تفتيش حرب الفرقة السادسة مدرعات الذى شرفه الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس عنوانه «تفتيش حرب القوة الرشيدة»، التى تتصرف بتعقل وترشد وتدبر، وهذا التعبير - عنوان المقال - كرره الرئيس فى هدوء وثقة واطمئنان. قوة لحماية السلام الذى تسعى إليه مصر، دون أجندات خفية، لمكافحة الكراهية وإعطاء الشعب الفلسطينى حقه فى دولته وإنهاء الصراع وفتح آفاق التعاون لجميع شعوب المنطقة. القوة الرشيدة التى تكبح جماح حافة الهاوية التى تتبعها إسرائيل، وهى تتعمد الوصول بالمنطقة كلها إلى حروب اقليمية لا تنتهي، فى ظل الفوضى المدعومة من المجتمع الدولى متبلد المشاعر والأحاسيس والعاجز عن اتخاذ قرارات إنسانية، وصار التواطؤ بالصمت سياسة دولية إزاء حرب الإبادة الإسرائيلية، التى تفوق ما فعله النازي، ولا سبيل لمواجهة القوة الظالمة إلا بالقوة الرشيدة. القوة الرشيدة فى مواجهة القوة الغاشمة المدعومة بقرارات أمريكية ظاهرها الخداع وباطنها التآمر، وأفقدت أمريكا مصداقيتها ولم يعد أحد يصدق ما يصدر عن قادتها من تصريحات متناقضة، تنطق بلسان إسرائيل وتنفذ سياستها، مع رتوش باهتة لتجميل صورتها. والوضع الشائك فى المنطقة يجعل الدول العربية فى أمس الحاجة إلى موقف يمثل «الحد الأدنى» من كافة الأطراف بضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وأن تخرج رسالة للعالم بأنه لا سلام ولا تطبيع إذا استمر توسيع الصراع، وعدم الصعود بالمنطقة إلى الهاوية. الحد الأدنى للموقف العربى فى هذه الظروف هو أن تعلم إسرائيل أنها لن تنعم بالحياة الطبيعية مع جيرانها دون وقف الحرب الهمجية، وهى نقطة البداية نحو السلام البعيد الذى يتطلب حسن النوايا وكبح رغباتها الوحشية، فى قتل شعب بأكمله وطرده من أرضه. مخطئ من يتصور أن القوة العسكرية تحقق الأمن لإسرائيل، فمنذ ثلاثة أرباع القرن وهى تستعرض قوتها ولم تصل إلى أمن واستقرار، وستظل كذلك فى محيط عربى مشحون بالكراهية، ولن يكون المستقبل فى صالحها. حذرت مصر منذ البداية بأن الحلول العسكرية والأمنية، لن تكون قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن، فإسرائيل لن تستطيع القضاء تماماً على المقاومة، حتى لو نجحت فى ضرب قوة حماس العسكرية، فسوف يتخذ الكفاح المسلح أشكالاً أخرى لن تكون فى حسبان إسرائيل، مثلما فوجئت بأحداث «طوفان الأقصى». الحلول العسكرية والأمنية لن تحقق السلام والأمن لإسرائيل، وهى تستخدمها منذ إعلان قيامها، ولم تحقق لها الحياة المستقرة وسط المحيط العربي، ولن يقبل مواطن عربى أن يصافح أيدى ملوثة بالدماء والقتل والجرائم الوحشية. الحصاد سيكون قاسياً على إسرائيل من جيل الكراهية، الذى عاش مأساة مروعة لم تشهد البشرية مثلها، لجيش احتلال جبان يتباهى بقتل النساء والأطفال، ويعتبر ذلك بطولة وانتصاراً، وستظل المآسى محفورة فى الذاكرة، حتى يحين وقت الثأر والانتقام.