كل عام في مهرجان الجونة السينمائي الدولي، ومع ما يعيشه العالم من صراعات لا تنتهي، وكجزء من المسؤولية المجتمعية للمهرجان، يتجدد شعار «سينما من أجل الإنسانية»؛ الذي لم يكن يوما ما مجرد شعار رفعه المهرجان، ولكنه أخذ على عاتقه منذ الدورة الأولى، العمل على زيادة الوعي بالقضايا الإنسانية، فالسينما كانت ولا تزال قادرة على تحسين حياة الناس، ومن خلالها نتجاوز كل هذه المآسي التي تحيط بنا، لذلك خصص لها جائزة كبيرة تصل إلي 20 ألف دولار لأفضل فيلم يعبر عن شعار المهرجان. وتشهد الدورة السابعة من المهرجان التي تنطلق 24 أكتوبر الحالي، مشاركة 12 فيلما ما بين روائي طويل ووثائقي، تتناول قضايا إنسانية، ففي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، نجد فيلم "أثر الأشباح" وهو إنتاج فرنسي ألماني بلجيكي مشترك، ومن إخراج جوناثان ميّيه، يتناول موضوعا انسانيا، حيث "حميد" عضو في جماعة سرية تلاحِق قادة النظام السوري الهاربين. يتكلَّف بمهمة تأخذه إلى فرنسا، حيث يقتفي درب جلاده السابق ويتحتم عليه أن يواجهه، الفيلم هو العمل الأول لمخرجه، وافتتح مسابقة أسبوع النقاد، في مهرجان كان السينمائي، في دورته الأخيرة. ويتناول الفيلم التشيكي «أضواء صغيرة» للمخرجة بياتا باركانوفا والذي تم عرضه لأول مرة عالميًا في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي موضوعا انسانيا عائليا يروي بالكامل من وجهة نظر فتاة تبلغ من العمر ست سنوات، وهي الفتاة" أملكا"، التي يتم منعها من شجارعائلي، فتقضي فترة ما بعد الظهر في هدوء على البحيرة، مع أجدادها، وتعرف لاحقًا أن الضجة كانت بسبب خطة والدتها للانفصال والعيش كفنانة في براغ. أما المخرجة الفرنسية آن صوفي بايلي في فيلمها "مَن لا أفارقه" فتتناول موضوعا شديد الإنسانية، من خلال علاقة أم بابنها من ذوي الاحتاجات الخاصة، حيث تدور أحداث الفيلم حول مونا، وهي امرأة في الستينيات من عمرها، وتشعر الآن أنها في مرحلة من حياتها تريد فيها أن تبدأ في رعاية نفسها ولكن عندما يولد ابنها المعوق فجأة، تصبح لديها مسؤولية أخرى يجب أن تتعامل معها، فتعيش مونا مع ابنها جويل، الذي يُقال عنه "بطيء الاستيعاب"، يحب جويل زميلة عمله التي تعاني أيضًا من إعاقة، وعندما تعلم مونا بعلاقتهما، تتفكك الرابطة بينها وبين جويل..الفيلم شارك في مهرجان البندقية السينمائي الدولي، مسابقة آفاق عمل أول لمخرجته . في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة نجد فيلم "إحكيلهم عَنَّا" للمخرجة رند بيروتي وهو أنتاج ألمانيا، الأردن، السعودية، وتدور أحداثه في ألمانيا، حيث تشق مجموعة من المراهِقات العربيات والكرديات طريقهن وسط تعقيدات التمييز المُقنَّع والضغوط العائلية، وبجرأة يعرضن أحلامهن وصراعاتهن أمام الكاميرات، شارك الفيلم في مهرجان كوبنهاغن الدولي للأفلام الوثائقية،ومهرجان سالونيك الدولي للأفلام الوثائقية ، كعمل اول لمخرجته .. أما الفيلم السوري " ذاكرتي مليئة بالأشباح" للمخرج أنس زواهري في عمله الأول، فهو عبارة عن مرثية بصرية تستكشف واقعًا مُحاصَرًا بين الماضي والحاضر والمستقبل في مدينة حمص السورية. ومن خلف صورة السكان المنهَكين الباحثين عن حياة طبيعية، تبرز ذكريات مدينة يسكنها الدمار والفقد.. الفيلم شارك في مهرجان فيزيون دو ريل السينمائي الدولي، وحصل علي تنويه خاص في مسابقة الأفلام الدولية الطويلة وهناك الفيلم المصري "رفعت عيني للسما" الحائز علي جائزة العين الذهبية لأفضل فيلم وثائقي، ومسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي الأخير، وهو من إخراج ندى رياض، أيمن الأمير فتدور أحداثه ، في قرية نائية في جنوب مصر، تتمرد مجموعة من الفتيات على العادات فتُشكِّلن فِرقة من الفتيات فقط لأداء العروض المسرحية في الشارع.. ومن فرنسا فيلم "يتعلَّم " للمخرجة كلير سيمون ،تدور أحداثه في مدرسة ماكارينكو الابتدائية، يود الأطفال أن يتعلموا ويمرحوا، ويدرك الأساتذة أنهم لا يُدرِّسون المناهج فحسب بل يُعلِّمون قيم الحياة. يتدرب الأطفال لكي يصبحوا مواطنين صالحين وبشرًا أيضًا. في قسم الاختيار الرسمي "خارج المسابقة" هناك فيلم "إبريل" اخراج ديا كولومبيغاشفيلي ، انتاج إيطاليا، فرنسا، جورجيا ، والذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان البندقية السينمائي الدولي، بعد وفاة طفل رضيع أثناء الولادة، تصبح أخلاقيات واحترافية نينا طبيبة أمراض النساء والتوليد محل شك، وذلك في ظل انتشار شائعات حول قيامها بإجراء عمليات إجهاض غير قانونية للنساء اللاتي يحتجن إليها.. ويقدم المخرج الإيراني محمد رسول آف فيلم "بذرة التين المقدس"، الفائظ بجائزة خاصة من لجنة التحكيم، وجائزة فيبريسي في مهرجان كان السينمائي، ويتناول قصة "إيمان" الذي يحتفل بترقيته إلى قاضي تحقيق في محكمة الحرس الثوري بينما تبدأ الاحتجاجات العامة في إيران بعد وفاة شابة رهن الاعتقال. وحين يختفي سلاح إيمان فجأة، يزحف انعدام الاستقرار إلى أسرته.. وفي فيلم" قصة سليمان" للمخرج الفرنسي بوريس لوجكين والفائز بجائزة لجنة التحكيم وجائزة أفضل أداء تمثيلي في مسابقة نظرة ما بمهرجان كان السينمائي الأخير، على مدار يومين، يحاول سليمان، المهاجر الغيني غير الشرعي في باريس، التوفيق بين مسؤوليات عمله في توصيل الطعام بدرَّاجته وبين الاستعدادات اللازمة لجلسة مراجعة اللجوء.. وهناك الفيلم الذي فاز في مهرجان كان السينمائي،بجائزة أفضل سيناريو في المسابقة الرسمية،وهو الفيلم البريطاني "المادة" اخراج كورالي فارجا، تنحسر الأضواء عن النجمة الشهيرة إليزابيث سباركل بعد تقدُّم سنها، فتلجأ إلى عقار يحوِّلها إلى سو العشرينية الفاتنة، بشرط أن تكون إليزابيث لأسبوع وتتحول إلى سو في الأسبوع التالي، فما الذي قد يفسد الخطة؟ ، كما شارك في الفيلم في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي. وأخيرا الفيلم اللبناني" مشقلب" من إخراج لوسيان بورجيلي، بان فقيه، وسام شرف، أريج محمود ، في عرض عالمي أول، ويتناول أربع قصص قصيرة تتناول اضطرابات السنوات الأخيرة في لبنان، ترصد القصص الأثر النفسي الذي خلَّفه انهيار البلاد في جيل الشباب الذي يحاول حتى اليوم إيجاد طريقة لمواجهة كل هذا الظلم.