«ازدواجية».. لطالما ظلمنا تلك الكلمة ونحن نستخدمها فى وصف المواقف الأمريكية المساندة ليس فقط للاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية، انما ايضا لجرائمها التى يندى لها جبين الإنسانية، فمواقف أمريكا التى تجعلها شريكا أساسيا بكل تلك الجرائم، لا أجد من الكلمات ما يصفها، حتى كلمة فجر لا تفى بالغرض. ولنتوقف أمام حكم الجنائية الدولية باعتقال كل من السفاح نتنياهو ووزير دفاعه المجرم جالانت، لنجد استمرار الفجر الأمريكى بتبجح ووقاحة وصفاقة لا مثيل لها، لم تكتف واشنطن بإدانة الحكم المستحق ضد سفاحى تل أبيب، ولا ترويع المحكمة ومسئوليها والتقليل من شأنهم وقيمة أحكامهم، لكنها ذهبت لأبعد من ذلك بتهديد الدول الأوروبية التى أيدت الحكم باعتباره أضعف الايمان أمام شعوبها لتخاذل تلك الدول وصمتها على حرب الإبادة الكاملة للشعب الفلسطينى الأعزل المقهور. إن أمريكا التى لطالما صفقت للجنائية الدولية عند إصدارها أحكاما ضد أعداء واشنطن مثل بوتين والبشير وغيرهما، مطالبة بضرورة تنفيذ تلك الأحكام، تسعى الآن للتحرش بالمحكمة وقضاتها وتتبعهم وفرض عقوبات عليهم لجرأتهم على سفاحى تل أبيب، أليس هذا عين الفجر؟ والأكثر فجرا بل وعهرا سياسيا استمرار أمريكا فى ادعائها تبنى ودعم حقوق الإنسان، فى الوقت الذى لا تصمت فقط بل وتدعم حرب إبادة متكاملة الأركان بأبشع الاساليب اللاإنسانية ضد الفلسطينيين والعرب، وتذرف دموع التماسيح لعدم وصول المساعدات لأطفال غزة وتخدع العالم بجسر بحرى وهمى لمساعدتهم لنكتشف أنه جاء لتسريع وتيرة الإبادة ومساندة أحط قتلة وسفاحين بالعالم. ولعل الأكثر فجرا من الأمريكان من مازال ينخدع بشعاراتهم أو يسير فى ركابهم ويردد كالببغاء حججهم، الأكثر فجرا من يعادى بلاده ويسعى فى خرابها أو حتى تشويهها مخدوعا أو مغمضا عن حقائق ومخططات وأكاذيب العم سام وحلفائه وذيوله. والأنكى أن قادة أمريكا متساوون طوال التاريخ فى خداعهم وفجرهم هذا، الفارق الوحيد بينهم كمن يذبح ضحيته علانية وبلا رحمة، ومن يدللها ويمسح على جسدها لخداعها حتى يغتالها فجأة وبلا رحمة كذلك، فهل بعد كل هذا فجر؟!