مصر الدولة الوحيدة التى لم يعلن فيها إفلاس أى بنك قد يحدث فى أى مكان بالعالم أن تطلب سحب مبلغ كبير من أموالك التى تضعها فى أحد البنوك فيتم سؤالك عن السبب أو قد يطلب البنك منحه فترة زمنية لتدبير المبلغ لك. عادة قد يستغرق ذلك عدة ساعات أو ربما أياماً قليلة، لكن ماذا يحدث لو أن من يطلب سحب المال شخصية كبيرة جداً جداً وتضع بلاده أموالها فى أحد أكبر البنوك العالمية.. لا تعتقد أن طلبه سوف يقال له شبيك لبيك.. أو أن سحب الأموال الخاصة ببلاده أو الموضوعة باسمه سوف يستغرق دقائق قليلة. بالعكس تماماً فقد يحتاج الأمر إلى عدة أيام وإجراءات قد تكون معقدة وتتدخل فيها أعلى الأجهزة والسلطات فى البلد الذى يوجد فيه البنك وأيضاً فى البلد الذى جاءت الأموال منه.. روى لى أحد قادة العالم أن أحد الحكام تضع بلاده أموالها فى بنك عالمى يضع فيه حسابه أيضاً وعندما طلب سحب مبلغ كبير يتعدى المليار دولار فوجئ برفض البنك إلا بعد إبداء الأسباب وبعد موافقة الجهات الأمنية العليا فى البلد صاحب البنك للأسف الشديد فإن 95 بالمائة من الثروات العربية توضع فى بنوك أجنبية وتحتل الولاياتالمتحدة المرتبة الأولى تليها الدول الأوربية فى حجم الودائع والأموال والحسابات الخاصة بالدول لقد اختفت ظاهرة الاستعمار بمفهومه القديم والذى تحتل فيه دولة، دولة أخرى من أجل الاستيلاء على مواردها حتى لو تم ذلك باستخدام القوة المسلحة والموارد فى النهاية تتحول إلى أموال يتم الاحتفاظ بها فى البنوك، أى أن الاستعمار اليوم اختصر لحد كبير مؤامرة الاستيلاء على ثروات البلد المحتل حيث تأتى لبنوكه أموال وثروات هذه البلدان طواعية ويصبح بعدها صاحب القول الفصل فى تنفيذ إنفاقها وبشروط وإجراءات معقدة. المالك الحقيقى للأموال لا يستطيع الإنفاق كيفما يريد ولك أن تتخيل ماذا يمكن أن يحدث للثروات العربية أو التى تملكها الدول وكبار الأثرياء فى حالة الحروب أو حتى الخلافات السياسية حيث تتخذ إجراءات وعقوبات المصادرة أو التجميد فى أفضل الحالات. لاشك أن خطورة تكديس الأموال والثروات فى بنوك خارجية تتزايد هذه الأيام والتى يدخل فيها الاقتصاد وحركة التجارة العالمية إلى معترك السياسة والصراعات بين القوى الكبرى سواء الحرب الخفية بين روسيا والصين من ناحية والولاياتالمتحدة وأوربا من ناحية أخرى، بالإضافة للحرب الروسية الأوكرانية وحرب التلاسن بين الكوريتين. وقبل هذه الصراعات وما بعدها تطل علينا الحرب فى منطقة الشرق الأوسط والتى تقودها إسرائيل وتشارك فيها كل الميليشيات المسلحة فى لبنان وغزة والعراق وسوريا واليمن وكذلك الصراعات المسلحة فى القارة الأفريقية. دعونا نقل بكل الصراحة إن أموال وثروات بلداننا العربية فى خطر داهم وسواء كانت بأسماء الدول أو الأثرياء. دعونا نقل إن الأموال العربية المكدسة فى بنوك الغرب قد تكون فى مهب الريح، دعنا نقل إن استثمار الأموال العربية فى البلدان العربية يظل هو الخيار الآمن حتى لو كان أقل عائد، أقول ذلك بعد أن احتلت البنوك المصرية المراتب الأولى إقليمياً فى مؤشرات الأمان وأن مصر هى الدولة الوحيدة التى لم يعلن فيها إفلاس أى بنك.