كانت الحياة في الماضي مليئة بالبساطة، والناس يعيشون بركة الأيام التي تحيطهم من كل جانب. تصف د. سها عيد، خبيرة طاقة المكان "الفونج شوي"، كيف يمكن لهذا العلم القديم أن يعيد البهجة والراحة إلى حياتنا من خلال فهم كيفية تفاعل طاقة المكان معنا وتأثيرها على صحتنا ورفاهيتنا. إذ توضح د. سها أن ما كان يعدّه أجدادنا من العادات والتقاليد هو جزء من هذا العلم الذي يمكن أن يحوّل أماكننا الخاصة إلى مساحات مفعمة بالراحة الإيجابية، مبرهنةً ذلك من تجاربها الشخصية وتجارب أجدادنا. مفهوم علم طاقة المكان وأصوله القديمة علم طاقة المكان، أو ما يعرف ب"الفونج شوي"، هو علم قديم يجمع بين معارف الحضارات الفرعونية والصينية والهندية، ويهتم بدراسة المسارات غير المرئية للطاقة وتأثيرها المباشر على الإنسان. تشرح د. سها عيد أن هذا العلم يستند إلى وضع العناصر والأشياء في أماكنها الصحيحة، حيث يمكن أن تسبب الأوضاع الخاطئة للطاقة في المنزل مشاعر عدم الارتياح والقلق وربما جذب الأحداث السلبية. وتؤكد على أهمية الاهتمام بهذا العلم في حياتنا اليومية كما فعل أجدادنا في الماضي. * العادات التقليدية وأهميتها في تحقيق التوازن والطاقة الإيجابية تروي د. سها عيد بعض العادات التي ورثتها عن جدتها، والتي تعود إلى ممارسات تقليدية تهدف إلى خلق طاقة إيجابية في المنازل. فمثلاً، كانت الجدات تقول إن "عتبة البيت" لها تأثير كبير، حيث يجب أن يكون الباب نظيفاً ومحاطاً بالنباتات لضمان دخول البركة والخير. أما الكنس، فقد نصحت الجدات بالقيام به نهاراً، حيث ترتبط حركة الأتربة مع أشعة الشمس، بدلاً من الليل الذي قد يجلب طاقة سلبية إلى المنزل. تضيف د. سها عيد أن هذه التقاليد تحمل في طياتها علماً عميقاً، فعلى سبيل المثال، ترك المقص مفتوحاً يُعتقد أنه يقطع هالة الطاقة حول الجسم، ورش الملح في أركان البيت يساعد في التخلص من الطاقة السلبية. هذه الممارسات تعكس وعياً غير مباشر بأهمية الحفاظ على توازن الطاقة في المنزل. التخلص من الطاقة السلبية وعادات تؤدي إلى انسياب الطاقة الإيجابية توضح د. سها عيد أن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى توليد طاقة سلبية في المنزل، منها تراكم الأشياء القديمة، والنوم في اتجاهات خاطئة، ووضع المرايا في أماكن غير ملائمة. تقول إن وضع مرآة كبيرة أمام السرير في غرفة النوم يعتبر خطأً شائعاً؛ حيث يعكس الطاقة ويؤثر على الهدوء النفسي أثناء النوم. كما تنصح بتجنب الألوان القاتمة في المنزل، لأنها تضفي جواً من الكآبة وتمنع تدفق الطاقة الإيجابية. * كيفية تحقيق طاقة إيجابية في المنزل تقدم د. سها عيد مجموعة من الإرشادات لخلق بيئة إيجابية ومريحة في المنزل، وتشمل: 1- تهوية المنزل بشكل جيد: من الضروري السماح بدخول الهواء النقي إلى المنزل وتجديد طاقة المكان باستمرار. 2- التخلص من الأشياء غير المستخدمة: إذا لم يتم استخدام غرض ما لأكثر من عام، ينصح بالتخلص منه لإفساح المجال للطاقة الجديدة. 3- الاهتمام بمدخل المنزل: يجب أن يكون الباب نظيفاً وجميلاً ومحاطاً بالنباتات الخضراء، حيث إن المدخل هو نقطة جذب الطاقة إلى المنزل. 4- استخدام النباتات والزراعة داخل المنزل: يُعتبر وجود النباتات عاملاً مهماً، حيث يضيف حيوية وينقي الجو ويسمح بتدفق الطاقة الإيجابية. 5- البساطة في الأثاث: ينصح بالابتعاد عن ازدحام الأثاث للحفاظ على انسيابية مسارات الطاقة. 6- تنظيف المنزل بالملح: يعتبر الملح مكوناً طبيعياً يمتص الطاقة السلبية، ويمكن إضافته إلى ماء التنظيف لمسح الأرضيات. 7- تجنب وضع المرايا أمام السرير: تؤدي المرايا المواجهة للسرير إلى توتر نفسي، ولذا يجب تغطيتها أو إبعادها. 8- اختيار الألوان الفاتحة والمريحة: تعمل الألوان الفاتحة مثل الأزرق والأبيض على إضافة جو من الهدوء والسلام النفسي. * التأثيرات النفسية والفوائد الروحية تقول د. سها إن علم الفونج شوي لا يقتصر فقط على تحقيق الراحة البدنية، بل يمتد إلى الفوائد النفسية، حيث يساعد على تخفيف التوتر ويعيد التوازن الروحي للإنسان. ومن الأمور التي تشدد عليها ضرورة الابتعاد عن تعليق صور حزينة أو مؤلمة، وتجنب حفظ أشياء تُذكّر بمواقف سلبية، لأن هذه العناصر تجلب طاقة سلبية دون وعي. * نصائح من الفونج شوي لتجديد طاقة المنزل باستمرار 1- تغيير أماكن الأثاث بين الحين والآخر: يساعد هذا التغيير على تجديد الطاقة في المنزل. 2- إضافة الزهور الطبيعية: تعطي الزهور الطبيعية حياة وروحاً للمكان، مما يضفي طاقة إيجابية. 3- فتح النوافذ بشكل يومي: للسماح بدخول الهواء وأشعة الشمس، مما يجدد الطاقة وينظفها. 4- الابتعاد عن الكراكيب: التخلي عن الفوضى والكراكيب في المنزل يساعد في تصفية الذهن وتحقيق الصفاء النفسي. * أهمية العودة إلى العادات القديمة لتحسين جودة الحياة تختتم د. سها عيد حديثها بالإشارة إلى أن العديد من الأمور الجميلة التي كانت جزءاً من حياتنا قديماً كانت تحظى بفطرة سليمة في تعاملها مع الطاقة. فقد كانت البيوت تُبنى وفقاً لتقاليد أصيلة تهدف إلى تعزيز الراحة والبركة، وتوفير أجواء هادئة وسعيدة. وترى د. سها عيد أن العودة إلى هذه العادات التقليدية البسيطة من خلال علم الفونج شوي يمكن أن يعيد إلينا السلام والراحة النفسية ويضفي البركة على منازلنا وحياتنا. يُعتبر علم طاقة المكان وسيلة فريدة لجلب الراحة والهدوء النفسي في بيوتنا. إنه علم يعود بنا إلى بساطة الزمن القديم، حيث كان لأجدادنا حكمة خفية في تصرفاتهم وعاداتهم. إن اتباع نصائح د. سها عيد يتيح لنا الاستفادة من هذا العلم القديم، واستعادة البركة التي كانت تعم بيوتنا، وتحقيق حياة أكثر استقراراً وطمأنينة في عالم اليوم المتسارع. نصائح للسيدات وربات المنزل: - تأكد من أن مدخل بيتك مرتب ونظيف. - تجنب الفوضى والكراكيب في جميع أركان المنزل. - استخدم الألوان الفاتحة والهادئة. - قم بتهوية المنزل بشكل يومي. - تجنب وضع المرايا أمام السرير أو في مواجهة مباشرة له.