دعا مركز بحثي في ألمانيا صانعي القرار الأوروبيين إلى ضرورة تكثيف الجهود لدمج السوق الموحد للخدمات، مما قد يساعد في تقليل أو منع فرض رسوم جمركية واسعة النطاق من قبل الإدارة المستقبلية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. وأظهر تقرير صادرعن معهد الأبحاث الاقتصادية "إيفو" في ميونيخ، أن تقليص الحواجز غير الجمركية بنسبة 25% في تجارة الخدمات داخل الاتحاد الأوروبي يمكن أن يزيد من القيمة المضافة الإجمالية للاتحاد بنسبة 3ر2%، أي ما يعادل 353 مليار يورو. إجمالي القيمة المضافة هي مقياس اقتصادي يُحسب بطرح الضرائب المدفوعة على المنتجات وإضافة قيمة الدعم المدفوع عليها". وقالت ليساندرا فلاش مديرة مركز الإقتصاد الدولي في "إيفو"، في تصريح صحفي، إن "دمج قطاع الخدمات في الاتحاد الأوروبي لن يسهم فقط في إنعاش الإقتصاد المتعثر للكتلة؛ بل قد يثني ترامب عن تنفيذ وعده بفرض رسوم جمركية بنسبة 20% على جميع الواردات الأمريكية و60% على المنتجات الصينية، كما أن تحسين سوق الخدمات سيجعل من السوق الأوروبي أكثر جاذبية للشركات الأمريكية". وأضافت "إن تكامل قطاع الخدمات في الاتحاد الأوروبي سيساعد في تقليل تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية المحتملة على الدول السبع والعشرين، خاصة ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، التي تعتمد صناعاتها الموجهة للتصدير بشكل كبير على التغيرات التي تؤثر على التجارة العالمية". وحذرت ليساندرا فلاش، من أن الرسوم الجمركية التي اقترحها دونالد ترامب "ستؤدي إلى تقليص الصادرات الألمانية إلى الولاياتالمتحدة بنسبة 15%، لكنها ستؤثر أيضًا بشكل غير مباشر على التجارة مع الصين، مما سيؤدي إلى انخفاض بنسبة 10% في الصادرات الألمانية إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم". ◄ اقرأ أيضًا | الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على الصين وأوضحت أن "الصين ستصبح أقل قدرة على المنافسة، وتعتبر ألمانيا موردا رئيسيًا للسلع الوسيطة للاقتصاد الصيني.. لذا ستخسر ألمانيا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر". وأكدت ليساندرا فلاش، على "الفائض الضخم" الذي تحققه واشنطن في تجارة الخدمات مع الإتحاد الأوروبي، والذي بلغ وفقًا للبيانات الحكومية الأمريكية 2ر71 مليار دولار في العام 2022 ، موضحة أنه "إذا كان لديك سوق أكثر جاذبية للشركات الأمريكية، فإن ذلك يزيد أيضًا من قوة السوق للاتحاد الأوروبي"، مشيرة إلى أن دمج قطاع الخدمات في الاتحاد الأوروبي سيحقق فوائد كبيرة لبقية الإقتصاد الأوروبي، بما في ذلك القطاع الصناعي. وتتوافق أفكار"فلاش" مع التوصيات التي قدمها ماريو دراجي الخبير الإقتصادى في تقريره المنشور في سبتمبر حول مستقبل تنافسية الإتحاد الأوروبي، حيث دعا إلى "إجراءات ملموسة على المدى القصير والمتوسط لتسهيل التجارة عبر الحدود في مجالات مثل الخدمات"، حيث لا تزال هناك تجزئة اختلافات كبيرة بين القواعد الوطنية. وأوضحت ليساندرا فلاش :"إذا كنت مصنّع سيارات، فأنت بحاجة أيضًا إلى خدمات التوزيع، والبرمجيات، والهندسة، والتصميم، والعديد من الخدمات الأخرى"، مضيفة إذا كان لديك وصول أفضل إلى كل هذه الأسواق، فأنت أيضًا أكثر قدرة على المنافسة كصناعة. وتأتي دراسة معهد "إيفو" في إطار الجهود المتزايدة التي يبذلها المسؤولون في بروكسل لتعميق السوق الموحد للاتحاد الأوروبي. وفي تقريره حول السوق الموحد الذي نُشر في أبريل، دعا رئيس الوزراء الإيطالي السابق "إنريكو ليتا" قادة الاتحاد الأوروبي إلى "إكماله" من خلال دمج قطاعات الطاقة والاتصالات والخدمات المالية. ومن المتوقع أن يؤثر تقرير إنريكو ليتا بشكل كبير على سياسة الاتحاد الأوروبي خلال الخمس سنوات القادمة، وقد تم الإشارة إليه في جميع رسائل التكليف التي وجهتها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى المفوضين المعينين. وفي السياق ذاته، وفي خطاب ألقته في بروكسل الأربعاء الماضى، شجعت كيرستين جورنا، المديرة العامة للسوق الداخلية والصناعة وريادة الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في المفوضية الأوروبية؛ (DG GROW)، صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي على مواصلة جهودهم لجعل السوق الموحدة أكثر بساطة.. مؤكدة مجددا على إلتزام السلطة التنفيذية الأوروبية بخفض التزامات الشركات المتعلقة بالمعلومات بنسبة 25%.