وجَّه قرابة 400 كاتب ومثقف مؤخرًا نداءً يطالبون فيه الكُتَّاب بمقاطعة المؤسسات الثقافية ودور النشر والجوائز الإسرائيلية اعتراضًا على جرائم إسرائيل المتواصلة فى حق الفلسطينيين، ومن بين ما جاء فيه أن دور النشر والوكالات الأدبية والجهات الثقافية الإسرائيلية التى لم تعلن إدانتها للحرب الوحشية الدائرة حاليًا شريكة فى عملية الإبادة، وأن الثقافة لعبت دورًا أساسيًا فى تطبيع الفظاعات الإسرائيلية، فالمؤسسات الثقافية الإسرائيلية التى غالبًا ما تعمل مع الدولة بشكل مباشر، كانت أساسية فى التشويش على العدوان على ملايين الفلسطينيين على مدار عقود وفى إخفاء هذا العدوان وغسله عبر الفن. وأكد الموقعون أنهم لا يمكنهم التعامل مع مؤسسات إسرائيلية بدون تفحص علاقتها بالأبارتهايد والتطهير العرقى. وخلصوا إلى أنهم لن يتعاونوا مع هذه المؤسسات المتواطئة على إهدار حق الفلسطينيين. من بين الموقعين على النداء، الذى أثار ردود فعل قوية، الروائية الهندية أرونداتى روى والروائية الأيرلندية سالى رونى. قوبل هذا النداء باهتمام كبير، لكن بعض ردود الفعل عليه كانت سلبية، ومن بينها مقال بعنوان «سالى روونى وعصابتها»، انتقدت فيه الكاتبة الأمريكية ليونيل شرايفر دعوة الكتاب الموقعين على النداء غيرهم لمقاطعة جماعية للمؤسسات الثقافية الإسرائيلية. ومن بين ما ساقته شرايفر من انتقادات أن وسيلة الكتاب للتعبير عن مشاعرهم هى الكتابة، والاندفاع لتكوين حشد متناقض مع الاندفاع لتدوين أفكارك فى نص على انفراد وجعل صوتك المتمرد مسموعا على نطاق واسع. وأنها ليست من الأشخاص الذين يندفعون لهذا الحشد أو ذاك، وكانت تظن أن زملاءها فى أخوية الكتابة مثلها وأنهم بشكل خاص ليسوا «متنمرين»، لكنها اكتشفت أن هذا العصر هو على ما يبدو عصر «الاحتشاد العدوانى»، وواصلت أن الأمر ينطوى على معاقبة لمؤسسات يسارية مستقلة وأنهم بهذا حلفاء طبيعيون لما أطلقت عليه «كتيبة رونى». والحقيقة أن حجج ليونيل شرايفر معظمها متهافت ويحتوى على مغالطات منطقية سافرة، وبعضها ينطبق عليه وصف «حق يراد به باطل». ولا نراها على امتداد مقالها تفعل سوى ما تتهم به رونى ورفاقها، أى محاولة إسكات الآراء المغايرة وإرهاب أصحابها. ثم ما الغرض من تلك السفسطة المتحذلقة وقت إبادة مستمرة على مدار عام كامل، إن لم يكن التشويش عليها وإرهاب من يقفون ضدها من الكتاب؟ يشبه الأمر تمامًا التهجم على المثقفين المعاصرين للحرب العالمية الثانية إن طالبوا بمقاطعة المؤسسات الثقافية ودور النشر النازية. وكى تزيد شرايفر مقالها تهافتا تختتمه بجملة مبتذلة موجهة للمهرجانات الثقافية الإسرائيلية تقول فيها إنها موجودة وجاهزة للمشاركة فى حال كان لديهم نقص فى المشاركين.