يعد التوقيت الشتوي نظام يتم فيه تأخير الساعة 60 دقيقة عند دخول فصل الخريف، للاستفادة من ضوء النهار بشكل أكبر خلال النهار، كما أنه يساعد على تقليل استهلاك الكهرباء، لكن رغم هذه الفوائد، هناك الكثير من الناس يعانون صعوبة التأقلم مع هذا التغيير السنوى، ويعانى البعض من تأثيرات نفسية كالاكتئاب أو تأثُّر المزاج، بسبب اضطراب الساعة البيولوجية.. كل ذلك تناقشه «آخرساعة» مع خبراء مختصين في السطور التالية. ◄ قلة التعرض للشمس سبب التغيرات المزاجية تقول الدكتورة شهيرة لوزا، استشارى طب النوم: قبل أن نبدأ فى التحدث عن مزايا وعيوب التوقيت الشتوى، يجب إلقاء النظر أولا على قصة تقديم وتأخير الساعة، ففى عام 1784، كانت فكرة توفير الطاقة عبر الاستيقاظ المبكر مجرد تصور طريف جاء فى ذهن المخترع والسياسى الأمريكى بنيامين فرانكلين، فقد تخيل أن الناس إذا استيقظوا مبكرًا فى الصيف، يمكنهم توفير الشموع والإضاءة الليلية، معتمدين على ضوء الشمس الطبيعي، ولم تتجاوز الفكرة حينها حدود النظرية، لكن استلهمها قادة العالم بعد سنوات. ◄ لمحة تاريخية وفى خضم الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، جاءت الفكرة كحل لتوفير الطاقة، فقرر القيصر الألمانى فيلهلم الثانى فى 30 أبريل 1916، تطبيقها لأول مرة عبر تقديم الساعات، وسرعان ما استجابت بريطانيا وفرنسا، وطبقتا التوقيت الصيفى أيضًا، ولكن الفكرة كانت تُعتبر جديدة وغير محبوبة، فتم إلغاؤها بعد انتهاء الحرب فى عام 1919. لاحقًا، فى عام 1940، أعاد الألمان التوقيت الصيفي، بل وضاعفوه فى عام 1947 بتقديم الساعات ساعتين بدلًا من ساعة واحدة؛ لكن الأمر لم يدم طويلاً إذ ألغى التوقيت الصيفى مجددًا عام 1949. ومرت السنوات، وبقيت الدول بدون توقيت صيفى، حتى عادت الفكرة مرة أخرى فى ألمانياالشرقية والغربية عام 1980، ومنذ عام 1996، التزمت دول الاتحاد الأوروبى بالتوقيت الصيفى، وانتشرت الفكرة فى بلدان أخرى حول العالم، وبدأ تطبيقه كنوع من التوفير الاقتصادى للكهرباء والاعتماد على فترات ضوء الشمس فى الإضاءة. ◄ الساعة البيولوجية وتتحدث لوزا عن التوقيت الشتوى من الناحية الصحية بأن البعض قد يجد صعوبة فى النوم خلال الأيام الأولى من التغيير، لكنها تؤكد أن هذا التأثير مؤقت، إذ يحتاج الجسم والساعة البيولوجية إلى يوم أو يومين للتأقلم، وتوضح أن هذا يشبه ما يحدث عند السفر عبر خطوط زمنية مختلفة، حيث يتكيف الجسم تدريجيًا مع فروق التوقيت، وقد أخذت الحكومة المصرية هذا الأمر بعين الاعتبار؛ فقد اختارت يوم الخميس لتغيير الساعة، بحيث يكون اليوم التالى عطلة لعدد كبير من الموظفين والطلاب، ما يمنحهم فرصة للتأقلم بدون أن يتأثروا بمواعيد العمل أو الدراسة، خاصة أن عدد ساعات اليوم يظل ثابتًا، والفارق يكمن فى كيفية تنظيم الوقت، لذا تنصح بالحفاظ على مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ وتحديد الأنشطة اليومية وفقًا لطبيعة كل شخص، سواء كان من الأشخاص الذين يفضلون النهار أو من أولئك الذين يجدون راحتهم فى السهر ليلا. وتشدد على ضرورة تجنب القلق والتوتر بسبب تغيير الساعة، منوهة إلى أن هناك اضطرابات قد تحدث لبعض الأشخاص وتندرج تحت اضطرابات الساعة البيولوجية ولها أنواع مختلفة منها الفسيولوجى وآخر من صنع الإنسان، فالأولى تظهر بشكل أكبر عند فئتى المراهقين وكبار السن، أما الثانية فتكون من صنع الإنسان بسبب العمل فى مواعيد غير اعتيادية أو عند السفر عبر خطوط زمنية مختلفة. ◄ اقرأ أيضًا | في خدمتك| تعرف على موعد بدء التوقيت الشتوي 2024 ◄ اكتئاب الظلام ومن جانبها تؤكد الدكتورة مى مجدى، أخصائية التغذية العلاجية ومدرب صحة، أن التوقيت الشتوى يمثل تغييرًا فى نمط حياتنا، وهذا التغيير يتطلب بعض التأقلم، فمع حلول الشتاء، يصبح النهار أقصر والليل أطول، مما يجعل الاستيقاظ المبكر والاستفادة من ساعات النهار أمرًا مهمًا لتحقيق إنتاجية أعلى وإنجاز المهام بكفاءة.. وللحفاظ على نمط نوم منتظم وجودة نوم جيدة، من الضرورى الالتزام بساعة الجسم البيولوجية، وذلك من خلال النوم والاستيقاظ فى نفس الوقت يوميًا، فهذا يسهم فى تحسين جودة النوم وزيادة التركيز والإنتاجية خلال اليوم. ومع ذلك، يشعر بعض الأشخاص بالانزعاج أو الاكتئاب مع هذا التغيير وأجواء الشتاء وتغير الفصول، ويُعرف ذلك ب«الاكتئاب الموسمى»، حيث يؤثر هذا الاكتئاب على الحالة المزاجية، ويرجع غالبًا إلى قلة التعرض لضوء الشمس، مما قد يؤدى إلى نقص فيتامين د، الذى يلعب دورًا كبيرًا فى تحسين المزاج العام. ◄ شمس الشتاء لذا، من المهم التعرض لأشعة شمس الشتاء ولو لفترة قصيرة يوميًا، ويمكن فى حالات النقص الشديد تناول فيتامين د كمكمل غذائى، مع مراعاة عمل تحليل لمعرفة نسبته فى الجسم، حيث تتراوح النسبة الطبيعية بين 20 و40. إذ إن نقص الفيتامين يزيد من أعراض الاكتئاب، فى حين أن زيادته قد تكون ضارة. في النهاية، تقبُّل التغيير والتأقلم معه يسهمان فى جعل الانتقال للتوقيت الشتوى أكثر سهولة، كما أن تنظيم اليوم وتحديد المهام يسهلان هذا التأقلم، ومن المفيد تناول القهوة فى وقت مبكر من اليوم لتجنب الأرق مساءً والحصول على نوم هادئ.