عامر تمام تدرك الصين أن السياسة الأمريكية العدائية تجاهها لن تتغير وفقا لنتائج الانتخابات الأمريكية فى الخامس من نوفمبر، فالكل مجمع فى الولاياتالمتحدة على ضرورة مواجهة الصين وعلى اعتبارها تهديدا استراتيجيا كبيرا، لذا يستعد قادة الحزب الشيوعى لجولة جديدة من الصراع مع واشنطن بغض النظر عن ساكن البيت الأبيض الجديد.. من المؤكد أنه لن يحدث تحول جوهرى فى التنافس بين الولاياتالمتحدةوالصين بعد الانتخابات الأمريكية، غير أن طريقة الوصول إلى هدف احتواء الصين عسكريا واستراتيجيا واقتصاديا ستكون حتما أمرا مختلفا، وفقا لطريقة إدارة الرئيس السابق ترامب لملف الصين خلال فترة رئاسته، أو خلال تعامل إدارة الرئيس جو بايدن ونائبته هاريس مع نفس الملف. هناك العديد من ملفات الخلاف بين بكينوواشنطن من بينها ملف تايوان التى تريد الصين استردادها بينما ألمحت الولاياتالمتحدة غير مرة أنها ستتدخل عسكريا لحماية حليفتها حال حدوث ذلك. اقرأ أيضًا| بايدن يسابق الزمن لتهدئة الوضع في الشرق الأوسط أضف إلى ذلك ملف بحر الصين الجنوبى وحرية الملاحة فى مضيق تايوان الذى تصاعد الخلاف بشأنه مؤخرا بعد عقد أمريكا اتفاقية دفاع مشترك مع الفلبين حصلت بموجبها على أربع قواعد عسكرية فى الفلبين من بينها قاعدة قريبة من تايوان. هذا إلى جانب التنافس فى المحيط الهادئ والتنافس التجارى والتكنولوجى لاسيما فى مجال الرقائق الإلكترونية التى تفرض وزارة الخزانة الأمريكية حظرا على وصولها إلى الصين.. ما سبق إلى جانب أمور أخرى يأتى تحت مظلة التنافس بين أمريكاوالصين على الريادة فى آسيا لاسيما فى المجال العسكرى والاستراتيجى والاقتصادى. تطرق الرئيس ترامب إلى طريقة تعامله مع بعض من هذه الملفات خلال حملته، خلال مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، قال ترامب إنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 200٪ على السلع الصينية إذا «دخلت الصينتايوان».. وأضاف أنه إذا أصبح رئيسًا مرة أخرى، فإن الصين ستفكر مرتين فى حصار تايوان لأن الرئيس شى جين بينغ» يحترمنى ويعرف أننى... مجنون». على صعيد التعامل مع الملف الاقتصادى، اقترح ترامب خططًا لفرض تعريفات جمركية شاملة تتراوح من 10٪ إلى 20٪ على جميع الواردات تقريبا، بالإضافة إلى تعريفات جمركية بنسبة 60٪ أو أكثر على السلع من الصين، ما قد يعزز قطاع التصنيع فى الولاياتالمتحدة.. لكن إذا حدث ذلك فمن المتوقع أن ترد الصين بالمثل مثلما حدث خلال رئاسته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021، حيث فرض موجات من التعريفات الجمركية على السلع الصينية، وردت الصين بتعريفاتها الجمركية الخاصة، التى استهدفت بشكل أساسى السلع الزراعية من الولاياتالمتحدة مثل فول الصويا. وبينما بدأ ترامب المنافسة الاستراتيجية مع الصين خلال فترة رئاسته، استمرت إدارة بايدن فى تنفيذ ذلك ولكن بطريقها الأكثر رزانة وحرصا على إدارة الصراع وعدم اتساعه.. لكن إذا عاد ترامب إلى منصبه، فهذا يعنى استمرار نفس السياسة ونفس الهدف ولكن بطريقة ترامب غير المتوقعة والحادة، ما قد يتسبب فى المزيد من التصعيد بين الجانبين ويخلق حالة من عدم الاستقرار. أما بالنسبة لهاريس فهى جزء من الإدارة الحالية، ومن غير المتوقع أن يكون هناك تغيير فى طريق التعامل مع ملف الصين، لم تتحدث نائبة الرئيس عن طريقة تعاملها بالتفصيل مع ملفات الخلاف لكنها أكدت منذ بداية حملتها الرئاسية فى يوليو بعد انسحاب بايدن على أنها ستعمل على «فوز أمريكا، وليس الصين، بالمنافسة على القرن الحادى والعشرين». ومن المتوقع أيضا أن تحافظ على السياسات المفروضة فى عهد إدارة بايدن، بما فى ذلك الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، ومنع وصول الصين إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات. ورغم سعى الإدارة الديمقراطية إلى التواصل المفتوح مع الصين والمباحثات الهاتفية المتكررة بين بايدن وشى واستضافة الرئيس الأمريكى لنظيره الصينى فى كاليفورنيا العام الماضى، واصلت إدارته فرض رسوم جمركية إضافية على بعض المنتجات الصينية الصنع والتى كان آخرها رفع معدل الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية بنسبة 100% فى سبتمبر الماضى. ورغم أن حسابات التعامل مع الملفات الثنائية تشير إلى احتمال تفضيل الصين التعامل مع هاريس وليس ترامب، لكن حسابات أخرى تجعل من ترامب هو المرشح الأفضل بالنسبة لبكين. ختاما، من المؤكد أن السنوات القادمة هى سنوات صعبة وحاسمة فى عمر الصراع الصينى الأمريكى لكلا الجانبين فى ظل العديد من التحديات والتغيرات الدولية والإقليمية.