«منذ انطلاق دورته الأولى اتخذ مهرجان الجونة السينمائى شعاراً يفيض عذوبة وشجناً وهو « سينما من أجل الإنسانية» وقد خصص له مسابقة يقوم الجمهور فيها بدور لجنة التحكيم وتعتمد على اختياره للفيلم الذى يستحق هذه الجائزة، عبر بطاقة تُقدم له مع عروض الأفلام التى ينطبق عليها هذا الأمر من مختلف مسابقات المهرجان، وقد بدا واضحاً حرص فريق البرمجة الذى يقوده الناقد أندرو محسن على أن تعزف أغلب الأفلام على وتر الإنسانية. هذه السينما التى تمس المشاعر الإنسانية وتجعلك تتوحد مع أبطالها وقد تخونك دموعك وتذرفها إحساساً بما يعانيه البطل أو البطلة، إنها سينما المشاعر الحقيقية، وهى ليست بالضرورة مشاعر حزينة، فقد تكون مشاعر فرح وسعادة تشارك فيها أبطالها نجاحهم فى تحقيق أحلامهم، مثل الفيلم الوثائقى المصري «رفعت عينى للسما» الذى حاز جائزة «العين الذهبية» بمهرجان كان الماضى، يصحبك الفيلم إلى قرية «برشا» بمحافظة المنيا وإلى فريقها المسرحى وكلهن من البنات اللاتى بدأن نشاطهن من مسرح الشارع وواجهن الانتقادات والرفض وواصلن عروضهن حتى حققن حلمهن، الفيلم من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير ويشارك فى مسابقة الأفلام الوثائقية بالمهرجان. وفى الفيلم الفرنسى «أثر الأشباح» وهو أحد أفلام الإثارة النفسية يعرض لقصة لاجئ سورى يطارده ماضيه، فيقرر مواجهته بالبحث عن جلاده خلال الحرب السورية التى ُسجن خلالها وتفنن جلاده فى الانتقام منه وهو لا يعرف شكله لكنه يتذكر جيداً رائحته التى تطارده حتى بعدما أصبح حراً، وفى فيلم «قصة سليمان» الذى يُعرض ضمن القسم الرسمى يعمل بطله الغينى المهاجر غير الشرعى فى توصيل الطلبات فى فرنسا، فيما يستعد لأهم مقابلة فى حياته وهى جلسة «مراجعة اللجوء» التى قد تحقق أحلامه بالحياة فى باريس أو تطيح بها، ورغم كل الإحباطات يبقى محتفظاً بإنسانيته. قضية اللاجئين تفرض نفسها أيضاً من خلال الفيلم البريطاني- البرتغالي «عن السقوط» حيث تعيش بطلته حالة اغتراب وعزلة، فيما تواجه حياة جديدة فى بلاد بدت غريبة، ويطرح الفيلم اللبنانى «مشقلب» الأحوال الصعبة التى يعيشها اللبنانيون فى ظل الأزمات المتلاحقة التى أصابت بلادهم عبر أربع قصص مؤثرة لأربعة مخرجين يواجهون مآسى الحياة بشكلٍ كوميدى يجعلك تضحك برغم الأسى.