ألقى فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمكتب البيضاوي بظلال ثقيلة خيمت على حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وبرزت تساؤلات عدة حول مصير الحلف في قادم الأيام مع تهديدات ترامب بالانسحاب منه؛ في وقت تتزايد فيه المخاوف من تحالف يتشكل بين الصينوروسيا وكوريا الشمالية وإيران. اقرأ أيضا: كندا مُتحدية ترامب: «تذكر إمدادنا لكم بالطاقة» الإنفاق الدفاعي للناتو ولطالما انتقد ترامب حلف الناتو في محاولة منه للضغط على الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي، معربا عن استيائه من أن حلفاء الناتو يستغلون بلاده نتيجة عدم الوفاء بهدف الإنفاق بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة من أعضائه ال32، لدرجة قوله إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول الناتو التي لم تلبِ هذا الهدف، بعد عقد من الزمان من تعهد الحلفاء بذلك في قمة ويلز عام 2014. الناتو يحتوي ترامب وفي محاولة من حلف الناتو لاحتواء ترامب الغاضب، وجه الأمين العام لحلف "الناتو" مارك روته، التهنئة لترامب، متطلعا إلى العمل معه مرة أخرى من أجل تعزيز السلام من خلال القوة عبر الحلف. وذكّر روته في تهنئة لترامب، بالعدد المتزايد من التحديات على الصعيد العالمي، بدءًا من روسيا التي وصفها ب"الأكثر عدوانية"، وصولا إلى الإرهاب، والمنافسة الاستراتيجية مع الصين، وكذلك "التوجه المتزايد نحو التحالف بين الصينوروسيا وكوريا الشمالية وإيران". انسحاب ترامب مُستبعد أما السيناتور الأمريكي توم تيليس، الرئيس المشارك لمجموعة مراقبي الناتو في مجلس الشيوخ الأمريكي، فقال إن تهديدات ترامب بسحب الولاياتالمتحدة من الناتو "غير واقعية" وتهدف فقط لزرع الخوف وعدم اليقين بين الحلفاء، بحسب "روسيا اليوم". وأضاف تيليس "هذا التهديد ليس حقيقيا. إنه يستخدم كأداة سياسية لإثارة الخوف وعدم اليقين والشك"، والكونجرس الأمريكي، لن يدعم أبدا انسحاب الولاياتالمتحدة من الناتو. صدمة ترامب للناتو وبحسب «سكاي نيوز»، فإن مسؤولون بالناتو ومراقبون، يرون أنه على الرغم من التهديدات التي وجهها ترامب لحلف شمال الأطلسي، فإنه من غير المرجح أن ينسحب من الحلف بشكل كامل، ولكنه سيواصل الضغط عبر تكتيك "العلاج بالصدمة"، لدفع الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي وتعزيز مساهمتها العسكرية. ومن المتوقع أن يصل إنفاق الولاياتالمتحدة الدفاعي إلى رقم قياسي قدره 968 مليار دولار في عام 2024، في حين تقدر ميزانيات ال30 حليفا أوروبيا بالإضافة إلى كندا بنحو 506 مليارات دولار، أي 34% من الإجمالي الكلي. أما صحيفة «الجارديان» البريطانية فتقول إن 23 من أصل 32 عضوا في الناتو يتوقعون إنفاق أكثر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع هذا العام، لكن في عام 2014، عندما تم تحديد الهدف، كانت نسبة الإنفاق الدفاعي غير الأمريكي في الناتو 24%، وهي أقل من الآن ولكن ليست بشكل كبير. علاقات متشابكة لدول الناتو ويرى المراقبون أن الولاياتالمتحدة متشابكة بعمق مع حلف الناتو من حيث التخطيط ونشر القوات والبنية التحتية والقواعد، كما أن القواعد الأمريكية في أوروبا حيوية لنشر قوات واشنطن في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، كما أن الكثير من الأموال الإضافية التي تنفقها الدول الأوروبية على الدفاع تذهب إلى شركات الدفاع الأمريكية، مما يخلق آلاف الوظائف ويحقق أرباحا جيدة في الولاياتالمتحدة، ما يستبعد فكرة انسحاب ترامب من الحلف. ثغرات قانونية تهدد الناتو لكن صحيفة "بوليتيكو" كشفت عن ثغرات قانونية قد تمكن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب من الانسحاب من حلف الناتو، متجاوزًا بذلك القيود التشريعية التي وضعها الكونجرس العام الماضي، والتي تشترط موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ أو إقرار قانون من الكونجرس للانسحاب من الناتو. وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، على أن "أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرف من الحلف، يعتبر عدوانا عليهم جميعا، ومن حقهم الرد باتخاذ الإجراءات التي يراها الحلف بقيادة واشنطن ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي". أوكرانيا حاضرة في مستقبل الناتو ويرى مراقبون بحسب «سكاي نيوز»، أن رؤية ترامب بشأن حلف الناتو تنطلق أيضا من الموقف تجاه أوكرانيا، إذ أوضح الرئيس المنتخب وفريقه أنهم يرغبون في تغيير نهجهم تجاه كييف، وربما بشكل جذري إذ وضعوا آمالهم في صنع السلام بشروط أكثر ملاءمة لروسيا، لكن هناك قدرا كبيرا من الشك حول كيفية استجابة فلاديمير بوتين لمثل هذه المبادرات، وكيف ستتصرف إدارة ترامب إذا قوبلت عروضهم للتسوية بالرفض.