واصل ميليشيا الدعم السريع انتهاكاتها في الأراضي السودانية، التي بسطت السيطرة على أجزاء منها بقوة السلاح، وبفعل مجموعة من الانقلابيين أشاعوا الخوف والفزع لدى جموع الشعب السوداني، الذي شًرد مئات الآلاف منه خارج البلاد أو داخليًا في القطر السوداني. السودان، الذي شهد أكبر موجة نزوح في العالم، بات بحاجة إلى من ينقذه من قبضة قوات الدعم السريع في أسرع وقتٍ ممكن. وبحسب المتحدث باسم الحكومة السودانية جراهام عبد القادر، في وقتٍ سابقٍ هذا العام، فإن عدد النازحين في البلاد بلغ أكثر من 11 مليون شخص، من بينهم 4 ملايين امرأة و3 ملايين طفل. تفاقم الأوضاع في ولاية الجزيرة وفي ولاية الجزيرة، تفاقمت الأوضاع الأمنية والإنسانية في الولاية، التي سقطت في قبضة الميليشيا، والتي بدأت حملة انتقامية على قرى الولاية، بداية من 21 أكتوبر الماضي. وسلطت الميليشيا قبضتها الحديدية على ولاية الجزيرة تحديدًا في أعقاب إعلان أبو عاقلة كيكل، قائد الدعم السريع في ولاية الجزيرة، انشقاقه عن الميليشيا وانضوائه تحت لواء الجيش السوداني. وقال مؤتمر ولاية الجزيرة، اليوم السبت، إن ضحايا قرية "اللَّعوتة الحجاج" بريفي الكاملين ارتفع إلى 23 شخصًا قُتلوا، وذلك وفقًا لشهود عيان، وذلك نقلًا عن صحيفة "التغيير" السودانية. وأكد الشهود الذين تحدثوا لمؤتمر الجزيرة أن ميليشيا الدعم السريع تحتجز سكان القرية داخل مسجدها، وسط تواصل عمليات السلب والنهب التي طالت ممتلكات المواطنين، بما في ذلك الحبوب الغذائية المخزنة. وأفاد الشهود بأن الأوضاع في القرية تزداد سوءًا، حيث يُمنع السكان من الخروج، بينما تُنهب الممتلكات بشكل ممنهج. وناشد المواطنون الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية للتدخل العاجل ووقف الانتهاكات التي تمارسها مليشيا الدعم السريع ضد سكان القرية العزل. في سياق متصل أكد مؤتمر ولاية الجزيرة أن عناصر من قوات الدعم السريع فتحت بوابات الكنارات، والترع على منازل المواطنين بقرى جنوب الجزيرة مثل الزناندة جبارة، والزناندة فضل السيد بغرض إغراقها. وبحسب شهود العيان فإن المياه تدفقت بغزارة على المنازل الفارغة من السكان، مما يهددها بالانهيار التام. اقرأ أيضًا: مجلس الأمن يبحث سبل إنهاء الصراع بالسودان «السودان يختنق» ومن جهتها، عرضت قناة القاهرة الإخبارية تقريرًا بعنوان "السودان يختنق بسبب جرائم ميليشيا الدعم السريع"، تناول الجرائم التي ترتكبها الميليشيا في الأراضي التي تسيطر عليها بالسودان. وقال التقرير: "حرب كانت كخنجر مسموم غرسته الدعم السريع بقلب السودان المكلوم، فالنيران المستعرة داخله لم تكن بيد محتل أو مستعمر، بل أشعلها منقلبون يحملون هويته، أشخاص ظنوا أنهم ينتمون له وأن أسلحتهم لن تفرغ يومًا بأجساد أبنائه". وأضاف التقرير، "أنه منذ أكثر من عام ونصف العام، والسودان يختنق ويعيش أزمة إنسانية حادة على كافة المستويات، بعدما ورطته الدعم السريع في حرب كان ضحيتها كالعادة الآلاف بل الملايين من المدنيين الأبرياء، وداخل بقعة محاطة بمزيد من الصراعات الأخرى، تفرد السودان بصراع مختلف، بعد قرار الدعم السريع برفع أسواره وإغلاق أبوابه فوق جثامين أبناء السودان القتلى". وأشار التقرير إلى أن قرار الدعم السريع جاء لمنع أي محاولة أممية أو دولية لرصد جرائمها وكشف وجهها القبيح، وبالرغم من صعوبة رصد تلك المأساة الإنسانية الأصعب على مر التاريخ الحديث، وفقًا للأمم المتحدة، إلا أن الباحثين في مجموعة أبحاث السودان بكلية لندن للحفاظ على الصحة وطب المناطق الحارة، تمكنوا من تقدير نسبي لإحصائيات ضحايا تلك الميليشيا. وبحسب آخر تقارير المجموعة، فإن أكثر من 61 ألفًا قُتلوا في ولاية الخرطوم خلال ال14 شهرًا الأولى من الحرب، بينهم نحو 26 ألفًا لقوا مصرعهم بعد إصابتهم بجروح خطرة، وأكد التقرير أن أكثر من نصف ما تبقى في السودان تقريبًا نحو 25 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأن الجوع والإصابة بالأمراض باتا أبرز أسباب الوفيات داخل تلك الدولة المعزولة، رُغمًا عنها. تحرك دولي غائب وفي ظل الأحداث العصيبة التي يعيشها الشعب السوداني، والتي تفرضها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، باتت الحاجة إلى تدخل دولي فوري ضرورة ملحة لإنقاذ الشعب السوداني من مأساته الحقيقية. وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة يوم الثلاثاء الماضي، لمناقشة الأوضاع في السودان، واستمع لإحاطات من مسئولي الأممالمتحدة، حول حقيقة ما يجري في السودان. وينوي رمطان لعمامرة، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، إجراء محادثات غير مباشرة مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تركز كأولوية على حماية المدنيين. وقالت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشئون السياسية وبناء السلام، في إحاطة قدمتها إلى مجلس الأمن، إن المبعوث الشخصي للأمين العام لعمامرة يدرس المرحلة المقبلة انخراطه في مباحثات مع الطرفين المتحاربين، بما في ذلك عقب جولة أخرى من المحادثات غير المباشرة تركز على الالتزامات المتعلقة بحماية المدنيين. وكشفت أن لعمامرة يعتزم السفر إلى السودان ودول أخرى في المنطقة، في الأسابيع المقبلة، للقاء أصحاب المصلحة الرئيسيين، كما سيعمل مع الجماعات المدنية السودانية لضمان انعكاس وجهات نظرها في مساعيه. وأضافت: "نتلقى تقارير عن انتهاكات مروعة، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، فيما تستمر المعارك في الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى، حيث يتعرض المدنيون لمعاناة مروعة". وتابعت: "الشعب السوداني في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، حيث إن إنهاء القتال هو السبيل الأكثر فعالية لحماية المدنيين". ولا تزال الخطوات الدولية العملية غائبة حتى الآن ولم تصل إلى مرحلة التحرك الحقيقي الضروري للشعب السوداني في الفترة الراهنة، وهي عبارة عن خطوات ينوي المبعوث الأممي اتخاذها دون تحرك عملي يُنهي مأساة الشعب السوداني.