قبل أيام، اختتمت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعمالها، والتي يلتقي خلالها قادة العالم ليستعرضوا مواقفهم وأفكارهم اطروحاتهم. علي هامش الجمعية أيضا يعقد قادة العالم، لقاءت ومشاورات دورية حول ما يستجد على الساحة العالمية من قضايا ومشاكل بحثا عن حلول قد تتفق عليها الدول – وهو أمر غالبا لا يتحقق لتضارب المصالح خاصة بين الدول الكبرى. وهي نفس المنظمة الدولية التي اتخذت قبل ما يزيد عن 75 عاما قرار إنشاء دولة إسرائيل، على الأراضي الفلسطينية، بالقرار رقم 181، الذي نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين: دولة يهودية ودولة عربية، مع تدويل مدينة القدس. وفي الدورة الأخيرة التي تحمل رقم 79، خيم شبح الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية على معظم كلمات القادة. لكنها في النهاية ما هي إلا كلمات لا تغني ولا تشبع من جوع. أو توقف شلال الدم والصراع المحتدم من جراء القرار رقم 181، والذي ترتب عليه بعد كل هذه السنين استمرار الصراع بين الطرفين. ومؤخرا بعد 7 من أكتوبر 2023، احتدم الصراع وأدي إلى قتل ما يقرب عن استشهاد 41802 فلسطيني فضلا عن الإصابات. تلك المعضلة الإنسانية تدفعنا للتساؤل ماذا حل بالمنظمة الدولية التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية في عام 1945 بهدف منع النزاعات الدولية وتعزيز السلام العالمي، والاهتمام بقضايا الأمن الدولي، حقوق الإنسان على مستوى عالمي. لماذا صارت المنظمة الدولية هشة لدرجة ألا يعتد العالم بقرارتها ولا تقيم لها بعض الدول وزنا فيما تصدره من قرارات؟ ألم يحن الوقت للنظر في إصلاح المنظومة الأممية وتطويرها لتصبح أكثر كفاءة! ألم يحن الوقت لإجراء تغييرات جوهرية على هيكلها وعملياتها. لتحقق مستوى متقارب مع الاتحاد الأوروبي الذي يُعتبر نموذجًا متقدماً للتكامل الإقليمي! ألم يحن الوقت، ليتمتع مجلس الأمن أبرز أجهزة الأممالمتحدة، بسلطة اتخاذ قرارات ملزمة للأعضاء. والتمثيل العادل بين الأعضاء بدل الخمس دول فقط أصحاب المقاعد الدائمة وحق النقض (الفيتو). لاسيما بعد التغيرات الجيوسياسية التي حدثت منذ الحرب العالمية الثانية. لضمان أن القرارات لا تعيقها المصالح الضيقة! ألم يأت الوقت بعد، لتصبح للجمعية العامة دورا أكبر في صنع القرار، وأن يُسمح بمزيد من المشاركة الفعالة للدول الأعضاء الأصغر.! ألسنا في حاجة إلى وجود آليات أكثر فعالية ومرونة لحل النزاعات الإقليمية والعالمية. فضلا عن تطوير محكمة العدل الدولية لتصبح ملزمة بشكل أكبر وتنفيذ قراراتها بشكل أكثر حزمًا ليساعد في منع النزاعات وحلها. الأممالمتحدة، مثل أي مؤسسة دولية كبيرة، تعاني من البيروقراطية المفرطة لتطويرها، يجب إعادة النظر في تبسيط عمليات اتخاذ القرار وتقليل التعقيدات الإدارية، لضمان تحسين الكفاءة الإدارية وتقديم تقارير أكثر دقة حول الأداء والانجازات. في النهاية، تحتاج الأممالمتحدة إلى سلسلة من الإصلاحات الهيكلية والإجرائية لتصبح أكثر تماسكًا وفعالية على الساحة الدولية، خصوصا في مجالات الديمقراطية، الشفافية، التعاون الإقليمي والاقتصادي، كل هذه الإصلاحات من شأنها أن تساعد على تطوير الأممالمتحدة لتلعب دورًا أكبر في تحقيق السلام والأمن والتنمية المستدامة عالميًا.