منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، بادرت مصر إلى لعب دور بارز في جهود الوساطة لإنهاء الصراع، وفي الأيام الأولى من التصعيد، سعت القاهرة لتفعيل قنوات الحوار مع الأطراف المعنية لتقديم مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى وقف إطلاق النار بغزة. ◄ خطط الهدنة.. «الجهود المصرية المتواصلة» ظهرت ملامح خطة مصرية أكثر تفصيلاً لتحقيق «هدنة تدريجية» في غزة، والتي تم الإعلان عنها يوم الأحد الماضي، تزامنًا مع بدء جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة، حيث اجتمع مسؤولون من قطر والولايات المتحدة وإسرائيل، لصياغة اتفاق شامل لتبادل المحتجزين الإسرائيلين لدى حركة «حماس» الفلسطينية، والسجناء الفلسطينيين لدى الاحتلال، بالإضافة إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو وقف إطلاق النار بالقطاع المنكوب. ◄ جهود الوساطة المصرية في أبريل 2024، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أن الوفد الإسرائيلي المخصص للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مقابل إطلاق سراح الرهائن، عاد من القاهرة بعد سلسلة من المحادثات المكثفة حول «اقتراح محدث» صاغه الوسطاء. في بيان رسمي عن مكتب رئيس وزراء الاحتلال، تم التأكيد على أن «المحادثات، التي تمت بوساطة مصرية فعالة، أسفرت عن صياغة اقتراح محدث سيتم تقديمه لحركة حماس»، وأضاف البيان: «إسرائيل تتطلع إلى أن يبذل الوسطاء جهودا مكثفة مع حماس لتعزيز هذه المفاوضات بهدف الوصول إلى اتفاق، إسرائيل مصممة على بذل كل ما في وسعها لتحرير الرهائن وإعادتهم». ووصل الوفد، الذي يتضمن مسؤولين رفيعي المستوى من الموساد والشاباك، إلى القاهرة يوم الأحد 28 أكتوبر، للمشاركة في المحادثات التي تُشرف عليها كل من مصر وقطر. جاء هذا البيان في وقت شهد فيه الكنيست الإسرائيلي في القدس تجمع عائلات الرهائن، حيث ضغطت العائلات على الحكومة لقبول إطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس، فيما قام بعض أقارب الأسرى الإسرائيليين بتقييد أنفسهم بالسلاسل إلى الطاولة في الغرفة المخصصة لاجتماع لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست. ◄ «تفاؤل حذر».. فرصة للتقدم في المفاوضات وفقًا لصحيفة «هآرتس» العبرية، أعرب مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات، عن «تفاؤل حذر» بشأن العملية التفاوضية، مشيرا إلى أن الاتصالات لم تتعثر وأن هناك إمكانيات للتقدم. وقررت الحكومة الإسرائيلية المصغرة، الأحد، توسيع صلاحيات فريق التفاوض، مما يعكس مزيدًا من المرونة فيما يتعلق بعدد الفلسطينيين الذين يمكنهم الانتقال إلى شمال قطاع غزة، بحسب موقع «أكسيوس» الأمريكي. تعد عودة سكان غزة إلى الشمال من الشروط التي وضعتها حماس للتوصل إلى اتفاق، إلى جانب وقف القتال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، وزيادة المساعدات الإنسانية، والإفراج عن مئات الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية. ◄ «مبادرة الرئيس السيسي».. اقتراح لوقف إطلاق النار في نهاية أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن اقتراح لوقف إطلاق النار لمدة يومين في غزة، يهدف إلى تبادل أربعة رهائن إسرائيليين مع عدد من الأسرى الفلسطينيين. خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الذي زار القاهرة مؤخرًا، أوضح السيسي أن هذه المبادرة جاءت كمحاولة لتحريك الموقف المتأزم، حيث ستجري عمليات تبادل الرهائن خلال يومين، يليها مفاوضات تمتد لعشرة أيام تهدف للوصول إلى هدنة شاملة. على صعيد آخر، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت إلى ضرورة تقديم «تنازلات مؤلمة» قبل بدء المفاوضات في الدوحة، في إشارة إلى التعقيدات التي تواجهها الصفقة. وتصاعدت الضغوط الداخلية لإبرام صفقة مع «حماس»، حيث قاطع أقارب الضحايا من هجوم السابع من أكتوبر ب2023 عقب عملية «طوفان الأقصى» التي قامت بها الفصائل الفلسطينية في الداخل الإسرائيلي، خطاب نتنياهو خلال إحياء الذكرى، معربين عن «استيائهم» بعبارات صريحة من استمرار الحرب على غزة وعدم عودة أقاربهم لهم. ◄ الاجتماعات بين الفصائل.. «الحوار الفلسطيني» في السياق نفسه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، عن صدمته حيال الأرقام المرتفعة لعدد الشهداء والدمار في شمال غزة، مشيرًا إلى أن الوضع الإنساني أصبح لا يطاق!، كما أشار المتحدث باسم جوتيريش إلى ضرورة التحرك الفوري للتخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين. اقرأ أيضا| «بعد السنوار».. كيف يرى معارضو نتنياهو الحرب الإسرائيلية على غزة؟ (2-2) بينما تستمر جهود مصر الحثيثة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ أكثر من 13 يومًا على التوالي، عبر العديد من المسارات الدبلوماسية والسياسية والإنسانية، حيث تسعى مصر إلى دعم المواقف الإقليمية والدولية لتعزيز دعوتها لوقف القتال وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية لغزة، مع التأكيد على أهمية العودة إلى المسار التفاوضي كوسيلة لتحقيق الاستقرار. ◄ لجنة الإسناد المجتمعي.. خطوة نحو الوحدة الفلسطينية بغزة من جهة أخرى، انطلقت في القاهرة اجتماعات بين حركتي «فتح وحماس» من خلال لجنة الإسناد المجتمعي، لبحث الأوضاع في القطاع. وفي العاصمة المصرية، استُهلت جلسات حوارية بين الحركتين يوم السبت 2 نوفمبر، حيث تمحور النقاش حول كيفية إدارة قطاع غزة بعد انتهاء النزاع القائم، ليعكس الجهود المصرية المستمرة للتوصل إلى تهدئة شاملة، تتيح إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الجهود الدائرة لوقف إطلاق النار في غزة، تستهدف تشكيل لجنة حكم تتكون من شخصيات فلسطينية مستقلة، بحيث لا تكون مرتبطة بأي تيار سياسي، وقد جاء هذا الاقتراح بعد مناقشات سابقة بين قيادات الحركتين في القاهرة، حيث تم طرح فكرة تشكيل اللجنة، لكن تم تأجيل النقاشات بشأنها. ووفقًا لقناة «القاهرة الإخبارية»، أوضح مصدر أمني مصري أن اجتماعات الحركتين تتعلق بإنشاء «لجنة الإسناد المجتمعي»، التي تهدف إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية والإشراف على شؤون القطاع، مع التأكيد على ضرورة عدم فصل الضفة الغربية عن غزة. ◄ استئناف المفاوضات.. حوارات مستمرة بعد اجتماع الدوحة أكدت المصادر ذاتها، على أن هناك رؤية إيجابية من الطرفين تجاه التحركات المصرية، رغم الظروف الصعبة المحيطة بالقضية الفلسطينية، وأفاد المصدر بأن هذه الاجتماعات تظل ذات طابع فلسطيني خالص، وأن الجهود المصرية تسعى إلى توحيد الصفوف وتقليل معاناة الشعب الفلسطيني. تأتي هذه المحادثات بعد أيام من اجتماع في الدوحة، حيث تناولت الأطراف المعنية إمكانية استئناف المفاوضات حول وقف إطلاق النار المتوقفة منذ أكثر من شهرين، بحسب شبكة «فرانس 24» الفرنسية. وعلى مدار أكثر من عام على الحرب في غزة، لعبت مصر دورًا محوريًا في جهود الوساطة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بالتزامها الثابت بترسيخ السلام، تجاه معاناة الأبرياء.. من أطفال ونساء ورجال فلسطينيين عانوا من ويلات الحرب الإسرائيلية الغاشمة. ◄ تحقيق السلام الدائم وقدمت مصر نموذجًا يُحتذى به في العمل الدؤوب لتحقيق السلام، حيث استثمرت طاقاتها في تعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة، ومن خلال مبادراتها الإنسانية، لم تكتفِ القاهرة بمحاولة إنهاء الصراع. في ظل الجهود المستمرة التي تبذلها مصر من خلال الحوار المستمر والمبادرات الإنسانية الرامية إلى تحقيق السلام في المنطقة، يبقى الأمل معقودًا على أن تتمكن مصر من بلورة خطوات ملموسة نحو تحقيق سلام دائم في قطاع غزة، مستندة إلى تاريخ طويل من التفاوض والوساطة.