■ كتب: مفرح دويدار يستعد الاتحاد الأوروبي لتطبيق آلية جديدة لتعديل ضريبة الكربون بحلول عام 2026، وهى خطوة تمثل تحولاً جذرياً فى مشهد التجارة العالمية، مما يضع الصادرات العالمية أمام تحديات جديدة وفرص واعدة على حد سواء، حيث تهدف تلك الآلية إلى الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي. وبينما تمثل الآلية الجديدة تحدياً كبيراً، يرى بعض رجال الأعمال والخبراء أنها قد تكون أيضاً حافزاً للابتكار والتحول نحو تقنيات إنتاج أكثر استدامة، كما أكدوا أن الشركات المصرية يمكنها الاستفادة من هذا التحول العالمي نحو اقتصاد أكثر إخضراراً. ◄ دعوات لدعم حكومي ومصر جاهزة بالتحول للاقتصاد الأخضر ◄ خبراء: ضريبة الكربون الأوروبية حافز للابتكار في الصناعة المصرية أوضحت د.سحر البهائي، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز التخطيط والتنمية البيئية بمعهد التخطيط القومي، أن آلية الاتحاد الأوروبى الجديدة لتعديل ضريبة الكربون، والمقرر تطبيقها بشكل كامل بحلول عام 2026، تهدف إلى منع الشركات الأوروبية من نقل الإنتاج عالى الانبعاثات خارج الاتحاد الأوروبي، وتشجيع الشركات غير الأوروبية على خفض انبعاثات الكربون. وأضافت البهائى أنه من بداية عام 2026 سيُطلب من المستوردين شراء شهادات وفقًا لانبعاثات الكربون المصاحبة للمنتجات مما يعنى فرض ضريبة فعلية على السلع عالية الانبعاثات من الدول غير الأوروبية. وأكدت د.البهائى أن هذه الآلية تهدف إلى الحد من منافسة المنتجات المستوردة للمصنعين المحليين فى الاتحاد الأوربى بالإضافة إلى دعم جهود الاتحاد الأوروبى لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 55% خلال العقد الحالى مقارنة بمستويات عام 1990، وتحقيق الحياد المناخى بحلول عام 2050. وفيما يتعلق بتوافق الآلية مع القوانين الدولية، أوضحت البهائى أنه روعى عند تصميم آلية (CBAM) أن تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية، حيث تضمن عدم التمييز فى سعر الكربون بين المنتجات المستوردة والمحلية وهذا يعزز من سياسات المناخ التى يتبناها الاتحاد الأوروبى مما يحد من نقل الإنتاج الى بلدان أخرى لديها معايير بيئية أقل صرامة أو اللجوء إلى استيراد المنتجات كثيفة الكربون. ◄ الصادرات المصرية وبالحديث عن التأثير المتوقع لآلية الاتحاد الأوروبى لتعديل حدود الكربون على الصادرات المصرية، اكدت أن الاتحاد الأوروبى يعد من أهم الشركاء التجاريين لمصر، حيث بلغ إجمالى صادرات مصر حوالى 52.1 مليار دولار عام 2022 منها حوالى 19.0 مليار دولار للاتحاد الأوروبي، مما سيتعين على الشركات المصرية أن تكثف جهودها لإزالة الكربون من منتجاتها للحفاظ على وجودها فى أسواق الاتحاد الأوروبي، كما سيتعين على المصدرين المصريين إخطار المستوردين فى الاتحاد الأوروبى بحجم انبعاثات الكربون فى صادراتهم وهو الأمر الذى سيتطلب استثمارات من جانب المنتجين حتى يتم اعتماد بياناتهم من قبل استشارى مستقل..واكدت البهائى ضرورة استعداد الصناعة المصرية لهذه التغييرات المهمة داعية إلى تبنى استراتيجيات فعالة لخفض الانبعاثات والاستثمار فى التكنولوجيا النظيفة للحفاظ على القدرة التنافسية فى الأسواق الأوروبية. ◄ اقرأ أيضًا | من زمن الفأس إلى الاقتصاد الأخضر.. محلاها عيشة الفلاح ◄ تطوير وابتكار وحول آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) وتأثيرها على الصناعات المصرية أوضح المهندس خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية فى اتحاد الصناعات المصرية ان آلية تعديل حدود الكربون التى يطبقها الاتحاد الأوروبى تمثل تحديًا كبيرًا للصناعات المصرية خاصة فى قطاع الكيماويات والأسمدة ومع ذلك فإننا نرى فى هذا التحدى فرصة للتطوير والابتكار. وأضاف أبو المكارم أن هناك تحديات تواجه القطاع الخاص منها تكلفة الامتثال للمعايير البيئية الجديدة، حيث سيتطلب ذلك استثمارات كبيرة من أجل تحديث تقنيات الإنتاج (تكنولوجيا النظيفة) لتقليل الانبعاثات وتوفير البنية التحتية المناسبة وسيكون هناك تكاليف إضافية مرتبطة بانبعاثات الكربون، حيث سيتعين على الشركات دفع رسوم إضافية لتغطية انبعاثات الكربون المصاحبة لعمليات التصنيع مما يزيد من تكلفة الإنتاج والتصدير وهو ما قد يحد من القدرة التنافسية فى الأسواق الدولية نتيجة أن الشركات الملتزمة بالمعايير البيئة قد تواجه شركات لديها تكاليف إنتاج أقل. وأكد رئيس المجلس التصديرى أن القطاع الخاص يتطلع إلى مساعدات أكثر من الحكومة للتغلب على تلك التحديات من بينها الدعم المالى بهدف امتلاك تقنيات جديدة تتواكب مع المتطلبات البيئية الجديدة بالإضافة إلى تيسير إجراءات التصدير وتبسيط عملية الحصول على شهادات الامتثال البيئى لتسريع عملية التصدير. وأشار أبو المكارم إلى أن المجلس قام بمساعدة الشركات فى مجال الكيماويات والأسمدة من خلال تقديم برامج تدريبية واستشارية مكثفة وعقد ورش عمل وحلقات نقاشية لتزويد الشركات بالمعرفة اللازمة حول الآلية الجديدة.. وأوضح أبو المكارم أن هناك فرصًا كبيرة يمكن الاستفادة منها مثل التحول نحو التكنولوجيا النظيفة وتحقيق التميز التنافسى فى الأسواق العالمية والاستفادة من برامج التمويل الدولى والمحلى المخصصة لدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، كما أن هناك إمكانيات واعدة فى مجال الابتكار فى المنتجات وتطوير أسمدة منخفضة الكربون مما يبنى سمعة قوية للمنتج المصرى فى الأسواق العالمية ويفتح أسواقًا جديدة.. وطالب أبو المكارم بضرورة تعزيز الشراكات مع المؤسسات الدولية مثل الاتحاد الأوروبى ومنظمات الأممالمتحدة المتخصصة فى البيئة والاستدامة بهدف تبادل الخبرات وتقديم الدعم الفنى وتيسير الوصول إلى الأسواق العالمية وزيادة التنسيق مع المؤسسات الدولية والمالية لتوفير حوافز وتسهيلات تمويلية للشركات..وأضاف أبو المكارم أننا على ثقة بأن الصناعة المصرية قادرة على تحويل هذه التحديات إلى فرص للنمو والتطور وسنواصل العمل مع كل الأطراف المعنية لضمان استمرار تنافسية منتجاتنا فى الأسواق العالمية. ◄ انبعاثات الكربون أشار شريف الجبلى رئيس غرفة الصناعات الكيماوية فى اتحاد الصناعات إلى أن هناك معايير معينة لانبعاثات الكربون لكل صناعة من قبل الاتحاد الأوروبى من المفترض عدم تجاوزها وأنه سيتم تطبيق البصمة الكربونية بحلول عام 2026. وحول أثر البصمة الكربونية على الصادرات المصرية أكد الجبلى أنه سيكون لها تأثير إذا تم إضافة ضريبة ويتوقف ذلك على نوع الصناعة ومستوى الانبعاثات الناتجة منها.. وأضاف الجبلى أننا نعمل على خطط تهدف إلى توافق منتجات المصانع مع المعايير البيئية الجديدة مما يستلزم مزيدًا من الاستثمارات، وأكد أن وزارة البيئة تعمل على هذا الملف مع المصانع، كما نسعى خلال الفترة القادمة للحصول على دعم من البنك الأوروبى للتعمير ومؤسسات مالية أخرى بهدف دعم هذا الأمر.. وأشار الجبلى إلى أن غرفة الصناعات الكيماوية تعقد ندوات بمشاركة وزارة البيئة و البنك الأوروبى للتعمير وغيرها، كما قامت بتنفيذ ندوات تعريفية بالمعايير التى وضعها الاتحاد الأوروبي. ◄ الاقتصاد الأخضر من جانبه، أكد على عبد الرؤوف الإدريسي، أستاذ الاقتصاد أن الاشتراطات الجديدة للاتحاد الأوروبى الهدف منها تقليل انبعاثات الكربون كإحدى خطوات التحول إلى اقتصاد أخضر وهو ما يتوافق مع ما اتخذته الحكومة من إجراءات بهدف التحول إلى اقتصاد أخضر. وأشار الإدريسى إلى أن الاشتراطات البيئية الجديدة للاتحاد الأوروبى ستزيد من تكاليف الإنتاج لتصبح المنتجات متوافقة مع مواصفات الجديدة. وطالب الإدريسى بتقديم الدعم اللازم من الدولة لهذه الصناعات وأيضا من البنك الدولى وغيرها من جهات التمويل الدولية ونوه إلى أن هذه الاشتراطات يمكن ألا تقتصر على السوق الأوروبى فقط خلال الفترة المقبلة، حيث يمكن أن تمتد إلى أسواق أخرى فى العالم فى ظل الاهتمام العالمى بقضايا البيئة والتغيرات المناخية..وأكد الإدريسى أن الفترة القادمة تتطلب أن يكون هناك تعاون أكبر مع المنظمات الدولية لتقديم التمويلات اللازمة وتبادل الخبرات وأن تقدم الدولة دعمًا أكثر للصادرات لتصبح المنتجات متوافقة مع المعايير البيئية الجديدة مما يزيد من فرصة نفاذ المنتجات المصرية إلى الأسواق العالمية وفتح أسواق جديدة. وحول أثر المعايير البيئية على التجارة العالمية أضاف الإدريسى أن الفترة المقبلة ستكون فرصة للمنتجات التى تتوافر بها ميزة تنافسية على مستوى الجودة والسعر والمعايير الدولية والتى أصبح على رأسها انخفاض أقل فى مستوى الكربون والدول التى لم تلتزم بتلك المعايير ستذهب منتجاتها إلى أسواق أخرى مما سيؤثر سلباً على صادراتها، فكل معايير دولية جديدة يمكن أن تؤثر على التجارة العالمية وخاصة صادرات الدول النامية.