عشرات الملايين من الأمريكيين شهدوا على الحرب الإسرائيلية على غزة قبل تطاير شررها إلى لبنان ليحرق الأخضر واليابس فى بلاد الأرز، لكن من بين هؤلاء ملايين من أصول مسلمة وعربية لم يتجاوزوا المجازر بحق آلاف الأطفال والنساء بدم بارد، حتى تهشمت الصورة التى رسمتها كتلتهم الناخبة لأمريكا كحامية للديمقراطيين فى ظل الدعم «اللامحدود» من إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس لتل أبيب. تحدثت «الأخبار» مع أحمد مراد، أمريكى من أصل مصرى، وقال إن الأصوات العربية قد تحدث فارقًا ملموسًا خاصة أنهم غالبًا ما يتحركون فى تكتلات ما يمنحهم تأثيرًا وثقلاً خاصة فى المجمع الانتخابى. اقرأ أيضًا | إعجاب ترامب بهتلر قد يحول الحلم الأمريكى إلى كابوس ووفقًا للتوزيع الديموغرافى، ينتشر الناخبون المسلمون والعرب فى جميع الولاياتالمتحدة. وتشير تقديرات المعهد العربى الأمريكى، وهو منظمة أمريكية بحثية سياسية إلى أن عدد الأمريكيين العرب يبلغ 3.7 مليون نسمة تعود أصولهم إلى 22 دولة عربية وينتشرون فى الولايات الخمسين ومن بينهم 85% يحملون الجنسية الأمريكية. ورغم أن أصوات العرب والمسلمين لا تشكل سوى 1%، من إجمالى عدد الناخبين بأمريكا، إلا أن الوضع فى الشرق الأوسط يمثل قضية رئيسية فى نوايا التصويت لأبناء هذه الجالية. ويؤكد مراد (47 عاما) الذى يعيش فى بروكلين بنيويورك ويحق له التصويت، أن الحرب فى المنطقة باتت خيارًا أساسيًا للعرب، وأنه رغم ظهور دعوات للمقاطعة، إلا أن أغلب الناخبين العرب سيشاركون فى السباق لإثبات أن أصواتهم قد تحسم المنافسة. وحول نوايا التصويت فى الولاية التى تضم نحو 301 ألف عربى أمريكي، قال مراد إن العرب يشعرون ب»خيبة أمل» من الديمقراطيين لأنهم لم يكونوا فاعلين لإيقاف الحرب وأضاف الناخب الذى قرر التصويت لترامب: «لماذا سيصوت الناخبون من أصول عربية للديمقراطيين مرة أخرى؟، أعتقد أنه سيكون هناك تصويت عقابى ضدهم، الأمل فى التغيير ولن يحدث ذلك مع هاريس». وربما لن يجد الصوت العربى الأمريكى لنفسه هذه الأهمية فى السياسة الأمريكية مثلما هو الوضع الآن، خاصة فى ميشيجان التى تضم أكبر جالية من العرب مقارنة بعدد السكان، وهى من الولايات المتأرجحة فى سباق 2024. ومن جانبه، قال الدكتور أحمد نبيل، وهو محاضر علاقات دولية ودبلوماسية بمركز دراسات السلام والصراعات بجامعة وين ستيت فى ميشيجان، إن الجالية العربية والمسلمة لديها رغبة فى تغيير انطباع حول قدرتها المحدودة فى التأثير على السياسات الأمريكية. ويشير نبيل (40 عاما) الذى يعيش فى ديترويت المدينة التى تضم الكتلة التصويتية الأهم من العرب، إلى أن هذه الأصوات قد تُشكل ما وصفه ب»الأقلية المُرجحة» فى حسم السباق فى ميشيجان التى يقطنها نحو 393 ألف عربى أمريكى بينهم 310 آلاف ناخب. ويمثل الفوز فى ميشيجان مؤشرًا هامًا على الفوز بالانتخابات ، وكان دونالد ترامب فاز فيها بفارق حوالى 10 آلاف صوت فقط عام 2016، فيما فاز فيها جو بايدن بفارق نحو 150 ألف صوت عام 2020، ما يجعلها تحظى بأهمية خاصة دفعت كلا من ترامب وهاريس إلى زيارة الولاية لاجتذاب الناخبين. وأكد نبيل أن الوضع فى غزةولبنان يأتى على رأس أولويات الناخبين العرب والمسلمين، ما قد يقلص من فرص هاريس بشكل كبير خاصة فى ظل تجاهل الديمقراطيين لمطالب أبناء هذه الجالية للضغط على الاحتلال لإنهاء الحرب التى تطول تقريبًا أغلب بلادهم الأم. وكان جيمس زغبي، رئيس المعهد العربى الأمريكي، قال إنه خلال 30 عاماً من إجراء استطلاعات الرأى للناخبين العرب «لم نشهد أى شيء مماثل للدور الذى أحدثته الحرب على غزة على سلوك الناخبين». وهذا ما أكده نبيل قائلاً إن الناخبين العرب والمسلمين سيعاقبون الديمقراطيين فى انتخابات البيت الأبيض لأنهم يشعرون بالإهانة من تجاهل أصواتهم واستمرار دعم إسرائيل التى تقتل أقاربهم أو أصدقائهم أو جيرانهم. وأوضح أن العقاب قد يكون بالتصويت لترامب أو لمرشح ثالث وربما الامتناع عن المشاركة. ورغم أن مراقبين أشاروا إلى أن عرب أمريكا ليس لديهم موقف تصويتى موحد، إلا أن أصواتهم قد تمهد الطريق لهاريس أو ترامب للوصول إلى البيت الأبيض. ودعا إسماعيل أحمد، وهو عربى أمريكى فى مقال رأى نُشر أكتوبر الماضى بصحيفة «ديترويت فرى برس»، إلى التصويت لهاريس. وبحسب أحمد، فإن هاريس تطالب بوقف إطلاق النار وحل الدولتين، بينما يرفض ترامب الاعتراف باحتلال الأراضى الفلسطينية، ويعارض إقامة دولة فلسطينية.