«.. ووصلت محاولات الشيطنة لنصب أعواد المشانق للعلماء، وقطع أطرافهم وتعليقهم..» السبت: عداء «الأصولية» أظن «أنني لست متفردًا بشغفي في التجوال عبر صفحات التاريخ غربا وشرقا، وربما لاحظ البعض معى ذلك التطابق في ذهنية الأصولية الدينية عبر العالم في إثارة الحروب وكراهة العلم والتنكيل بالعلماء، ومنجزاتهم، ورميهم بالهرطقة والكفر، وشيطنة العلم لصالح الجهل، ووصلت محاولات الشيطنة لنصب أعواد المشانق للعلماء، وقطع أطرافهم، وتعليقهم وسط الميادين العامة عبرة لمن يرتدى ثوب العلم، ويفكر بعقله البشرى. ففي أوروبا وعلى مدار ألف عام قبل عصر النهضة حكم الأصوليون الكنيسة بيد من حديد، وسادت الحروب الدينية، وتصدوا لأى تفكير حر، وأصدرت المحاكم الدينية عشرات الآلاف من الأحكام بالتعذيب حتى الموت لمن توصلوا لحقائق علمية تخالف ما تعتقده الأصولية، وكان يتم ربط العلماء إلى الخيول لتمزيق أجسادهم وتنزع أحشاؤهم، ويجرى شنقهم، أو يحرقون وهم مشدودون على الخازوق حتى الموت، فعلى سبيل المثال فقد تم محاكمة «جيوردانو برنو 1548-1600» وحبسه لثماني سنوات وأحرق بعدها على خازوق لآرائه العلمية، فقد توصل إلى أن الكون لا متناه، كما اضطر جاليليو «1564-1642» إلى التنازل عن آرائه العلمية أثناء المحاكمة للإفلات من الموت، لكنه نفى بعد ذلك. وقد تطابقت أصولية الشرق مع الغرب فى كراهة العلم والعلماء، فمثلا العالم الكبير أبو بكر الرازى «980-1037» الذي لقب بأبو علم الطب وجالينوس العرب، تمت إدانته بسبب آرائه العلمية بالتجديف، وأمر بضربه بكتبه على رأسه، فإما أن تنفلق الكتب، أو تهشم رأسه، ومن جراء ذلك فقد بصره، أما الكندي صاحب مؤلفات الفيزياء والمنطق والموسيقى الملقب بفيلسوف العرب، فقد تمت مصادرة مؤلفاته، وتلقى الكندي الشيخ المناهز للستين عاما الفيلسوف خمسين جلدة أمام حشد من الناس، فأصيب بالاكتئاب واعتزل الناس حتى توفى. والأمثلة غربا وشرقا لقمع وتحطيم التساؤلات العلمية تنوء بحملها «اليوميات» واكتفيت بالأمثلة السابقة كنموذج، وللأسف مازال الجدل محتدما حتى اليوم بين العلم والأصولية، ولعل ذلك يتمثل فى التيار المعروف ب»مجموعة الخلق» التى ترعرعت خلال فترة رئاسة رونالد ريجان ومازال فى العديد من الولاياتالمتحدة ويمثل قوة مؤثرة، أما فى الشرق فحدث ولا حرج، وربما الحديث عن الأصولية اليهودية يحتاج إلى مجلدات للحكى عن مآسيها...! الأربعاء: انتبه لنفسك علماء العلاج النفسي يحذرونك إن كنت «أنت شخصا طيبا ومجاملا ومحبا للآخرين وتحمل همومهم دائما».. فلو كنت ذلك الشخص فأبواب الأطباء مفتوحة لك دائما، وستكون زبونا مستديما، وغالبا لن تجد شفاء، لأنك شخص طيب تشعر دائما بأنه لازال عليك إثبات نفسك كل يوم عن طريق ما تؤديه للآخرين من خدمات، وتتفانى فى بذلها، صدقنى لا تحاول أن تقنع نفسك أن أصدقاءك يحبونك لأجل ما تفعله لهم، ربما يحبون ما تفعله لهم، أما حبهم لك فأظن أنه يقدم هدية لك بعيدا عن خدماتك لهم. ويؤكدون عليك، أن تستجيب لنداء جسدك حين يتعب ويجهد، نم وارتح، وأعطه ما يطلبه من راحة واستجمام، وغير أجواء تعيش فيها تفرض عليك متطلبات لا تستطيع الفكاك منها، وإلا فستهرب منك صحتك الجسدية والنفسية، وستصبح زبونا للاكتئاب وويلاته التى تزيد على أشد الأمراض فتكا. عبر عما تشعر به ولا تؤجل شعورك لحين رحيلهم عنك، الاستياء أحيانا مطلوب لما يتم اقتطاعه من وقتك وعمرك من أجل الآخرين، إياك أن تكتم مشاعرك السلبية فتتحول لشكوى جسدية مريرة تتلبسك كعفريت، تذكر دائما أن وقتك هو عمرك، ولا تتصور أن الذهاب للتمشية أثناء وقت الفراغ ومشاهدة الشوارع والناس والمحلات والحدائق مضيعة للوقت والعمر، هذه المعتقدات محبطة لنفسك، ومخيبة لك، الراحة والاسترخاء وتمضية وقت الفراغ فى التمشية كل ذلك مفيد لصحتك العامة، وضرورة للحفاظ على أفضل مستويات عملك وجودته، حاذر أن تؤجل وتماطل فى إعطاء نفسك راحة لتستمتع بأنشطة ترفيهية حتى تكون قد انتهيت من إنجاز ما وراءك من أعمال، المشكل فى هذا التأجيل أنك لا تنتهى أبدا من جميع ما يتطلب إنجازه، وللأسف نادرا ما ستجد نفسك تستقطع وقتا لنفسك. انتبه، لا أحد يقسو علينا قدر ما نقسو على أنفسنا حين نتجاهل إشارات داخلية من أجسادنا تخبرنا بأن الوقت قد حان لنتوقف ونرتاح ولو قليلا، فتحاول أن تستمر فى عملك وخدماتك حتى ترضى الآخرين مما يسبب لك صداعا وآلاما فى جسدك، أرجوك لا تتجاهل نداء جسدك فى طلب الراحة. الإثنين: باستير الشاب استحكمت في عقل الطبيب الشاب فكرة اكتشاف ما يجعل الإنسان قادرا على مقاومة المرض، وظلت تلح عليه، ودارت حولها أبحاثه، ولم يستسلم الطبيب الشاب لويس باستير لأقوال العلماء الذين لم يؤمنوا بفكرة وجود تحصين، أو لقاح يقي الإنسان من غائلة المرض، وواجه العديد من النقد والسخرية على فكرته، لكنه واصل عمله، واستعان بثلاثة أطباء من الشبان مثله، وأخذ باستير بعد ذلك يستحضر اللقاحات المختلفة، وراوده الأمل في تجنب البشرية خطر عدوى هذه الأمراض بطريقة التطعيم. وجاءت اللحظة الحاسمة التى غيرت مجرى التاريخ فى حياة العالم، وحياة العالم الشاب يوم استطاع أن يثبت جدوى اكتشافه بعد بحث وتجارب، وذلك عندما عرض عليه أحد الأطباء البيطريين متحديا أن ينقذ باستير بطريقته آلاف الرءوس من الماشية التى كانت تموت سنويا نتيجة وباء الجمرة الخبيثة، وقبل باستير التحدي، وظل يجرى تجاربه لتطعيم الماشية أمام جمهور من العلماء والعامة من الشعب، وكم كانت فرحة الطبيب الشاب باستير حين شفيت الماشية بفضل هذا التطعيم بالميكروب، وكانت معجزات الطب ومعجزات الإنسان. أما قصة زواج باستير فهي طريفة، فقد أعجب بابنة مدير الجامعة، وأرسل إليه خطابا يقول فيه: «إن والدي دباغ جلود وأخواته الثلاث يساعدنه فى عمله، كما يقمن بشئون البيت، وهن يشغلن مركز والدتي التي فقدناها من شهور قليلة، ونحن نعيش في حالة ميسورة، لكننا لسنا أثرياء، أما أنا فقد تخليت لأخواتي عن نصيبي فى الميراث الذي سوف يؤول إليهن فيما بعد، ومن ثم فإنني لا أمتلك أية ثروة، لكن جل ما أملكه هو صحتي الجيدة، وشجاعتي الفائقة وعملي فى الجامعة، وسوف أكرس حياتي للبحوث الكيماوية، واسمحوا لى أن أتقدم لكم بهذه المؤهلات المتواضعة لطب يد كريمتكم..! تعجب مدير الجامعة من خطاب باستير لكنه، باعتباره أبا حكيما، أحال الرسالة إلى إبنته لتبدى رأيها، لكنها رفضت عرضه، ويظل باستير يلح على أبيها وأمها دون جدوى!.