الدولة خاصة فى ظل منظومة البطاقة الموحدة وفى حوكمة منظومة الدعم وطرح المسألة على الحوار الوطنى الشامل حول تحويل الدعم العينى لدعم نقدى مؤكدة أنها تهدف بذلك إلى أن تمكن الفرد من الحصول على السلع التى يريدها بقيمة الدعم الذى سيخصص له فى ظل متغيرات القياس بمستوى الأسعار ومعدلات التضخم. ملف الدعم العينى الحالى -للأمانة- غير مقبول وغير إنسانى وغير عادل، والدولة أعلنت بكل صراحة أنها على استعداد لضخ المزيد من الأموال بشرط ضمان وصولها للمستفيدين الحقيقيين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة مستحقة الدعم. ومن خلال الاستراتيجية التى أكدتها الحكومة وحجم الدعم الذى يصل إلى 636 مليار جنيه منها 135 مليارا للدعم السلعى والخبز تظهر أهمية تحويله لدعم نقدى يحقق عدالة التوزيع أولا ويمنع فساده، كما أن الدولة من خلاله تضمن وصول المساعدات للفئات المستحقة مباشرة وتعطيهم فى نفس الوقت الفرصة لشراء السلع التى يرغبونها ولا يلزمهم بمنتجات لا يريدونها. الدعم النقدى اضافة لذلك -كما أكدت مصادر الحكومة- يعزز الاستقرار المالى للدولة ويقلل عنها الأعباء بجانب رفع كفاءة تخصيص الموارد الحكومية وتوجيه الدعم لها. وأخيرا تعزيز الاستهلاك الداخلى بزيادة الطلب على السلع والخدمات. ما أظهره الحوار الوطنى من خلال ما عقده من جلسات ومن خلال الحوارات سواء على الفضائيات أو السوشيال ميديا، يؤكد أن هناك من يؤيد ومن يعارض ولكن قطعا تجربة الدعم العينى كان بها العديد من المساوئ التى جعلت منه عبئا على الفرد والدولة حيث لا يصل الدعم للمستحق ولا يستفيد منه.