لم تعد الحروب تعتمد على وسائل الماضي من حمل السلاح وزرع القنابل بل يتم السعي دوما إلى تحقيق النصر والسعي وراءه بأي غاية، حتى ولو وصل الأمر إلى بث الفتن وإثارة كل ما يكدر الصفو العام. طوال العام الماضي، شاهد العالم أجمع ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلية من مجازر وصارت المشاهد المفتقرة للإنسانية أمرا عاديا يستيقظ العالم عليه يوميا وتحولت مدينة غزة بين ليلة وضحاها إلى أطلال مبان منهارة، وسيارات محطمة، ونازحون بالآلاف والأسوأ خسارة بشرية وصلت إلى 50 ألف شهيد، تنفيذا لعمليات عسكرية انتقامية حملت مسمى "السيوف الحديدية". اقرأ أيضا: خلال زيارته للبنان.. ماذا حملت وثيقة المبعوث الأمريكي لإنهاء الحرب؟ وبينما كان الجميع على موعد مع اقتراب ذكرى السابع من أكتوبر، انتقلت دفة المحتل من غزة إلى لبنان حيث بدأت هجمات غاشمة تستهدف الجنوب بزعم محاربة عناصر حزب الله، أسفرت عن اغتيال السيد حسن نصرالله زعيم الحركة والعديد من القيادات. وبالرغم من تحقيق العدو الإسرائيلي لهدفه المباشر في الجنوب إلا أن نيرانه باتت تتقدم نحو شمال لبنان، حيث لا مجال للنزاع ولا معاقل لحزب الله أو مخازن لأسلحته، فتلك المناطق تسكنها أكثرية مسيحية وسنة منهم من يختلف سياسيا مع نهج حزب الله، إذن فما الذي دفع المحتل الإسرائيلي إلى استهداف تلك المناطق؟ في هذا الصدد، يجيب على هذا التساؤل د. جمال واكيم، المحلل والأستاذ بالجامعة اللبنانية حيث أشار إلى أنه طوال العام الماضي استهدفت القوات الإسرائيلية المدنيين في غزة وأيضا في الضفة الغربية، فالعدو هنا لا يفرق بين مدني وعسكري وهو يريد ترويع المدنيين في إطار استراتيجيته في بث الذعر والترويع وفي نفس الوقت يحاول تعويض فشله في الميدان. أما فيما يتعلق بلبنان، فأشار د.واكيم، إلى أن استهداف مناطق خارج سيطرة حزب الله الهدف منها هو احداث حالة ترويع ومحاولة تقليب اللبنانيين ضد المقاومة وبث الفرقة بين اللبنانيين في إطار استهداف فئة معينة وهي الطائفة الشيعية حتى لو لجأت لأماكن بعيدة ليس لها علاقة بالقتال الدائر حتى يتم تقليب فئات الشعب الأخرى كالمسيحيون والمسلمون السنة ضد الشيعة والمقاومة. كما لفت إلى وجود محاولة لإحداث فتنة في هذا الإطار والرهان الحقيقي سيكون على وعي الشعب اللبناني لما يحاك له من قبل العدو.